الاثنين، 28 ديسمبر 2015
علي عبدالله صالح وأرواحه السبع عبدالله زغيب
علي عبدالله صالح وأرواحه السبع
ع ع
عبد الله زغيب
في اليمن، إما أن تكون السريحي أو العرشي أو أن تكون صالح. هكذا أثبتت دورة النخب على دمويتها طوال العقود الماضية في البلد المتهم زوراً بالسعادة. هناك في صنعاء معطوف عليها موروث عدن، لا يُزفّ كرسي الرئاسة إلا لميت أو لمنسحب أو لصاحب يد حديدية وراقص بين الألغام قبل الثعابين. فالرئيس اليمني بين عامي 1974 و1977 إبراهيم بن محمد الحمدي السريحي، شكل من خلال اغتياله مع شقيقه عبدالله، قائد قوات «العمالقة» ذائعة الصيت، تجربة الرحيل الأولى بالقتل التي شهدها رأس القيادة في صنعاء. بينما كان عبد الكريم عبد الله العرشي أحد أبرز الرؤساء الراحلين من سدة الرئاسة من دون حمام دم بين الحلفاء. اذ لم يبقَ في القصر سوى بضعة شهور عقب توليه السلطة في إثر اغتيال رئيس آخر هو أحمد الغشمي.
أما علي عبدالله صالح فقد جاء بديلاً قوياً لرؤساء خمسة مروا على اليمن منذ الثورة على حكم الإمامة الزيدية المتوكلية، والتي تحوّلت حرباً أهلية بامتياز بين عامي 1962 و 1970.
الرئيس السابق والمشير علي عبدالله صالح جمع ظواهر الدورة الرئاسية اليمنية التاريخية الثلاث بطريقة أو بأخرى. فالرجل شكّل النموذج الوحيد للزعيم القوي والقادر على تدوير الزوايا واستثمار التناقضات. عرف مكامن القرار في التركيبة القبلية لمناطق الشمال والوسط، فأمسك بزمام المبادرة في كل مناسبة اقترب فيها من حافية الهاوية، وأيقن بعد صراعاته مع اليمن الجنوبي ثم الوحدة ثم حرب العام 1994 أن الطريق الى عدن لا يمكن أن يبقى معبّداً إلا بأيدٍ جنوبية، وإن فتحته في بادئ الأمر دبابات «الشمال». وإلى جانب حسن إدارة «صراعات البقاء في السلطة»، فقد طالت الرجل وصفة الموت الرئاسي التي عاد منها منهكاً. فقد كانت محاولة اغتياله في أعقاب «ثورة الشباب» أشبه بالقتل السياسي المؤجَّل، حيث لم تكن الجمعة الشهيرة تلك يوماً مخصصاً لما سماه أنصار صالح «الأمن والأمان». إذ طالت زعيمهم يد الاغتيال غير «الموفقة» في مسجد النهدين في الثالث من تموز 2011. ومنها بدأ التأسيس لدخول الزعيم اليمني في التصنيف الثالث من دورة الرؤساء. فكان آخر زعماء اليمن الراحلين وهم على قيدٍ غير قيدِ الموت.
صالح لم يمت. ربما لم يكن بإمكانه الصراخ بشكل درامي أمام العالم معلناً تأجيل ساعته إلى حين غير معلوم. إلا أنه استعاض عن القول بالفعل، وأظهر للقريب والبعيد أن حالة السبات التي ظهر عليها خلال الأعوام الثلاثة التالية لعملية النهدين، كانت ضرورة أساسية من أجل دراسة رد الفعل بمقتضى المتغيّرات، بما فيها من أوزان جديدة تفرض تحالفات جديدة. وهي قراءة مغايرة بالأسلوب والشكل عما اعتاد عليه طوال سنوات حكمه. فكان العام 2015، مضافاً إليه الربع الأخير من العام الماضي، البدايةَ الجديدة لصالح في ما تبقى من حياته السياسية والعسكرية، وإن بأرضية وعناصر قديمتين. فالأوراق المبعثرة التي سقط عليها بفعل موجة الصدم المصاحبة لقنبلة الاغتيال ثم اهتزازات زلزال «المبادرة الخليجية»، جعلت منه شخصية أكثر استعداداً للعودة الى الميول الأصلية في البناء السياسي اليمني. فكان حمائياً بامتياز، وراديكالياً بشكل لم يعهده من قبل. هكذا امتطى صهوة الحدث المنطلق من صعدة الى عدن مروراً بصنعاء، للعودة إلى الجذور والتقرب أكثر من تناقضات الأرض، بمعزل عن رفاهية الرقص على رؤوس الثعابين التي تغنّى بها طوال عقود حكمه المليئة بالصراعات والحروب.
أدرك الرئيس علي عبدلله صالح ما لم تدركه السعودية وحلفاؤها في الخليج العربي من المنخرطين في المعترك اليمني. فهو الزعيم الذي «امتهن» إدارة اليمن، وعرف مَواطن الخلل على كثرتها، برغم فشله في تغطية الثغرات في الكثير منها، بل ربما تسبّبه بالعديد من المآسي، خاصة سلسلة الأخطاء التاريخية في التعاطي مع «القضية الجنوبية»، وبالتحديد منذ انتهاء حرب الزعيم الجنوبي علي سالم البيض الانفصالية العام 1994. فصالح بالأساس كان دوماً الرجل الممسك بالشارع والجبل والصحراء، فيما كان للمنخرطين من الخارج قراءة مختلفة تماماً، قوامها «فوقي» بامتياز، حيث يعتمد بناء القرار، كما كان واضحاً في عملية «عاصفة الحزم»، على حساب الفارق الكبير في القوة النارية والقدرة الاقتصادية وطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية.
شهد صالح منذ «ثورة الشباب» مرحلة لا يمكن لأمثاله من القادة أن يعتادوها أو حتى أن يتوقعوها. فبرغم وصوله للسلطة من رحم الصراعات والانقلابات والثورات والاغتيالات، إلا أن فترة الهدوء الطويلة التي عاشها بشكل نسبي في صنعاء، ساهمت في خلق منطقة عازلة بين القائد المتربص لأعداء الصف الواحد، والقائد الراكن لهدوء المسيرة السياسية. ما أوجد سردية مختلفة في مخيلته عما يدور عادة في أذهان القادة في «طور الصعود»، وباتت قيادات يمنية تقليدية من مشايخ آل الأحمر وجنرال الحرب علي محسن والزعيم القبلي الشيخ أمين عاطف وقبائل تعز ومأرب وغيرها، تحصيلاً حاصلاً في تقييمه الدوري لسلة الحلفاء والخصوم. وقد ساهمت حروبه الستة مع الحوثيين في ترسيخ هذه القناعة لما أظهرته شخصيات كعلي محسن من «إقدام» على استخدام العنف في المعارك، «كلّلها» بتوجيه الأوامر مباشرة للعميد اليمني الجنوبي ثابت جواس بإعدام الزعيم الحوثي التاريخي حسين بدر الدين، الأخ الأكبر لزعيم «أنصار الله» الحالي عبدالملك الحوثي. وهذه مراحل وأحداث ساهمت في تكريس وعي صالح لعناصر قوة ثبت بطلانها بالتجربة العملانية وعدم صلاحيتها في حمايته سياسياً واجتماعياً وحتى أمنياً.
عندما انضم آل الأحمر الى السلفيين و «الإصلاحيين» في الحراك الشعبي بداية «ربيع اليمن»، وعندما وصل التخلي عما اعتبره الجميع الضحية الاولى لـ «الربيع» المزعوم ذاك، حدّ المناداة بقتل علي عبدالله صالح، وهو ما كاد أن يحصل، أطلق الرجل جردة حساب استمرت أعواماً، وظهرت نتائجها منذ دخول الحوثيين إلى صنعاء في أيلول من العام الماضي. فبمعزل عن مخرجات الحوار و «المبادرة الخليجية» وكل شعارات مرحلة ما بعد صالح، كان الرجل قد أعدّ عدة الأرض قبل مجالس تخزين القات، لاستحضار الحوثيين الى قلب المعترك اليمني، معتمداً على قوة الدفع الهائلة التي يحركها طموح «أنصار الله» في أخذ حصة تليق بحجمهم العسكري والاجتماعي في يمن عبدربه منصور هادي، ورغبة رعاتهم الإقليميين بتوجيه ضربة موجعة للسعودية، خاصة بعد اقتناع الرياض بأن الأمور قد هدأت، وبأن صنعاء أصبحت من ضمن العناصر «المريحة» في منظومة الأمن القومي الخاصة بها.
قرأ صالح طموح صعدة، وأدرك وهن صنعاء، حيث تركت «المبادرة الخليجية» في قصرها رئيساً ضعيفاً بخلفية شعبية هشة. فكان منصور هادي ضيفاً ثقيلاً على «الشماليين»، ورئيساً مفروضاً على جنوب لطالما اعتبره خارجاً عليه وعلى مشروعه «الوطني»، منذ تحالفه مع صالح في وجه علي سالم البيض، وتوليه شخصياً تنفيذ قانون مشابه لـ «اجتثاث البعث» في العراق، بحق «الجنوبيين» المنضوين تحت لواء جيش الجنوب السابق. ومن هذه القراءة، انطلق الرجل في عملية استثمار عناصر القوة المتبقية. فاستخدم ثقله كاملاً في لجم الجيش، ما أمكن، عن مقاومة السيطرة الحوثية على غالبية المناطق. وساهم في تسليمهم معسكرات كاملة وأسلحة حديثة، خاصة تلك التي حصل عليها من الأميركيين لحساب الحرس الجمهوري. فصالح، ومنذ الاشتباكات في منطقة أرحب ونهم بداية «ثورة الشباب»، والقتال العنيف في العاصمة صنعاء ضد المسلحين التابعين للشيخ صادق الأحمر، أطلق عملية سريعة استباقية لهيكلة الحرس الجمهوري بألويته الـ17. وكان من أبرز صورها التضييق على ضباط وجنود مشكوك في ولائهم، حتى اضطروا لمغادرة المعسكرات، وتحوّلوا وقتها نجوماً على القنوات الخليجية باعتبارهم «منشقين» عن صالح. وقد أسهمت هذه العملية في تسهيل ابتلاع الحرس والمقربين في الجيش لمحاولات إعادة الهيكلة التي سعى لتطبيقها فيما بعد الرئيس عبد ربه منصور هادي فور توليه الحكم.
ومع انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، ساهم صالح في توجيه الجيش اليمني عبر سلسلة أوامر جديدة، وعقيدة قتالية أحياها من ذاكرة القوات المسلحة، تقوم بالأساس على الهوية اليمنية «الشمالية» بامتياز، فيما عمل على الأرض بالتوازي مع مجهود الحوثيين على لمّ شمل المكوّن الزيدي في مواجهة تغلغل السلفيين و «الإصلاح» في المحافظات الشمالية. وكان دوره واضحاً في تحقيق المصالحة بين حاشد و «أنصار الله» في شباط الماضي، في انقلاب واضح من أكبر قبائل اليمن على زعامتها التاريخية المكونة من آل الأحمر. وبهذا استكمل الأرضية اللازمة لـ «صمود» الانقلاب الحوثي ومواجهتهم للحرب السعودية في تركيبة ثلاثية قائمة على تنسيق التحالف «الزيدي» واستثمار الأحلاف القبلية التاريخية، والحفاظ ما أمكن على بنية الجيش اليمني.
الأربعاء، 2 ديسمبر 2015
الأربعاء، 18 نوفمبر 2015
الشرق اﻷوسط انتهى :حروب جديدة ترسم معالم المنطقة ..ريتا فرج
الشرق الأوسط انتهى: حروب جديدة ترسم معالم المنطقة
ع ع
ريتا فرج
لم يستبعد المتخصصون في الدراسات المستقبلية (Futures studies) سيناريو تفكك العالم العربي. ظلت هواجس التجزئة، الأشد خطورة، حاضرة في موازاة سيناريوات أخرى أقل سوداوية، تراوحت بين ثبات الأنظمة العربية المأزومة في جغرافية عربية مترامية الأطراف، وُصِفت بـ «المنطقة الميتة سياسياً»، وبين إمكان النهوض من ربقة التخلف والاستبداد السياسي والديني. لا يتوانى المراقب حين يتأمل الأحداث الكارثية الجارية منذ أربع سنوات، عن استجلاء مستقبل قاتم للمنطقة العربية، ترسمه الطوائف والمذاهب المعسكرة، في مشهد اقتتالي حدوده النزاعات الدامية ومخاوف الأقليات والأكثريات على حد سواء. إننا في عمق الاستئصال العربي الذي محوره حرب الجميع ضد الجميع.
ليس خافياً على أحد، أن الاضطرابات السياسية الراهنة المصحوبة بالتجييش الدموي: الطائفي والمذهبي، المدعوم إقليمياً، تستمد قوتها من مقومات بنيوية متجذرة، حيث ان ظواهر التفكك وآلياته المدمرة للأوطان والذاكرات والحضارة والتاريخ، إنما هي نتاج أزمات متراكمة في المجتمع والسياسة والثقافة والدين. وبعدما تمادت الأنظمة العربية في توطيد عرى الاستبداد المباشر والمقنع، تحت شعار الأحادية السياسية، والحكم المطلق، وتجويف المجتمعات من الداخل، ومنع الاصلاح، وجدت نفسها أمام انفجار داخلي شديد التشظي، مرده عاملان: الأول، تراكم الفشل السياسي في إدارة رشيدة وحداثية للدولة والمجتمع، والثاني، تفشي أنماط العنف الديني في بيئات مقهورة.
في مؤتمر نظمته جامعة «جورج واشنطن» أواخر الشهر الماضي، أكد مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، أن الحرب في سوريا والعراق تُنذر بتغيير في خريطة المنطقة، وأن الشرق الأوسط الحالي «انتهى إلى غير رجعة»، من دون أن يستبعد استقرار المنطقة في المستقبل لكنها «في مطلق الأحوال ستكون مختلفة عن تلك التي رُسمت بعد الحرب العالمية الثانية». ولفت نظيره الأميركي جون برينان إلى «أن العراق وسوريا لن يستعيدا أبداً حدودهما الحالية (...) وعندما أنظر إلى الدمار في سوريا والعراق وليبيا واليمن، يصعب عليّ أن أتخيّل وجود حكومة مركزية في هذه الدول قادرة على ممارسة سيطرة أو سلطة على هذه الحدود التي رُسمت بعد الحرب العالمية الثانية». وفي إطار أعمال ندوة «مستقبل التغيير في الوطن العربي» عقدها «مركز دراسات الوحدة العربية» و «المعهد السويدي في الإسكندرية» ما بين 9 و12 تشرين الثاني الحالي، كان لافتاً ما أدلى به بيتر ودورد مدير المعهد السويدي عن أن منطقة الشرق الأوسط «تعاني نزاعات هي الأكبر منذ الحروب الصليبية».
ترسم حدود المنطقة العربية، في قلب الشرق الأوسط القديم أو الجديد، حروب الاستنزاف، المشفوعة بخريطة الطوائف والهويات المتناحرة. يشهد العالم العربي، لا سيما في بؤر النزاع الأهلي والجهادي، ما يطلق عليه الخبراء «الحروب الجديدة» التي تبلورت في القرن الحادي والعشرين، لتمييزها عن الحروب التقليدية القائمة بين الجيوش النظامية التي تخوضها دولتان أو أكثر. تمحورت أهداف الحروب القديمة حول نشر أيديولوجيات معينة مثل الديموقراطية أو الاشتراكية، أما الحروب الجديدة، فهي تخاض باسم الهوية، وغالباً ما تكون دينية أو إثنية أو قبائلية، وترمي إلى سيطرة مجموعة معينة، محلية أو إقليمية على الدولة، كما أن الحروب القديمة ارتبطت بفكرة بناء الدولة والمحافظة عليها، في حين لا تؤدي «الحروب الجديدة» إلاّ إلى هدم الدولة ونشر الفوضى والتطرف». (راجع: حياة الحريري، حروب القرن الحادي والعشرين عنوانها الهوية: دمار وفوضى وتطرف، جريدة الأخبار اللبنانية، 30 كانون الثاني، 2014).ن
تُعد الحركات التكفيرية وفي طليعتها فرق الموت القاعدي والداعشي إحدى أهم أذرع الحروب الجديدة في الشرق الأوسط، حيث يعمد التكفيريون إلى استنزاف الدولة في صراع دموي غير متكافئ، يسمح بفقدان السلطة الرسمية الحاكمة لمساحات من أراضيها لمصلحة تمدد العصابات الجهادية التي تستند إلى عمليات الكر والفر.
أطلق المحللون الاستراتيجيون في الولايات المتحدة الأميركية ومن بينهم ويليام ليند (William S. Lind) مصطلح «الجيل الرابع من الحروب» (Fourth-Generation Warfare) للمرة الأولى العام 1989، في إشارة إلى «الحرب اللامتماثلة» لوصف عودة الحرب إلى شكل «اللامركزي»، ما يؤدي إلى دخول الدول القومية في اقتتال مع عناصر ومجموعات ترتكز على وسائط قتالية في عصور ما قبل الحديثة. ومن سمات حروب الجيل الرابع الإبقاء على الصراع المسلح، بينما الحرب التقليدية كانت تنتهي بهزيمة أحد الأطراف وانتصار آخر. ومن مواصفات هذا النمط الاستهداف المقصود للمدنيين، وتأطير البيئات الاجتماعية الحاضنة لجماعات العنف الديني، كما يجري في بعض المناطق التي تسيطر عليها «داعش» في سوريا والعراق.
يتناول كتاب Issues in 21st century world politics «قضايا في السياسة العالمية في القرن الحادي والعشرين» الصادر عن دار Palgrave Macmillan, 2010 في أحد فصوله «الحروب القديمة والجديدة»، ويشير إلى تراجع الحرب التقليدية نتيجة مؤثرات العولمة وصراع الهويات، لافتاً إلى مخاطر تمدد الميليشيات التي توجه سلاحها ضد الجيوش النظامية والمدنيين، ومحدداً مصادر تمويلها من خلال النهب والسرقة وخطف الرهائن وتهريب السلاح والمخدرات والوقود وغسل الأموال.
يخوض «مقاولو» الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا واليمن وليبيا، حرباً طويلة الأمد ضد الدولة والمجتمع في اتجاه خطر نحو خصخصة الأمن (نحيل على: خصخصة الحروب: الشركات المتعددة الجنسية والمحاربون المرتزقة، في: أوضاع العالم 2015: الحروب الجديدة، مجموعة باحثين مؤسسة الفكر العربي، ترجمة: نصير مروة). وفي هذا السياق خلص يزيد صايغ (باحث أول في «مركز كارنيغي للشرق الأوسط») إلى أن «الحرب ليست عملية انحلالية أو تفسُّخية فحسب، إذ تخوض أنواعٌ جديدةٌ من الجماعات المسلحة، غير الدول، الحربَ بطرق لا تؤدي فقط إلى إعادة تركيب الدول الوطنية (أي القُطرية) القائمة، بل وتساهم في بناء كيانات سياسية بديلة تستند إلى أواصر وهويات اجتماعية – ثقافية دون الوطنية أو فوقها، أكانت حقيقية أم مُتخيَّلة». ويرى صايغ أن هذا النمط من الحروب «ليس مجرد ردّ مألوف على ما عُرف بالدولة الفاشلة، في عقد التسعينيات من القرن الماضي، فالجماعات المسلحة الجهادية أمثال «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة» وغيرهما، تتصور مجالاً أو فضاءً سنياً يتجاوز حدود الدولة الوطنية في بلاد الشام، وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية. وبات يقابلها تصور منافس لمجال أو فضاء شيعي يربط أماكن جغرافية ونقاط علام دينية – تاريخية محددة من العراق إلى لبنان، مروراً بسوريا».
تشن «الميليشيات الإرهابية» و «سلالة داعش وأخواتها» حروباً تدميرية في العالم العربي، تنهض على مرتكزات عدة: تحطيم هيبة الدولة ومؤسساتها، إضعاف الجيوش النظامية، استغلال التوتر المذهبي والطائفي، تعميم الفوضى، اطالة أمد النزاعات، ترهيب الجموع عبر فنون القتل والإبادة، استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في لعبة الصراع، وتوظيف المقدس إلى حدوده القصوى.
يخط «مجاهدو الموت» تحت الرايات السود خريطة الشرق الأوسط. وكي لا نضع الخراب الراهن والقادم على شماعة «داعش» وحدها، قد يكون المهم القول إن الدمار المتمادي توافرت أرضيته الخصبة نتيجة معطيات متداخلة: ديكتاتورية الأنظمة السياسية، انتهاك حقوق الإنسان، تجييش الخطاب المذهبي، الاستيلاء على مقدرات الدولة وثرواتها، ارتفاع معدلات الفقر، استشراء الفساد، وتخلف التعليم... إلخ.
السبت، 31 أكتوبر 2015
الفوضى الخﻻقة سﻻح ذو حدين .... د. أحمد قايد الصايدي
الفوضى الخلاقة سلاح ذو حدين
د. أحمد قايد الصايدي
يتحدث مسؤولون أمريكيون منذ سنوات عما أسموها الفوضى (الخلاقة) وعن إعادة رسم خارطة المنطقة، تحت إسم (الشرق الأوسط الجديد). وتمثل الفوضى الخلاقة في هذا السياق مرحلة تمهيدية، تهدف إلى تهيئة الأوضاع في الوطن العربي لتقبل الخارطة الجديدة، أو بتعبير أدق، التقسيم الجديد، بعد أن أضحى تقسيم سايكس ـ بيكو تقسيماً غير كافٍ لتوفير الطمأنينة لمصالح الغرب الإستعماري وللوجود الصهيوني في فلسطين. ومن شأن التقسيم الجديد، إذا مانجحت الفوضى الخلاقة في إنضاج شروطه، من شأنه أن يضع حداً لطموحات الشعب العربي في امتلاك قراره السياسي ومصادر ثرواته وبناء قاعدته الإقتصادية القوية وإنجاز نهضة تعليمية وثقافية، ذات طابع وحدوي، وصولاً إلى تحقيق الحلم العربي، المتمثل بقيام دولة عربية واحدة قوية، مستقلة بقرارها السياسي والإقتصادي، متحكمة بثرواتها. وهذا مايخشاه الغرب على وجه التحديد. فقيام دولة عربية واحدة في منطقة بالغة الأهمية، كهذه المنطقة، ذات الإمتداد الواسع والكثافة السكانية والثروات المتنوعة، وعلى رأسها مصادر الطاقة المحركة لاقتصاد العالم، وبما تختزنه هذه المنطقة من موروث حضاري مؤثر في تكوين الإنسان العربي وفي تحديد خياراته، سيشكل من وجهة نظر الغرب خطراً لايهدد نفوذ الغرب السياسي والإقتصادي في الوطن العربي وفي العالم فحسب، بل سيهدد نمط حياته ومستوى رخائه.
ومن رحم التوجس والخوف ولدت فكرة الفوضى (الخلاقة)، المتمثلة بالحروب الأهلية والإنفلات الأمني والتشرد وتعميم الفقر والمجاعة وانعدام الرؤية السياسية لدى الأنظمة الحاكمة ولدى قيادات الأحزاب السياسية والنخب الثقافية، وصولاً إنضاج عملية الإصطفافات العرقية والدينية والطائفية، عبر التحريض الإعلامي الموجَّه والنزوح الجماعي من مناطق الإختلاط السكاني إلى مناطق ذات هوية طائفية ـ عرقية واحدة. ليأتي التقسيم الجديد مطابقاً للواقع الجديد، الذي خلقته هذه الفوضى المخطط لها بعناية. و بذلك يتشكل الشرق الأوسط الجديد، الذي سيضم كيانات عربية هزيلة إلى جانب كيانات قوية غير عربية، منها الكيان الصهيوني، ويتبدد فيه الحلم الوحدوي العربي ويهال التراب على أهم مقومات الأمة، وعلى رأسها وحدة الشعب والأرض والثقافة والتاريخ، ووحدة اللغة، التي شهدت تخريباً واضحاً منذ عقود من الزمن، أعطى ثماره السامة، ضعفاً مشهوداً في المهارات اللغوية، لدى المثقفين والإعلاميين وأساتذة المدارس والجامعات، ورطانة صادمة لكل محب للغته العربية الجميلة، شغوف بها مدرك لأهميتها في المحافظة على هوية الأمة ووحدتها.
ولأن الفوضى الخلاقة لاتحدث تلقائياً، فلابد إذاً من تصنيعها. وقد تكفلت بعملية التصنيع أجهزة غربية متعددة. منها أجهزة استخبارات ومؤسسات تمويل ومراكز بحوث متخصصة ووسائل إعلام ومعاهد إعداد للعناصر المجنَّدة أمنياً، تزودهم بالمعارف والمهارات اللازمة، للقيام بأدوارهم المحددة في تفجير الفوضى وقيادتها وإدامتها، حتى تنجز أهدافها. وقد يلزم في حالات معينة التدخل العسكري المباشر، لإعطاء إشارة البدء بهذه الفوضى، كما حدث في العراق مثلاً. وفي معظم الحالات يكون التدخل خفي وغير مباشر، كما حدث في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، إعتماداً على بعض القوى السياسية المؤثرة، المرتبطة عضوياً بالمشروع الغربي، وعلى العناصر المجنَّدة، التي سبق إعدادها.
هذه صورة إجمالية للفوضى الخلاقة ودوافعها وأهدافها، نستنتجها مما أُعلن على لسان بعض كبار السياسيين الأمريكيين، ومما تسرب من معلومات متناثرة، ومما يفصح عنه الواقع الحالي في الوطن العربي، بصراعاته العسكرية ومليشياته المتقاتلة واصطفافاته الإجتماعية، العرقية والمذهبية، التي يُنشِّطها الغرب الإستعماري ويرعاها رعاية لم تعد مخفية. وهي صورة إجمالية لاتغني عن التفاصيل. لكن الخوض في التفاصيل الآن أمر متعذر. لأنه يتطلب توفر المعلومة الدقيقة من مصادرها الأصلية. أي يتطلب قراءة الوثائق الدبلوماسية والإستخباراتية في أرشيفات الغرب نفسه. وهذا النوع من الوثائق سيبقى، كما هو معروف، طي الكتمان والسرية ثلاثين عاماً على الأقل. وقد تتسرب بعض العناوين المجتزأة. ولكنها ستبقى مجرد عناوين، لا تسعف الباحث الرصين ولا تسمح إلا بوضع اجتهادات وتخمينات واستنتاجات، مبنية على التحليل والربط المنطقي، أكثر مما هي مبنية على المعلومة الأكيدة.
ومع ذلك يمكننا أن نرى ونلمس، بل ونعيش فصول هذه المؤامرة، الماثلة أمامنا على صورة فوضى تعبث بالوطن العربي كله وتسعى، عبر حروب أهلية طاحنة، إلى تفتيت نسيجه الإجتماعي المتجانس وإحداث اصطفافات طائفية وعرقية، تنتهي إلى إقامة دويلات صغيرة هزيلة، يسهل التحكم بها وتسخيرها لخدمة مصالح الغرب، على حساب مصالح شعوبها. وعلى هذا النحو يُقبر حلم الوحدة العربية إلى الأبد، وينتهي أي احتمال لنشوء دولة عربية قوية تتحكم بثرواتها وتمتلك قرارها السياسي المستقل وتتعايش مع العالم، تعايش الأنداد.
لقد دُمِّر العراق بذرائع كاذبه، يخجل منها الإنسان العادي، ولكن السياسيين لايخجلون. وقبل العراق دُمِّرت فلسطين ثم الصومال. وبعد العراق دُمِّرت وماتزال تُدمَّر كل من السودان وليبيا وسوريا واليمن. وسيأتي الدور، وفق سيناريو الفوضى الخلاقة، التي يراد لها أن تشمل الوطن العربي كله، سيأتي الدور على بقية بلدان شمال أفريقيا وما تبقى من بلاد الشام (الأردن ولبنان). كما سيأتي الدور حتماً على بلدان النفط الثرية في شبه الجزيرة العربية، التي أحسن الغرب استخدام حكوماتها كأدوات فعالة في تسعير نيران الفوضى الخلاقة وتمويلها. وعندما تكتشف حكومات هذه البلدان أن الثور الأسود أُكل عندما أُكل الثور الأبيض، سيكون هذا الإكتشاف متأخراً وغير مجدي.
ولكن السؤال، الذي يمكن أن يُطرح هنا هو: هل ما يخطط له الغرب الإستعماري قدرٌ لا فكاك منه، أم أن حسابات الحقل يمكن أن تكذِّب حساب البيدر؟ الجواب بطبيعة الحال يتوقف علينا نحن. فنحن المسؤولين بالدرجة الأولى عما يصيبنا. ولايعني هذا أننا نكابر وننكر وجود المؤامرة، كما يفعل بعض المثقفين العرب. لكننا ندرك أن الغرب يُلحق بنا الأذى ويتآمر علينا حماية لمصالحه. وهذا أمر طبيعي. أما نحن فنقتتل فيما بيننا ونبتلع مايضخه الإعلام الغربي والإعلام المرتبط به من سموم طائفية وعرقية، تهيئنا لتمزيق أنفسنا وتبديد قوانا والتضحية بمصالحنا وتدمير حاضرنا ومستقبلنا. ولا نسأل أنفسنا لمصلحة من نفعل هذا كله؟ ولو أننا استطعنا أن نطور وعينا وندرك مصالحنا العليا الجامعة ونتشبث بها، ونرتقي إلى مستوى التحدي، فنحشد قوانا ونرص صفوفنا ونوحد أنفسنا ونؤجل خلافاتنا الصغيرة التافهة ونتمسك بهدف كبير أسمى وأعز، وهو حماية وطننا وأمتنا والمحافظة على وحدة شعبنا ونسيجه الإجتماعي المتآلف والدفاع عن مصالحنا الوطنية وعن مستقبل أجيالنا القادمة، لضمنا النصر في هذه المعركة، التي تستهدف وجودنا كأمة، وأحبطنا مخططات الغرب الإستعماري، وحينئذٍ سيكذِّب حساب البيدر حسابات الحقل المسبقة، دون شك.
وقد ننطلق من السؤال السابق إلى سؤال آخر أكثر اتصالاً بعنوان المقال: هل ستصيب أضرار الفوضى الخلاقة شعبنا العربي وحده، أم أن شظاياها ستلحق الأذى بصانعيها أنفسهم، أي بالغرب الإستعماري ومجمَّعاته الصناعية وبنوكه وبورصاته المتحكمة بالعالم؟ أظن أن الجواب على هذا السؤال أصبح واضحاً إلى حد كبير. فقد صاحبت هذا التدمير، الذي حققه الغرب في الوطن العربي آثار جانبية مست الغرب نفسه. ويمكن رؤية بعض هذه الآثار الجانبية في الأزمات الإقتصادية والمالية المتتالية، التي عانت وتعاني منها بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. فقد قرأنا وشاهدنا، منذ وقت ليس ببعيد، الآثار السلبية على الإقتصاد الأمريكي، من جراء العدوان على العراق، حيث تحدث الإعلام العالمي عما تكبده الإقتصاد الأمريكي من خسائر فادحة، أثرت على ميزانه التجاري وأسواقه المالية ومصارفه ومجمعاته الصناعية، وأجبرت الحكومة الأمريكية على اتخاذ تدابير، تمثلت بتدخل الدولة المباشر في توجيه الإقتصاد. فبسطت هيمنتها ورقابتها على البنوك والأسواق المالية وعلى الحركة الإقتصادية بمجملها، لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي من الإنهيار العام. وهي إجراءات طالما رأى فيها منظرو الرأسمالية الغربية وأرباب الصناعة والتجارة والمال، طالما رأوا فيها إجراءات إشتراكية شيطانية، لايطيقون مجرد التفكير بها. ولكنهم أُجبروا على اللجوء إليها مرغمين.
ولم تمس الآثار الجانبية للفوضى الخلاقة في الوطن العربي إقتصاد الغرب فحسب، بل مست وضعه الأمني، كما أحدثت نزوحاً بشرياً هائلاً من مناطق الفوضى الخلاقة، التي أحدثها الغرب، إلى قلب البلدان الغربية، بكل ما يترتب على هذا النزوح من آثار سلبية، تتجاوز الحياة الإقتصادية والأوضاع الأمنية، إلى البنية الثقافية الغربية، التي أصبحت مهددة بغزو ثقافي غير مسبوق، وبحضور قوي لتقاليد وعادات وطرائق في التفكير والسلوك غريبة عما ألفه الغرب، سينتج عنها حالة من التوتر الإجتماعي والصدام الثقافي، تمهد لانهيار الحضارة الأوربية الحديثة أو تهجينها. وهذا يفسر لنا ما يحدث في الشارع الأوربي وفي الأوساط السياسية والثقافية الغربية من ردود أفعال حادة، تجاه هذا النزوح الجماعي، ومن حراك سياسي واجتماعي، ينذر بحدوث فوضى خلاقة من نوع آخر، ستُحدث تغييرات عميقة في أوربا المعاصرة، قد لاتقل خطورة عما تحدثه الفوضى الخلاقة، التي صنَّعها الغرب الإستعماري وصدَّرها إلى وطننا العربي. فالفوضى الخلاقة، التي فُرضت علينا ودمَّرت حياتنا، سلاح ذو حدين، سيفتك في نهاية الأمر بصانعه نفسه. ولنتذكر وحش فرانكنشتاين الخيالي، الذي كان صانعه فخوراً بما صنع. لكنه في نهاية الأمر عجز عن التحكم به أو حتى حماية نفسه منه، وانتهت حياته على يديه. ومن عاش سيرى.
الاثنين، 19 أكتوبر 2015
الطبقة السياسية وإشغال الفراغ بالفتنة ...طﻻل سلمان
الطبقة السياسية وإشغال الفراغ بالفتنة؟
ع ع
طلال سلمان
تجتاح الحروب التي يختلط فيها فشل العديد من الأنظمة العربية في حماية مجتمعاتها وربما كياناتها السياسية مع تعاظم هجمات الأصوليات الإسلامية بقيادة «داعش» و «القاعدة» ومشتقاتهما التي توظف الشعار الديني لأهدافها في هدم الكيانات القائمة والتأسيس لدولها، والتي استدعت تدخلاً دولياً، على الأرض وفي الفضاء يمكن أن يبدل في الخرائط السياسية بالحذف أو الإضافة أو التعديل نحو الأسوأ.
أما في لبنان، بدولته البلا رأس، حيث موقع «الرئيس» شاغر منذ عام ونصف العام ومرشح لأن يبقى شاغراً حتى إشعار آخر، والمجلس النيابي مقفل ونوابه في عطلة مفتوحة، والحكومة المشروخة بالخلافات معطلة عن الإنتاج مما يعلّق مجلس الوزراء في الفراغ، فإن الطبقة السياسية تمضي في ممارسة هوايتها المفضلة بتحريك السكين في جراح الانقسام الذي يتبدى سياسياً في حين أن إشعاعاته وانعكاساته طائفية ومذهبية..
وهذه الطبقة السياسية المترفة بمداخيل «شرعية» ولو كانت في حكم «الحرام»، وغير شرعية ولو كانت في حكم «الحلال»، لا تهتم بتفاقم العجز في مالية الدولة منذراً بخطر الإفلاس، ولا تجد في «النفايات» إلا موضوعاً لجني الثروات، بمعزل عما يمكن أن تشكل من مخاطر على صحة رعاياها وعلى البيئة في هذا البلد الجميل الذي طالما تبارى الشعراء في إنشاد قصائدهم في طبيعته الخلابة كما في حسن ضيافة أهله، في حين رآه «العرب» مصيفهم ومشتاهم ومصرفهم ومقهاهم ومشفاهم ودار نشر إبداعاتهم ومنبر أفكارهم وصحيفة الصباح.
ومفهوم أن اللبنانيين متعددو الانتماء السياسي، وبالتالي يسهل على كل طرف أن يتهم الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى، بالولاء للخارج، والخارج يمتد من واشنطن إلى طهران، ومن موسكو إلى عواصم الغرب الأوروبي المؤثرة كباريس وبون ولندن، كما أنه يشمل مواقع التأثير عربياً كالرياض والدوحة وعواصم خليجية أخرى في غياب مصر عن دورها القيادي وغرق كل من دمشق وبغداد في دماء شعبيهما في الحرب فيهما وعليهما.
على أن الطبقة السياسية تحاول إشغال الفراغ في الدولة البلا رأس والمغيّبة مؤسسات السلطة الشرعية فيها، بمعارك وهمية قد يكون لها بعض الدوي، وقد تهدد الرعايا القلقين على أمنهم وعلى الاستقرار في وطنهم الصغير، ولكنها تظل أعجز من أن تؤثر في سياق الصراع الدولي المفتوح على منطقتنا ذات الموقع الاستراتيجي الخطير، في غياب أهلها.
... مع أن هذه الطبقة السياسية تعرف أن معاركها بل «حروبها» لن يكون لها تأثير جدي على نتائج الصراع الدولي المفتوح، الذي يستفيد من الانقسام الذي وصل إلى حد الاقتتال الأهلي في العديد من الأقطار العربية وهو ينذر بالتوسع إلى أقطار أخرى، فإنها تمضي في تسعير الخلافات الداخلية ودفعها إلى حافة الصدام، بينما ليس هناك من يهتم جدياً فيندفع إلى تقديم المبادرات سعياً إلى الوصول إلى حلول وسط تعيد «بعث» الدولة بتسهيل الانتخابات الرئاسية عبر أسباب الضغط والإغراء على الطبقة السياسية لوقف الاشتباك والتقدم نحو «التفاهم»، بل هي تواصل الاندفاع أو دفع البلاد نحو حافة الحرب الأهلية... والتي ستكون، إذا لم تتدخل العناية الإلهية لمنعها، أفظع وأشمل من كل ما شهده لبنان من «إنجازات» الطبقة السياسية في مجال الحرب الأهلية ـ العربية ـ الدولية، في الماضي القريب.
ليس بين العرب الآن وسيط صالح ومؤهل لجمع الطبقة السياسية على حل وسط في مؤتمر على غرار الطائف. فدمشق الغارقة في دمائها عاجزة عن الاهتمام بما هو خارجها، وبغداد تكافح للحفاظ على هيكلية الدولة في العراق، والوسيط العربي السابق ممثلاً في المملكة المذهبة تحوّل إلى طرف مقاتل يحاول اجتياح اليمن بالطيران مستعيناً في البر بالقوى المجمّعة من «إخوته الصغار» في الخليج، مضافاً إليهم نجدة عسكرية مؤثرة جاءته من السودان مؤخراً قوامها ثلاثماية جندي... و «العدو» هو إيران، بالاسم، بكل الدلالات والإيحاءات ذات الشميم المذهبي.
أما «الدول» فتتعامل مع قوى الأمر الواقع، الأقوى فالقوي وصولاً إلى الأضعف..
ويفترض أن تكون التجارب قد أكدت المؤكد في السياسة الواقعية وهي أن هذه «الدول» بحاجة إلى لبنان كله، بصيغته الفذة التي أبدعتها العواصم البعيدة، وهي الصيغة التي تكاد تُعتمد الآن في الدول العربية التي تمزقها الحروب الأهلية التي تستبطن قوى التدخل الخارجي.
إن هذا الكيان المبتدع بنظامه الفريد في بابه قد يهتز ولكنه لا يسقط، حتى لو سقطت «الدولة» وسقط معها ألوف الضحايا في صراع عبثي مكلف ولو أنه أعجز من أن يغير «المكتوب»!
فلنرحم هذا الوطن الصغير والجميل والذي لا شبيه له ولا بديل منه.
الأحد، 18 أكتوبر 2015
يا فضيحتاااااه تسليم جثث الحجاج اﻹيرانيين مقابل إفراج اليمن عن الجنود السعوديين اﻷسرى
يافضيحتااااااااااه .
...
تسليم جثث الحجاج "الإيرانيين" مقابل إفراج "اليمن" عن الجنود "السعوديين" الأسرى
...............................
كامل الخوداني
أحدهما تفعل ذلك خلف الكواليس : السعودية و إيران ؛
المملكة تطرح ما يشبه الصفقة عبر وسطاء بهدف البحث عن كيفية للإفراج عن جنودها الأسرى لدى الجيش اليمني و اللجان الشعبية .. و إيران من خلال وسطاء تسعى لعملية مقايضة عبر طرف ثالث و حلفاء .. كل ذلك يحدث في الخفاء و بمعزل عن اليمن التي يراد لها بطرق تحايلية و إلتفافية أن تدفع الثمن مجانا نيابة عن الآخرين في قضايا و ملفات لا علاقة لليمنيين بها كملف الحجاج الإيرانيين الذين ترفض الرياض تسليم جثثهم للدولة الإيرانية و أسرى الجيش السعودي المقبوض عليهم من القوات اليمنية في جبهات الحرب في جيزان .. اذ تتداخل مصالح الدول الإقليمية الكبرى بذات تداخل خصومات تصفية الحسابات بينهم على حساب اليمن التي يبدو ان أعداؤها و أصدقاؤها متفقون ضدها في التضحية بالمصلحة اليمنية و زجها في الصراع بما يخدم مصلحة الآخرين من المتآمرين على اليمن بقيادة السعودية و المتاجرين بالملف اليمني و على رأسهم إيران .
شيء ما يتولد وراء الستار بعيد عن أعين و اهتمامات القيادة السياسية و العسكرية و الشعبية اليمنية .. فالتداعي السعودي الإيراني الحاصل حاليا يشير لما هو أبعد من صفقات المقايضة بين الكبار بإستخدام الأوراق الرابحة التي في أيدي الصغار الغيرين مدركين لأهمية ما بأيديهم من نقاط و أدوات القوة و الضغط .. أعني بالكبار السعودية و ايران و أشير للجانب اليمني بتوصيف الصغار قياسا بوقائع سابقة و مسارات قريبة و منعطفات راهنة يخرج فيها اليمنيين كل مرة خاسرين و يمنحون المكاسب المجانية سياسيا و عسكريا للآخرين من خصومهم و حلفائهم إما بغباء مفرط و سذاجة فاحشة او بشكل متعمد لا يأبه للحاجة الماسة لليمن كدولة وشعب للمكسب لتعويض الخسارات المتفاقمة .
بقراءة و تحليل المواقف و التصريحات السعودية الإيرانية المتصاعدة دبلوماسيا و اعلاميا بخصوص مئات القتلى من حجاج إيران و ما يحيط بها من غموض تكشف عنه نبرة الجانب الايراني و موقفه المترنح من التهديد و الوعيد و اللهجة الساخنة الى استخدام لغة الانسانية و الاستعطاف في المطالبة للنظام السعودي بتسليمهم الجثث بعدما كانوا يطالبون بإلحاح على التحقيق و المسائلة و العقاب قبل ان يصمتوا و يتراجعوا بتدرج فاضح و ضعيف مع دخول اجهزة المخابرات على الخط و ترجيح الكفة السعودية في هذه القضية بصورة تخشى طهران من انفضاح أسرارها و تبعات ما قد ينتج عنها لو تحامقت المملكة بالكشف عن التفاصيل المحرجة لنظام ظهران .. لذا فإن سماسرة السياسية و عرابي صفقات السياسة ينشطون هذه الأيام لإستثمار القضية و استغلالها بما يشعر الطرفين السعودي و الايراني ان الأمر يصب لمصلحته و في هذا الشأن ليس هنالك من خيوط أفضل من تلك التي بحوزة الطرف الأضعف : اليمن ؛ و بتراكم خبرات و تجارب السماسرة و الطرفين المعنيين فإن ملف الجنود السعوديين الأسرى هو الباب الأنسب لإتمام الصفقة بأسرع وقت و بأقل جهد و أبخس ثمن و أسهل وسيلة .
لا حاجة للمزيد من الشرح و التفصيل .. فما يتحدث به و عنه كبار المسئوليين الايرانيين مؤخرا بخصوص الحجاج و اليمن و اسرى جيش السعودية على نحو مترابط كما لو كان شأن إيراني بحت ينم عن نوايا و يدل على خطوات عملية ذاهبة لإتمام الصفقة إن تنازلت السعودية عن اشتراطاتها و وافقت على المقايضة و إلا فإيران ستقدم المزيد من التنازلات اليمنية إرضاء للسعودية و تلبية لمطالبها دون إدراك أن اليمن ليست تابعة لإيران لكن دهاقنة السياسة قد يلعبونها بنجاح بأسلوب لا يشعر به الجانب اليمني كما جرى سابقا و كثيرا في ألاعيب أهم و أكبر خرجنا منها بخفي حنين و خرجت إيران بإتفاق نووي و لم يحصل اليمنيون على كلمة شكرا و لن يحصلوا عليها في صفقة الحجاج مقابل الأسرى مادام الغباء السياسي الفاحش و السذاجة التفاوضية المفرطة للجانب اليمني هي ديدن الممثلين لليمن و شركاء صناعة قراره الثوري و موقفه الرسمي .
أكتب هذا .. و انا أشم من صنعاء رائحة الطبخة السعودية الايرانية .. اراقب أداء الطباخين و تحركات السماسرة و عرابي اللعبة .. أتأمل الحيثيات و أقف عند المعطيات و احتفظ لنفسي بأسماء الجهات و الأشخاص و أحذر استشعار لواجب وطني و مسؤلية أخلاقية من الاستخدام اللاوعي للملفات اليمنية الاستراتيجية و احراق كل ورقة رابحة و إضاعتها كفرص لتحقيق نتائج ايجابية ضخمة للوطن اليمني المحتاج للانتصار في كل الجبهات لتخفيف وطأة المؤامرة عليه .. بمعنى ان البحث عن مكاسب لليمن هو الغاية و الهدف و يكفي تفريط بمكامن القوة و تهافت على خدع اللئام .. و اذا كان قليل من قوارير الماء هو ما استفدناه في المرة الماضية فإن فقاعات الهواء هو ما سنستفيده هذه المرة لو مرت علينا و نحن في سبات تام .
.........
عابد المهذري
مداخله مني .
الى تيار وجناح ايران داخل حركة انصار الله نحذركم السمسره با اليمن وقضاياها وشأنها الداخلي وتضحياتها لخدمة طرف ثالث لايعنينا لا من قريب ولا من بعيد سيجعلكم تدفعون الثمن غالياٌ ...
السبت، 17 أكتوبر 2015
تدريب إدارة الوالدين
مترجم: متلازمة أسبرجر- تدريب إدارة الوالدين (1-2)
مترجم عن Handbook of Parent Training
إسلام أنور المهدي
منذ 19 ساعة، 16 أكتوبر,2015
بعيد عن الشكّ أن للوالدين أثرًا هائلًا على صلاح وفعالية أطفالهم، وبعيد عن الشك أيضا أن للأطفال بدورهم أثرًا كبيرًا على والديهم. علاوة على أنه يُلاحظ على نطاق واسع أن الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية يُظهرون مشكلات سلوكية بمعدل عالٍّ معنويا عن أولئك الأطفال ذوي النمو العادي. ولقد أظهرت تقارير الوالدين أن 40% من الأطفال المشخصين باضطراب ضمن طيف التوحد فإنهم يشتركون في بعض أنواع من السلوك المُعضِل بشكل يومي. ولقد وُجد أن هؤلاء الأطفال ذوي المستويات الحادة من الاضطراب الذهني هم أكثر احتمالًا لإظهار مشكلات سلوكية مثل الأذية الذاتية، العدوانية، والسلوكيات التوحدية والطقسية، بينما الأطفال ذوو الاضطراب الأكثر اعتدالا هم أكثر احتمالا لظهور اضطرابات نفسية شائعة، مثل اضطراب الأخلاق أو اضطرابات العناد والتخريب السلوكية، سلوكيات القلق ومشكلات مع إدارة الغضب. وتشكل المشكلات السلوكية عبئا معنويا إضافيا للأطفال ذوي الاضطرابات النمائية العقلية حيث تعترض المشكلات السلوكية قابلية الطفل لتعلم المهارات الاجتماعية والدراسية الأساسية مما قد يسبب إقصاءه من الإعداد الدراسي والمجتمعي وأيضًا يهدد الصحة البدنية.
وقد وُجد أيضًا أن أكثر المشكلات السلوكية تحديا لدى الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية تظهر في الطفولة المبكرة دون تدخل وتستمر في الاتضاح مع الوقت. ويعاني كل من الوالدين وأشقاء الطفل ذي الاضطراب النمائي من مستويات معنوية من الضغوط العصبية؛ وليتمكنوا من التغلب على وضعهم تحتاج العائلات باستمرار إلى خدمات ممتدة. يواجه والدا الطفل المشخصة حالته ضمن الاضطرابات النمائية الشائعة تحديات ضخمة ومتطلبات تتعلق بعملية النمو غير المستقيمة التي يمر بها طفلهم، وهم في خطر متزايد أن يتطور لديهم أنفسهم تعقيدات نفسية. ذكر «ستودّارت 2003» دراسة قرر فيها 37.7% من والدي أطفال متلازمة أسبرجر أنهم تم تشخيصهم هم كحالات على يد متخصصي صحة عقلية. وكان التشخيصان الأكثر شيوعًا هما الاكتئاب والقلق، وكان التشخيص أكثر شيوعًا في الأمهات عنه في الآباء.
تأريخ
يتجلّى الطفل المشخص بمتلازمة أسبرجر عموما بنمط من تطور التخاطب، وتكون القدرة الذهنية في نطاق طبيعي. وهم كذلك رغم تعرضهم لصعوبات في الفهم والتعاطف مع أفكار ومشاعر الآخرين مما يؤثر باستمرار على قابليتهم لتطوير وصيانة الصداقات. وتؤدي هذه الإعاقات غالبا إلى سلوكيات يعتبرها الوالدان، والمدرسون، والآخرون أنها مشكلات. في بعض الحالات، قد ينبع عَوَز السلوك من إعاقة في الأداء الاجتماعي، التقمص العاطفي، والاهتمامات الخاصة، أو قلق ناشئ عن الاحتياج إلى روتين أو سلوك تكراري؛ لكن في بعض الأحيان الأخرى، فإن الطفل قد يستجيب بشكل غير مناسب خلقيا للإشارات الاجتماعية.
وقد توافرت البرامج التدريبية للوالدين عبر عقود، لكن منذ وقت ليس ببعيد فقط تم تطوير برامج لوالدي أطفال متلازمة أسبرجر. كثير من المؤسسات حول العالم تعقد جلسات توعية للوالدين لتمدهم بالمعونة اللازمة لإدارة المشكلات العاطفية والسلوكية لدى طفلهم. ورغم أن البرامج قد تكون ممتازة، لكنها لا تكون متوافرة لجميع الآباء ولم يتم قياس كفاءتها في تجربة قياسية. معروف أن الوالدين هما وسيلة مهمة في إدارة ودعم طفل اضطراب طيف التوحد مثل متلازمة أسبرجر.
أوضحت عديدٌ من الدراسات أثر التدخل السلوكي العائلي في تحجيم السلوكيات التخريبية لدى الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية. وكانت كل من طريقة «تدريب الإدارة الطارئة CMT»، التي تدرب الوالدين على الاستجابة الطارئة للسلوك المرغوب وغير المرغوب؛ وطريقة «تدريب الأنشطة المدبّرة PAT»، التي تدرب الوالدين على إنشاء نشاطات تقلل فُرص حدوث مشكلة السلوكيات التخريبية؛ كلتاهما طريقتان فعّالتان في برامج كتلك. وقد نفّذ «ساندرز وبلانت 1989» برنامج تدريب والدين تضمّن تدريبًا محدَّدًا للسيادة خلال التأهيل. أجريت الدراسة على والدين لأطفال ذوي اضطرابات نمائية ومشكلات سلوكية خاصة أن السيادة خلال التأهيل هي مشكلة معلومة لهذه العشيرة من الأطفال. وقد نفذّت البرنامج خمسُ عائلات بنجاح وسوَّدت الإستراتيجيات خلال أهداف تأهيل متعددة ووجدوا انخفاضا معنويًّا في المشكلات السلوكية.
أدّى تعليم الوالدين إستراتيجيات فعّالة لإدارة سلوك أطفالهم ولتغلُّب أفضل على تكشُّف متلازمة أسبرجر؛ أدَّى ذلك إلى زيادة معنوية في الكفاءة الذاتية للوالدين.
وقد تم توثيق أنه في مجالات أخرى من اضطرابات الطفولة يكون تدريب الوالدين على إدارة سلوك أطفالهم فعالا ومؤثرًا. وقد وُجد بالدراسة الإمبيريقية أن تدريب الوالدين فعّال معنويا في اضطرابات السلوكيات الخارجية مثل: اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، اضطراب التصرُّف (CD)، اضطراب العناد الجريء (ODD). وكذلك وجد أن تدريب الوالدين فعال في حالات اضطرابات السلوكيات الداخلية مثل: قلق الانفصال، القلق العام، القلق الاجتماعي والرُّهاب. في دراسة حديثة، أظهر الوالدان رضا أكبر ونتائجَ أفضل جرّاء تطبيق برنامج مخصص للأطفال عن التدخل للقلق، وذلك لأطفال متلازمة أسبرجر بالتزامن مع مع تطبيق برنامج تدريب للوالدين.
النظرية
سنناقش هنا برنامج تدريب والدين يتأسس على البرهان والبناء النظري له يعتمد على نظرية التعليم الاجتماعي مقترنة بنظريات النمو الطفولي.
برنامج تدريب الوالدين 1-أ برنامج خاص لمتلازمة أسبرجر
تم تطوير هذا البرنامج مستهدفين والدي الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر. شاركت إحدى وخمسون عائلة في تجربة البرنامج، كلٌّ له طفل في المرحلة الابتدائية وتم تشخيصه بمتلازمة أسبرجر بواسطة استشاري طب الأطفال بـ«مستشفى مَاتِر للأطفال»، كوينزلاند، أستراليا. تلقى كل الوالدين دليل والدين يحتوي على كل المعلومات تحت المكونات الستة لحزمة التدخُّل:
التثقيف النفسي: تم تعريف الوالدين بطبيعة متلازمة أسبرجر وتم شرح المصاعب التي يمكن أن تواجههم. استخدمنا كلا من العرض المرئي والمناقشة. كان هذا المكوِّن تفاعليا: تم الطلب من الوالدين تقديم أمثلة عن جوانب المتلازمة التي تؤثر بطفلهم. تم التنبيه على أن هذا الاضطراب غير متجانس، وذلك مهم ليتمكنوا من تكوين منظور كامل عن طفلهم في كل حالات مشكلته.
محادثات شريط الرسوم: هذه التقنية أبدعتها «كارول جراي 1998»، وتتأسس على أن الرؤيا والدعم البصري يحسنان فهم وإدراك المحادثة. حيث يُصنع رسم بسيط لتصوير محادثة بين شخصين. وتعرِّف أشرطة الرسوم ما يقوله الأشخاص وتوضح أيضًا ما قد يفكرون فيه.
القصص الاجتماعية: هذه التقنية لتيسير الفهم الاجتماعي عبر صياغة قصة قصيرة تعبر عن موقف محدد فيستطيع الطفل بواسطتها تمييز هذا الموقف. هذه القصص تكتب وفق مبادئ توجيهية تستخدم عبارات شارحة وتوضيحية، بعبارة توجيهية واحدة فقط. بحيث يُمنح الطفل المعلومات عن ماذا يحدث ولماذا كما يتم شرح الموقف بمصطلحات لإشارات اجتماعية وأفعال متوقعة.
إدارة سلوكيات المشكلة: تم شرح بعض سلوكيات المشكلة للوالدين، والتي تتكشف مع متلازمة أسبرجر. وهذا يشمل: المقاطعة، نوبات الغضب، الحنق، عدم الامتثال، ومشكلات وقت النوم. وتم عرض طُرق للتعامل مع هذه المشكلات والطلب من الوالدين اختيار سلوك محدد من سلوكيات المشكلة يكون وثيق الصلة بطفلهم ومن ثم شرح وتنفيذ إستراتيجية إدارة لذلك السلوك.
إدارة السلوكيات الصارمة والاهتمامات الخاصة: يهدف هذا المكوِّن للتعامل مع خبرة الوالدين بالسلوكيات الصارمة، التزام الروتين، المحاكاة الحرفية، والاهتمامات الخاصة. وكان التركيز في هذا المكوِّن على التأكيد على فهم الوالدين لمنظور الطفل؛ لماذا يحتاج الطفل إلى الروتين، وهكذا. ومن هذا المنظور يمكن التعامل مع الحالات الحادة لسلوكيات كتلك. ومن الممكن أن تشاهد قدر الاهتمامات الخاصة للطفل كجائزة لتيسير النشاطات الأخرى.
إدارة القلق: يكون الطفل ذو متلازمة أسبرجر موهومًا بالقلق بإفراط. وكثير من مشكلات السلوك هي في الحقيقة ناتجة عن القلق أكثر منها عن الرعونة؛ ونحن نؤكد على أن الوالدين في حاجة ماسة لتحديد متى يكون طفلهم قلقًا أو متى قد يُصبح قلقًا ويكونون جاهزين دومًا للحول دون ذلك ومنعه ولإدارة مثل هذا السلوك.
نتائج البحث
كان الهدف الأول من الدراسة هو تقييم كفاءة تدريب إدارة الوالدين قصير المدى كتدخل مناسب للأطفال المشخصين بحالة أسبرجر. والهدف الثاني كان مقارنة نظامي توصيل التدريب وهما نظام «ورشة العمل» ونظام «الجلسات الفردية». وتم الاهتمام أيضًا بالتقنيات التي لم يتم تقييمها قبل ذلك في دراسات سابقة.
أولا، ترجح الدراسة أن تدريب إدارة الوالدين يمكن أن يكون تدخلا فعالا لوالدي الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر. ولقد أبدى الوالدان تحسنًا معنويا تبعًا لتدريب الوالدين في كلتا مجموعتَي التدخُّل وذلك في كل متغير ناتج عن التجربة تم قياسه: عدد سلوكيات المشكلة، شدة سلوكيات المشكلة، ورتبة المهارات الاجتماعية. ولم تُظهر مجموعة «قائمة الانتظار» المرجِع أي تحسن معنوي في المتغيرات الناتجة عن التجربة. وهذه النواتج تدعم بحوثًا في نطاقات أخرى تقترح أن يكون تدريب إدارة الوالدين فعالا في إدارة سلوكيات مشكلة الطفل. وهي كذلك تعرض علاقة هذه القطعة الأدبية بالأطفال المشخصين بمتلازمة أسبرجر (جدول 4.1).
ثانيا، تحدد النتائج بعض الاختلافات الظاهرة بين المتغيرات الناتجة بين مجموعة ورشة العمل ومجموعة الجلسات الفردية. وقد ظهر فرق معنوي بين مجموعتي التدخل من حيث قياس تحديد الوالدين لشدة سلوكيات المشكلة، وهو تقرير تكرارية السلوكيات الصعبة، وظهرت الفروق في مرحلتي «ما بعد التدخل» و«المتابعة». حيث اعتمدت مجموعة ورشة العمل تغيرات أكبر كثيرًا. إضافة لذلك فإن مجموعة ورشة العمل لم تكن تختلف معنويا عن مجموعة قائمة الانتظار في مرحلتي ما بعد التدخل والمتابعة على ذات المقياس.
جدول 4.1
سلوكيات المشكلة وشدة سلوكيات المشكلة عبر الزمن (ECBI scores)
Untitled
وهناك عدة تفسيرات ممكنة لهذه النتائج. الوالدان اللذان تلقيا جلسات فردية كانت لديهم فرص أكبر كثيرًا لصياغة إستراتيجيات وتجويد مناهجهم عن سلوكيات المشكلة، وهذا على الأرجح أدى إلى ملاءمة أكثر في تطبيق الإستراتيجيات ونجاح أكبر في استخدامها. وكذلك من الممكن أنه خلال إجراء الجلسات الفردية، صار الوالدان أكثر علمًا بمظاهر المتلازمة لدى أطفالهم وبالتالي صاروا أكثر تحمُّلا لبعض السلوكيات. وهذا التحمل المتزايد الذي ظهر ربما أدى إلى تخفيض شدة التقييم للسلوكيات التي كانت جارية.
وقد لاحظنا أيضًا أن تطبيق الإستراتيجيات في مجموعة ورشة العمل كان أقل منه في مجموعة الجلسات الفردية. وكان هذا واضحًا خاصة في الإستراتيجيات المعقدة مثل القصص الاجتماعية ومحادثات شريط الرسوم. وسبب محتمل لهذه النتيجة هو أن شرح مجموعة كبيرة من المواد كهذه يُعتبر كثيرًا جدا للوالدين كي يستوعبوه في يوم واحد ويُفضل أن يتم شرحه في محاضرتين أو مجموعات أصغر حجمًا. ورغم أن أكثر الوالدين قد حددوا أنهم يفضلون المشاركة في ورشة عمل ليوم واحد، إلا أن هذه قد لا تكون الطريقة المثلى للتدريب على الإستراتيجيات المعقدة. يستطيع الوالدان في الجلسات الفردية تحسين وتعديل مناهجهم بمساعدة ودعم من المعالجِين. ويمكنهم أيضًا طلب الاستيضاح والمناقشة حول إستراتيجياتهم بشكل أكبر باستمرار تحت مسمى الإخبار بما تم إنجازه وما يحتاج مزيد تطوير (جدول 4.2).وهناك عدة تفسيرات ممكنة لهذه النتائج. الوالدان اللذان تلقيا جلسات فردية كانت لديهم فرص أكبر كثيرًا لصياغة إستراتيجيات وتجويد مناهجهم عن سلوكيات المشكلة، وهذا على الأرجح أدى إلى ملاءمة أكثر في تطبيق الإستراتيجيات ونجاح أكبر في استخدامها. وكذلك من الممكن أنه خلال إجراء الجلسات الفردية، صار الوالدان أكثر علمًا بمظاهر المتلازمة لدى أطفالهم وبالتالي صاروا أكثر تحمُّلا لبعض السلوكيات. وهذا التحمل المتزايد الذي ظهر ربما أدى إلى تخفيض شدة التقييم للسلوكيات التي كانت جارية.
في محاولة لتحديد جدوى وقابلية المكونات المختلفة للتدخُّل، لاحظنا التفاوت في الإستراتيجيات التي استخدمها مختلف الوالدين وأيدوا فعاليتها. عدد ساحق من الوالدين أيدوا انعدام نفع التثقيف النفسي كوسيلة للتمكين، لكن كثيرًا منهم قدروا أنها المكوِّن الأكثر نفعًا من مكونات التدخُّل.
جدول 4.2
تقدير الوالدين للاستخدام المنزلي وجدوى المكونات المختلفة للتدخُّل
Untitled
في دراسة حديثة سئل الوالدان كيف «وجدوا معنى» أو «وجدوا جدوى» تربية طفل ذي متلازمة أسبرجر وهل وجدوا أي فائدة. عبّر عديد منهم عن إيجاد الجدوى والمعنى بما اكتسبوه من معرفة عن الاضطراب وما أصبحوا عليه من محامين متمكنين عن أطفالهم. وبما أن تركيز هذا المكوِّن لم يكن في نشر المعلومات عن متلازمة أسبرجر، ولكن دعم منظور الطفل في كل موقف، فلقد قاد عديدًا من الوالدين للنظر إلى السلوك من مناظير مختلفة ولتجريب إستراتيجيات متباينة عند التعامل مع سلوك أطفالهم.
عندما نظرنا إلى تقييمات الوالدين الذين استخدموا القصص الاجتماعية وشريط القصص المصورة، وجدنا من الواضح أنهم أشادوا بأنها فائقة النفع. ومع أننا نعلم أن هذه التقنيات لن تكون نافعة مع كل طفل من ذوي متلازمة أسبرجر، فإنه يظهر من تقييمات هؤلاء الوالدين الذين استخدموها أن نتائج تجربتهم لها كانت إيجابية.في دراسة حديثة سئل الوالدان كيف «وجدوا معنى» أو «وجدوا جدوى» تربية طفل ذي متلازمة أسبرجر وهل وجدوا أي فائدة. عبّر عديد منهم عن إيجاد الجدوى والمعنى بما اكتسبوه من معرفة عن الاضطراب وما أصبحوا عليه من محامين متمكنين عن أطفالهم. وبما أن تركيز هذا المكوِّن لم يكن في نشر المعلومات عن متلازمة أسبرجر، ولكن دعم منظور الطفل في كل موقف، فلقد قاد عديدًا من الوالدين للنظر إلى السلوك من مناظير مختلفة ولتجريب إستراتيجيات متباينة عند التعامل مع سلوك أطفالهم.
وقد عبر كلٌّ من والدي ورشة العمل والجلسات الفردية عن رضاهم عن البرنامج. ورغم أنه ليس هناك إلا تعقيبات ضئيلة عن رضا الوالدين ببرامج تعالج متلازمة أسبرجر، إلا أن الكم الضئيل المتاح من نطاقات قريبة الصلة يبدو ذا نتائج مشابهة. حتى إذا كانت المكاسب ليست بالضخامة التي تمناها الوالدون، فإنهم يبقون شاعرين بالرضا عما تم تحقيقه. وقد عبر العديد من الوالدين المشاركين في البرنامج عن أنهم قد يستخدمون إستراتيجيات البرنامج في المستقبل؛ لم ينتبهم الشعور بتضييع الوقت؛ وشعر العديد منهم بالارتياح عند مقابلتهم والدين آخرين يمرون بذات الخبرات.
الحدود والبحث المستقبلي
ينبغي إعلان أن التجربة تمت باستخدام أعداد قليلة وأن النتائج ينبغي عرضها ببعض التحفُّظ. ميلُ مجموعة ورشة العمل إلى نتائج أقل متانة ينبغي أن يتم معه زيادتها بعدد عينات أكبر وبمتابعة من 6 إلى 12 شهرًا.
من المهم تسجيل أنه في تدخُّل يتأسس على المهارات، فإن الوالدين يعرفون النتائج المتوقعة لأنها يتم قياسها بأنظمة استطلاع ذاتية البيان. ولا يمكن استنباط أية نتائج عن السلوك الحقيقي للطفل حيث لم يتم قياس ذلك بوسيلة غير تقارير الوالدين. لذلك ينبغي عرض النتائج مع الاحتياط. وما يبدو موثقًا هو أن الوالدين شعروا كما توقعوا أنهم يستطيعون التغلب على سلوكيات أطفالهم وسجَّلوا تحسُّنات معنوية.
ربما العقبة الأكبر أمام برنامج كهذا هي أنه قاصر عن الانتشار بين الوالدين. فهذا البرنامج تم تطبيقه في جامعة بمنحة تمويل ومعونة من طلاب طب من الدراسات العليا عملوا معالجين. ورغم أن بعض هؤلاء الطلاب قد طبقوا البرنامج في أعمالهم الخاصة وفي فرق عمل أخرى في بلدان أخرى، فإنه لايزال غير ممكن نشر البرنامج بجاهزية كاملة على نطاق واسع. ولهذا السبب، فإننا قررنا تجربة برنامج تدريب والدين واسع الاستخدام لتقييم قبول وكفاءة برنامج لم يتم تفصيله لتشخيص متلازمة أسبرجر.
يُتّبع؛ الجزء الثاني باسم »برنامج عتبة الوثب« يناقش برنامجًا أكثر قبولا وفعالية في إدارة الحالة.. فابقوا معنا.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015
بعد أن يسقط اﻵباء ... وائل عبد الفتاح
بعد أن يسقط الآباء
ع ع
وائل عبد الفتاح
أنظر جيداً.... هل ترى ملهمين؟
لم يخرج زعماء لا من «الربيع» ولا «الحراك» ولا «الانتفاضة» هل هذه صدفة؟ خطيئة؟ خطأ؟ عيب؟ أزمة؟ أسباب للموت؟
المراثي المعدة سلفاً تقول: إنهم بلا قيادة/ زعامة، إنها حركات على المشاع، تسقط سريعاً أمام خطط محكمة.
فالحراك يذهب إلى عزلته، كالربيع الذي وصل سريعاً إلى خريفه، أما الانتفاضة الثالثة أو الهبَّة الفلسطينية، فهي من أجل «تحريك» بحيرة الزعماء من ركودها، هكذا يقول المحللون، في تفسير ما يحدث من أجل «تجديد القيادة».
كأنها أزمة قيادة؟ لا أزمة بنية؟
ما نراه ونعيشه ليس خراباً مجرداً، لكنه الخراب المصاحب لمحاولة المجتمع الإفاقة من غيبوبة طويلة، ونهاية مرحلة «الأب الذي يلتهم عائلته»، سواء كانت دولة أو تنظيماً مقاوماً أو حزباً سياسياً، وذلك من خلال «طائفة بيروقراطية» (كما في مصر) أو محاصصة طوائف (لبنان) أو تنظيمات التحرير والمقاومة (فلسطين)... كلها أنظمة تبنى على «الفرد» الملهم/ الزعيم/ الإله أو نصفه/ الوسيط بين السماء والأرض، كأن الحياة أسيرة تنظيم سماوي، مقدس، تبني فيه الآلهة لتلتهم الناس في داخلها.
لهذا فالشعور بالخراب وحده، وليد شعور بالضياع في غياب الأب الأصلي أو موته السريري على مقعده/ وغياب الأب البديل الذي تطرحه انفجارات التغيير، بكل هشاشتها، وأقليتها، واقتصارها على «الاحتجاج».
الخراب ليس وحده، هناك الكشف.
ــــ 2 ــــ
هل كان يمكن كشف ما في مشروع «الصحوة الإسلامية» بكل أطيافه من الإخوان إلى «داعش»/ ومن بن لادن إلى أردوغان من عنف بربري/ وقدرة على تخريب المجتمعات، وتفريغ الإجماع العام من معانيه؟
كانت هذه المشاريع تُقدَّم على أنها «البديل» أو «الحلم» بالنسبة لمجتمعات فقدت القدرة على التواصل مع العالم إلا من جانبه الاستهلاكي، ولم يبق لها خيار إلا في أوهام العودة (إلى الخلافة أو الأمجاد أو حتى إلى الأندلس..) تقابلها في ذلك استقالة من الحياة بمعانيها الحرة، والإنسانية، وعواطفها، وأفكارها، وملذاتها، وانتظار الحياة في مكان آخر: الجنة.
هكذا سُحبت الإرادة تدريجياً من الناس، وعاشوا في بلادهم «أسرى» ينتظرون «المنقذ» أو «الملهم» أو «الإله/ الأب»... وفي الانتظارات تحوّلت الأجساد إلى هياكل خاوية تمارس وتستهلك حياتها اليومية وتمضع خرافات الانتظار وهلاوس النرجسية الجريح، وتتحرر من إنسانيتها... لم يعد هناك مجتمع ولا إجماع... لكنها حشود من مسوخ بشرية تعبد الآباء وتسير إلى الموت....
ولهذا فإن ما نعيشه حولنا جديد، ويحدث لأول مرة، لأنه ليس بحثاً عن زعامة بديلة/ أو دين جديد/ أو طائفة منافسة/ أو حملاً لبطل/ فتوة/ إله جديد في سباق السلطوية الممل والمدمر.
حتى في فلسطين المنفصلة بوضع الاحتلال، الانتفاضة الثالثة غير سابقتيها، أو تبدو كذلك في تعبيرها عن رغبة حياة، تتواصل مع «الأقلية» الهشة، وهو ما يزعج كيانات قديمة مثل «حماس» أكثر ربما ما يزعج إسرائيل، فالثالثة خروج عن سياقات آلت برحلة تحرير فلسطين إلى «الانغلاق» الإسلامي بعدما التهمت صراعات الزعماء العرب على طاقات الثورية الفلسطينية مقابل «حماس»...
الجديد هنا أن شباب «الثالثة» يخرجون عن الصورة التي حددتها سلطوية «حماس» للمقاومة، ولهذا لم تشغل الأحداث قادة حمساويين عن توجيه تعليمات للفتيات بعدم ارتداء الجينز والالتزام بالزي الشرعي (رمز حضور السلطوية).
الالتزام هو علامة اسر المقاومة «الجديدة» أياً كان الشكل الذي ستتخذه في المرحلة المقبلة... كما أن الحراك في بيروت سينشر روحاً جديدة رافضة لجوهر النظام مع رفض شخوص نفاياته الحاكمة.... وكما أنه برغم الإحباط من أقلية «الثورة» في مصر، إلا أن عملية الكشف عن طبقات العفن التي أكلت نخباً وطبقات الحكم والمعارضة بأشكالها القديمة جارية... وهنا نحتاج إلى تفكير في أن الخروج من حفرة أقامت فيها المجتمعات طويلاً ليس فيلماً قديماً ينتهي نهاية سعيدة، لكنه على الأقل مثل ألعاب البلاي ستيشن لا تنتهي، وتتصاحب فيها الإثارة مع الهزيمة، كلما قابل اللاعب وحشاً يختفي في مرحلة من مراحل اللعب.
ــــ 3 ــــ
كل ما نملكه هو اللحظة الراهنة.
.. وهذا ما تفعله «أقليات» التغيّر في «الثورة» و»الحراك» و»الانتفاضة»..
والدفاع عن هذه اللحظة الراهنة/ أي عن الحياة/ وبمنطق اللعب (الكرّ والفرّ، والتفكير اللمّاح، وحرق المراحل بما تمنحه التكنولوجيا من اتساع تضيّقه الحدود السياسية) وبأدوات تصنع مواقعها (بالمعنى الجرامشي)... اللعب بما أنه ساحات مشتركة وحالة مؤقتة للأشياء قابلة للتجدّد والتغيير لا الثبات والديمومة والتقديس.
ساعتها لن توزع العجائز قبلاتها على صورة بوتين باعتباره المنقذ/ أو الموديل/ بينما هو في رحلة إعادة الدب إلى «الكعكة» وسيكون من الممكن اكتشاف أن أردوغان الساحر لم يعد باقياً منه غير «صانع شر» محلي/ إقليمي يخرّب فرص خروج إعادة بناء هذه المجتمعات على إنسانية جديدة.
وكذلك ستكتشف أن السعودية ليست مملكة الجنة، وأنها في عز قوتها الراهنة تتعرّض لمخاطر السقوط والتفكّك ربما أكثر من مرحلة القوة المستترة.
وحتى إسرائيل التي بدت أنها استقرّت في سعادة، بالتواطؤ والاتفاق والسيطرة على خصومها، تواجه تفككاً من نوع جديد عليها.
ربما تفلت اللحظة الراهنة من القدرة على التغيير المباشر، لكن جدل الخراب والكشف سيفعل فعله، وبالتأكيد ليس في صورة نصر نهائي، أو ضربة قاضية، أو بزوغ نجم أبٍ جديد.
الاثنين، 5 أكتوبر 2015
عن اليمن والعاصفة ... ووحدة السﻻح
عن اليمن و«العاصفة».. ووحدة السلاح
عبد الله زغيب
في نهاية العام 1993، كان المشير عبدالله السلال، أول رئيس لليمن، أكثر العارفين بالطبيعة التي سارت على أرضيتها المغامرة المقبلة لعدن، منذ إعلان الوحدة الاندماجية غير الفدرالية بين اليمنين الجنوبي والشمالي في 22 أيار 1990، عقب تلاشي عناصر قوة المعسكر الشرقي. فالرجل السبعيني وقتها ترأس اجتماعاً لـ «منظمة مناضلي الثورة اليمنية» في قلب عاصمة الجنوب، بعد حدوث مناوشات عسكرية بين «جنوبيين» و«شماليين» في مناطق «الأطراف» الفاصلة بين حدود الدولتين المندمجتين. والمجتمعون بقيادته أكدوا أن أساس التوتر يرجع الى عدم توحيد القوات المسلحة بشكل حقيقي، وهو أمر أدى لتأليف لجنة من «هيئة الرئاسة» لإعادة دمج القوات المسلحة، والتي فشلت بطبيعة الحال وأدى فشلها مضافاً إلى أسباب أخرى إلى اندلاع الحرب الأهلية اليمنية العام 1994.
ببساطة، البلد الموحّد تفكّك، أو بات على طريق التفكك. وبمعزل عن أي «منجزات» مقبلة لمجمل طاولات الحوار، يبقى الأساس أن اليمن بنسخته الجيوسياسية الحالية لم يعُد قابلاً للاستمرار، ولن تبقى صنعاء عاصمة لعدن، طالما أن البناء القائم حالياً يعتمد على سلّة متكاملة من الأخطاء التاريخية التي ارتكبتها قيادة الحرب والاندماج، ثم الحرب، ثم الوحدة المبنية على هزيمة النصف الآخر، وصولاً إلى فوضى «ثورة الشباب» العام 2011 والتجاوزات التي رسختها المبادرة الخليجية، ثم الانقلاب الحوثي في أيلول 2014 على «نظام المبادرة» وما تلاه من حرب سعودية شاملة. فاليمن مهما بلغت شدّة صراعاته وتعقيداتها، وآلامها المصاحبة التي بنت أساساً متيناً من الانسلاخ المجتمعي، يبقى بلداً خاضعاً لقوانين السياسة وعلمها، وكذلك لبديهيات بـناء واستمرارية الدولة المركزية. و«التمرين العملي» الذي قدّمته الإدارة الأميركية في العراق، شكّل النموذج الأبرز في العالم لكيفية تحويل بلد قوي بلداً ضعيفاً، وتحويل دولة غنية تمتلك ثلاثية الأرض الخصبة والطاقة الأحفورية والكوادر القادرة على إدارة الثروات، دولة كاملة أو شبه كاملة الفشل. والطريقة كانت سلسة وبسيطة: تفتيت الجيش العراقي.
فشل الوحدة القسرية
في اليمن، لم يكن التفتيتُ مشكلة قائمة. بل كمنت العقدة في الدمج، حيث فشلت المؤسسة السياسية الحاكمة في إنتاج جسم عسكري موحّد ومتناسق، لشدة «الضغينة الشرقية» التي تملّكت عقلية مَن ادعى «الشعبوية» في الشمال و «الاشتراكية» في الجنوب. هكذا، عاش البلد قبل «حرب الانفصال» ثلاثة أعوام من الوحدة في ظل حكم ميليشيات «شرعية ونظامية». فعلى سبيل المثال، كانت الألوية 20 و30 و5 مدرع تتبع القيادة الجنوبية، فيما تسيطر صنعاء على «لواء العمالقة» و «الثاني مدرع» التابع لـ «الصاعقة»، وكذلك وجود أسراب من الطائرات المقاتلة تحت إمرة ميليشيا «الحزب الاشتراكي اليمني» ومثلها لـ «المؤتمر» شمالاً، إضافة إلى عشرات التشكيلات المناطقية والقبلية التي تتنوّع ولاءاتها جنوباً وشمالاً.
لم يتغيّر الكثير في عدن منذ ذلك الوقت. فالمدينة ومعها المحافظات الجنوبية لم تشهد عملية بطيئة لتذويبها في مجتمع يمني موحد. بل بقي العمل السياسي هناك مقتصراً على طبقتين، واحدة شريكة في حكم البلاد منذ وقوفها إلى جانب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في حربه مع آخر رؤساء الجنوب علي سالم البيض، ومن أبرز رموز هذه الطبقة الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي، وأخرى ترفض العملية السياسية وتعتبر أن الوحدة انتهت مع فشل «وثيقة العهد والاتفاق» في 18 كانون الثاني 1994، التي أعلنت في الأردن بين أقطاب الخلاف اليمني ما قبل الحرب الأهلية. وهذه الطبقة تتكوّن من تشكيلات الحراك الجنوبي وتنظيمات أخرى تدعو في أدبياتها لانفصال الجنوب اليمني عن صنعاء. وعلى منوال العمل السياسي هذا كان العمل العسكري، حيث شكلت القوات المسلحة اليمنية صورة طبق الأصل لطبيعة النخبة الحاكمة وتشعّباتها.
لم يتغيّر واقع ما بعد المبادرة الخليجية التي أجهضت «ثورة الشباب» المصاحبة لـ «الربيع العربي» عن الماضي. فقبل انطلاق عملية «عاصفة الحزم» كان الجيش اليمني يتوزّع على سبع مناطق عسكرية، حيث تخضع المنطقة العسكرية الأولى لعبد ربه منصور هادي ومقرّ قيادتها في مدينة سيئون، وكذلك المنطقة الثانية ومقرّ قيادتها في مدينة المكلا والثالثة ومقر قيادتها مأرب، وتمتد إلى شبوة الجنوبية والجوف في الشمال الشرقي، وعلى هذا المنوال تتبع المنطقة العسكرية الرابعة للرئيس اليمني خاصة أنها تشكل حامية عدن وجوارها. في حين يسيطر الرئيس علي عبدالله صالح على المنطقة العسكرية الخامسة ومقر قيادتها في مدينة الحديدة، والمنطقة العسكرية السادسة ومقر قيادتها في عمران، إضافة إلى المنطقة العسكرية السابعة وسط البلاد، وفيها معسكرات لقوات الحرس الجمهوري الموالي لصالح.
على هذه الشاكلة عمل الجيش اليمني في صراعاته كافة، وبالتحديد حروبه مع «القاعدة» والحوثيين، ثم الحرب الحالية التي انطلقت مع سيطرة «انصار الله» على البلاد في أيلول 2014، وتحوّل المسألة حرباً خارجية على اليمن بقيادة السعودية. كما أن الصورة الأكثر قرباً تحمل تعقيدات ومحاصصة في البنيان العسكري اليمني، أكثر عمقاً من أي نموذج آخر في العالم. وهذا كان عاملاً أساسياً استغلّته جماعة «أنصار الله» لتحييد خصومها وتعطيل أي محاولة لخلق مواجهة بينها وبين الجيش اليمني. كما عملت في الأسابيع السابقة لبداية «عاصفة الحزم» على إخلاء غالبية المعسكرات البعيدة في المحافظات الجنوبية من أي أسلحة استراتيجية أو نوعية قد تقع في أيدي «القاعدة» أو المقبل من الخصوم في الصراع الذي بدت ملامحُه جليّة في ذلك الوقت.
الجيش اليمني كلمة السر
الجيش اليمني كان وربما ما زال جيشاً قوياً بالمقياس الإقليمي. لكنه، على صورة اليمن، لم يتمكّن من التصالح مع الدور الذي يُفترض بالقوات المسلحة أن تلعبه. بل بقي رهين القسمة الدائمة، وبقي خاضعاً لكل التبدّلات والأهواء المصاحبة لها. ومنذ توقيع وثيقة التفاهم بعد الحوار الوطني نهاية العام 1993، بدت الصورة المقبلة أكثر وضوحاً، حيث توزّع الموقّعون ما بين ممثل عن «الحزب الاشتراكي» وكان رئيس الوزراء أبو بكر العطاس، والقيادي في «المؤتمر الشعبي العام» عبد الكريم الإرياني، والقيادي في «التجمّع اليمني للإصلاح» عبد الوهاب الآنسي. وهكذا كان جيش ما بعد الحرب الأهلية، مع فارق استبدال «الحزب الاشتراكي» بعبد ربه منصور هادي بعد وقوفه إلى جانب صنعاء في حربها مع عدن.
لم يكن الجيش اليمني ضعيفاً في أي يوم من الأيام بالمقياس الإقليمي. لكن تشرذم تشكيلاته حتى على مستوى العقيدة القتالية ساهم في تعزيز الزخم المصاحب لإنشاء ميليشيات وتنظيمات خارجة عن مفهوم الدولة المركزية، وهي في الوقت ذاته شكلت جزءاً أساسياً في عمل تكوينات يمنية في المنظومة الحاكمة. فالبعض استثمر «أنصار الشريعة» لتطويع مناطق «خارجة عن الدولة» كأبين، والبعض الآخر استثمر ميليشيات جنوبية نهاية تسعينيات القرن الماضي للضغط على الطبقة السياسية المعارضة للرئيس صالح، فيما شكل الواقع الحالي الاستثمار الأكبر في تاريخ اليمن للميليشيات غير النظامية، فكان الحوثيون بعدّتهم وعتادهم رافعة عسكرية وسياسية وشعبية لتشريع علي عبد الله صالح مجدداً، و«تطهيره» من «مآسي» الماضي اليمني، بينما كانت «القاعدة» و«الحراك الجنوبي» واللجان الشعبية التابعة لعبدربه منصور هادي رافعة مماثلة للحرب السعودية على صنعاء.
لن تنجح السعودية في إعادة عقارب الساعة من خلال حربها على اليمن، ولن ينجح الحوثي وحليفه علي عبد الله صالح في الحفاظ على مكتسبات السيطرة على البلاد في أيلول من العام الماضي. ولن ينجح الجنوبيون في الخروج موحّدين من المعركة القائمة وببلد يعتمد على حدود ما قبل الاندماج. ولن تنجح طاولة مستديرة كانت أم مجزأة وموزعة على عدد من العواصم. النجاح لا يمر إلا عبر طريق البندقية الموحّدة. فالبلد الأول في إنتاج العصبيات القبلية، والمجتمع الأكثر تسلحاً في العالم، والبنية الأكثر استعداداً لاحتضان الأزمات، كلها عناصر تثبت أن لا إمكانية للحفاظ على اليمن إلا من خلال تذويب كياناته العسكرية كافة في سلة «شرعية» و«نظامية» متكاملة. وبعد تخطّي الرياض وصعدة وعدن وحتى طهران، لاختبارات التحمّل الجارية بالحديد والنار، وعندما يدرك الجميع أن الحل يمر بالحوار بعد انتهاء حفلة عض الأصابع في الخارج، وقطع الأوردة في الداخل، عندها فقط يدرك المقتتلون أن وحدة الجيش في اليمن، وربما فقط في اليمن، تعني وحدة الدولة.
السبت، 3 أكتوبر 2015
أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
رأي
أسباب التدخل الروسي في سوريا وتداعياته
ع ع
معتز حيسو
ثمة أسبابٌ متعددة تكمن وراء التدخل الروسي المباشر في سوريا، بعضها يتعلق بمصالح روسيا الإستراتيجية، وأخرى بأوضاع سوريا والإقليم، نذكر من تلك الأسباب ما يلي:
أولاً: تمكين وجود روسيا العسكري في حوض المتوسط لضمان مصالحها الاقتصادية المتعلقة بالاستثمارات النفطية وأنابيب النفط والغاز، وللحد من هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها الدوليين والإقليميين على منطقة الشرق الأوسط. وتحقيق ذلك من الوجهة الروسية يفترض المحافظة على ما تبقى من مؤسسات الدولة الســورية، وإحكام قبضتها على مداخل ومخــارج التحولات الراهنة والمحتــملة، ووضع حــد لتراجع الجيش السوري أمــام المجموعــات الجهــادية. ومن المعلــوم أن خــروج الأوضــاع الميدانية عن الســيطرة، ســوف يســاهم بسقوط سوريا في قبضة مجــموعات مسلحة متناقضة، وبالتالي انسداد آفاق الحل السياسي، ومن الممكن أن يقود ذلك إلى تصفيات جماعية لفئات كبيرة من السوريين.
ثانياً: تخوّف القيادة الروسية من تدخل تركي مباشر لإقامة منطقة عازلة لتدريب الفصائل المقاتلة، وتجميع اللاجئين. وقد أفادت مصادر صحافية أن تركيا قررت التقدم إلى قمة الاتحاد الأوروبي بطلب إنشاء «منطقة أمنية» في شمال سوريا من أجل تدارك الهجرة الكثيفة. وقد أبدت دول الاتحاد استعدادها لبحث تلك الفكرة. ويؤكد ذلك تصريح وزير خارجية بلغاريا الذي أكد ان بلاده تدرس الأمر مع رئيس الوزراء التركي.
ثالثاً: توجُّس القيــادة الروســية من حصول مفاجآت ميدانية يمكــن أن تُعِّجل في إسقاط النظام، فكان تدخّلــها للحيلولة دون ذلك، ولتلافي خسارات كبرى، فيما يرى البعض أن موسكو تريد تقوية النظام في سوريا ليكون ورقة قوية في أي مفاوضات مقبلة.
رابعاً: تسعى روسيا للتوصُّل إلى تسوية سياسية قبل انهيار المؤسسات الهيكلية للدولة السورية. ويرتبط ذلك بتأمين مشاركة الحكومة في المرحلة الانتقالية مع هيئات المجتمع المدني، وقوى سياسية معارضة يتم توضيبها بما يتناسب مع الآفاق السياسية التي تشتغل القيادة الروسية بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية على تحضيرها. لهذا، فإن التدخل الروسي العسكري سيكون للضغط على أطراف الصراع والدول الداعمة، لفــرض مسار سياسي يتزامن مع استئصال القوى الجهادية. وقد ظهر أن العمليات العسكرية الروسية تتجاوز تنــظيم «داعش» إلى مجموعات أخرى ترفض المشــاركة في أي تسوية سياسية تقترن مع بقاء النظام في المرحلة الانتقالية. ويتزامن ذلك مع «مرونة» ظاهرية بدأت تبديها دول غربية وأخرى إقليمية كانت إلى وقت قريب ترفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية. مع ذلك، فإن رموز معارضة الخارج حتى اللحظة يتمسكون بأهداف إشكالية تجاوزتها المتغيرات والمصالح الدولية والإقليمية، والتحولات التي تداخلت على مسار «الثورة»، التي بات غالبية السوريين يرفضونها ليس حباً بالنظام، بل خــوفاً من هيمنة الجهاديين على مفاصلها وســياقات تحولاتها. وذلك لا ينفصل عن خوف كثير من السوريين أيضاً من وصول هؤلاء إلى السلطة، لأنه بالنسبة لهم يشكِّل كارثة وطنية.
أخيراً، ثمة تساؤلات تقض مضاجع السوريين وتؤرقهم، منها: هل سيقود التدخل الروسي إلى تحويــل الصراع من صراع بالوكالة إلى صراع بالأصــالة؟ وهل سيفضي التصعيد الروسي إلى الحفاظ على وحدة الجغرافيا السورية وعلى الدولة ومؤسساتها المدنية، أم أن الأوضاع ستسير إلى التقسيم وتعميق الاصطفافات والتخندقات المذهبية والطائفية والجهوية والإثنية؟ هل سيسرِّع التصعيد العســكري الروسي في إنضاج تسوية سياســية، أم أنه ســوف يساهم في زيادة تصدُّع القشرة الســياسية، وبالتالي إغلاق أبواب الحــل الســياسي كافة، وفتح سوريا على مزيد من العنــف والعنف المضاد؟ هل تتمكن موسكو عبر زيادة دعمها للنظام، من الإمساك بمفاتيــحه العسكرية والأمنية وتطويــع مواقفــه بما ينسجم مع الاستحقاقــات السياســية المرتقبة، أم أن ذلك سيعزز من تشدّد النظام وتمسكه بالخيار العسكري؟ وهل ستكون ســوريا مدخــلاً إلى إعادة إنــتاج نظام دولي متــعدد الأقــطاب، يستعيد في سيــاقه الروس مكانتــهم الدولية مقابل تراجع الهيمنة الأميركية؟ تلك الأسئلة وغيرها ترتبط الإجابــة عنها بالتــطورات والتحــولات القادمة.
الأربعاء، 30 سبتمبر 2015
تربية "الزبون" الصالح وائل عبد الفتاح
تربية «الزبون» الصالح
ع ع
وائل عبد الفتاح
ماذا ستقولون لأطفالكم عن أيام شباب دولتكم..؟
كيف ستبررون تحول دولكم ـ الشائخة إلى جحيم أو فتافيت كعكة تتصارع عليها الضباع؟
هل ستقولون إنها مؤامرة؟
أم ستدفعونهم إلى موجات نوستالجيا هائمة إلى الدولة ـ الشابة؟
كيف ستتربى الأجيال القادمة على بطولات أدت إلى مآسٍ، هل سيفهمون مثلاً مفارقة ارتداء كاسترو قميص الأديداس بعد سنوات لم تفارق فيها البدلة العسكرية جلده؟
هل سيحبّون بوتين لأنه نشر قواته على الساحل السوري ضماناً لمصالحه؟ وهل سيفهمون التفاهم السعودي ـ الروسي لحل الأزمة؟ أم أن أوباما بمنطق الساحر يبشّر بنزع بشار الأسد من المعادلة لتستمر؟
هل سيفهمون تعقيدات «الشتات السوري» بعد معايشة دمية تتحدى أخلاق الإنسانية التي تربّت في مؤسسات الدولة ـ القومية؟
كيف سيتعلمون في المدارس أن «السيادة» في الدولة ـ القومية ما زالت حلماً مقدساً، بعد أن تحولت إلى شرط من شروط الجحيم الأرضي الذي تعيشه شعوب لها «سيادة» على حدودها، من دون آمان/ إنسانية؟
كيف سيفهمون «دعوة» السيسي عن «توسيع» كامب ديفيد، مصاحبة لإيقاع الحرب على الإرهاب، أو متزامنة مع أزمات داخلية ترتبط بالحريات والاقتصاد؟
اي تربية لأجيال ترى الروايات كلها في الوقت نفسه وقد خرجت من صناديق البروباغندا؟
وكيف ستكون مصداقية اجيال قديمة يعودون بمزاجهم أو بعجزهم إلى صناديق البروباغندا القديمة ليشعروا بالأمان في حماية انظمتهم الذكورية التي يتخيلونها مجنّحة تحقق المعجزات؟
ما هي المناهج التي تساعد الاجيال الجديدة على فهم ان الدولة في شيخوختها لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي، وأن حروبها لكي تستعيد ركودها...؟
.. كيف ستفكر الأجيال القادمة في الثقب الاسود الذي نعيشه الآن؟
وهل يفكرون؟ هل يتعلمون في المدارس و الجامعات شيئا عن منظومة «الزبون» الصالح؟
ــــ 2 ــــ
المواطن زبون... يمنحونه رشوة ليمنحهم رخصة الاستبداد.
هذه قواعد تسري بين الدول والجماعات والأحزاب والطوائف.
وهذا ما خلقته الدولة ـ الشابة ليخدمها في مرحلة الدولة ـ الشيخة.
الدولة هنا أرض الغنائم للسلطة، تتشابه هنا الطبيعة البيروقراطية كما في مصر مع حصص الطوائف كما في لبنان.. وما بينهما في جمهوريات وممالك تعود إلى مزاج القرون الوسطي كما لو كانت سنوات التنوير والتحديث و مابعدهما مجرد قشور تتساقط رغم غلاظتها...
وكيف يمكن تفسير المشهد المريع في الحج حين داست الأقدام أمام نصب ابليس اكثر من 700 حاج، وبدلا من التفكير في ادارة حديثة لموسم الطقس الديني انتقلت الاتهامات الى مستويات مذهبية، تعكس الصراع السعودي ـ الايراني، وتشعل فتنة «السنة ـ والشيعة»؟
المشهد ينتمي (في الحدث/ وفي طرق معالجته) إلى قرون لم تتراكم فيها ثقافات وأخلاقيات نقلت الانسانية بعيداً عن عصور البربرية والتوحش، حيث القتل لا يهزّ شعرة او يتحول إلى عامل اضافي في حرب يراها مشعلوها أنها مقدسة او تبرر قتل الابرياء.
لا يعلمونهم الاسئلة، ولا التفكير، ولا النقد، في مسارات التربية والتعليم... يهتمون فقط بالطوابير والصفوف ليزرعوا فكرة «الحشد».. وهنا سنعثر على المفارقة: فالتلاميذ يُحشدون ضد «داعش» في المساء والسهرة مع بروباغندا الاعلام، بينما في مستعمرات ا»لزبون الصالح» يشربون مناهج «داعش..»
اي ان هذه الاجيال ينتظرون اتفاق اوباما وبوتين على طريقة الحرب على «داعش»، بينما هم انفسهم سيتحولون إلى جند «داعش» ومن سيرثها..
ــــ 3 ــــ
هل ستنقلون إلى اولادكم تعاليم «الزبونية» القديمة؟
هل ستقفون امام جحيم الدولة في شيخوختها؟ هل ستضحكون عليها كما تضحكون على كاسترو والأديداس؟ ام ستتخيلون ان اسامة بن لادن سيعود فعلا كمسيح اسلامي منتظر؟
هل ستصدقون الخرافات وتعتقدون ان صدام وبن لادن وعمر سليمان وربما غيرهم ما زالوا احياء وسيعودون في اللحظة المناسبة؟
هل تحلمون بالدولة ـ الشابة بعدما ارتكم نسختها الشيخة كل هذا العذاب والرعب والقتل؟
الأسئلة أوسع من الإجابات بما لا يمكن التغافل عنها... والتفكير أو التأمل سيقودنا إلى شيء أوسع قليلا مما يمليه «عقل الأزمة»
علّنا نفهم سر التقسيم الجديد لكعكة قديمة. لم يعد فيها ما يمكن التهامه.
هكذا يمكن ان ننظر لقادة «النظام العالمي» في الجمعية العامة رقم 70 وهم يقدمون مبادراتهم/خططهم/حروبهم لإنقاذ المنطقة من جحيمها.
الأمم المتحدة نظام يصل إلى وهنه الكبير.
فشلها الذي يتحول مع الايام إلى موسم بروتوكولي، لكنه مثير لإتاحته فرصة الفرجة المدهشة على الإغراء الذي تمثله فتافيت الكعكة: تحلم روسيا ببعضٍ من حصة «الاتحاد السوفياتي» في تشكيل النظام العالمي، أو أن تحافظ اميركا على اصابعها القديمة في منابع النفط بعد ان وصل اللوبي الخليجي إلى نيويورك وواشنطن، او ان التنين الصيني يتحرك ببطء ليشغل المساحات المنسية.
مشاهدة النهايات ليست مسلّية، خاصة عندما يصبح «الحراك» خارج الدفاع عن «زبونية عادلة»... مجرد اقلية مشاغبة تحاول الإنقاذ او الاصلاح ويحاربها كتل متنافرة من المحاربين لاستعادة الركود.
حروب الطوائف على السلطة وحروب التقاسم الدولي للمشرق العربي
حروب الطوائف على السلطة وحروب التقاسم الدولي للمشرق العربي
طلال سلمان
حتى مناسك الحج اغتسلت هذا العام بدماء المسلمين التي اختلطت بدماء الأضاحي من خرفان عيد الأضحى المبارك. كأنما لا تكفي دماء الألوف المؤلفة من ضحايا الإرهاب بالدين الذين يتساقطون على امتداد أرض المشرق وبعض المغرب، فتسقط معهم بعض دولهم وتُفرض جاهلية جديدة باسم الدين الحنيف على الأرض التي أعطت العالم أنبياء الهداية، الذين بشروا بالرسالات السماوية ونشروا التوحيد وكلمة الحق في أربع رياح الأرض.
المفجع أن فصولاً جديدة من التاريخ المستحدث والذي يشكل إخراجاً للأمة من موقعها الطبيعي تكتب الآن، تحت رايات إسلامية مزورة. هكذا، فإن المذبحة تستهدف الإسلام والعروبة معاً... فوضع العروبة في مواجهة الإسلام، والإسلام في مواجهة العروبة، يعني تجريد العرب من هويتهم القومية ومن دينهم الحنيف في آن معاً، بتصوير العروبة وكأنها العدو المبين للإسلام والعكس بالعكس.
بعد ذلك، يسهل تفسيخ الإسلام إلى مذاهب متصارعة وإشغال السنة بحرب لها الأولوية المطلقة ضد الشيعة (بعنوان إيران) التي ستجد ميادين جاهزة لها بالتوارث التاريخي في بلاد الشام خاصة (العراق وسوريا وبالاستطراد لبنان). وفي غمار هذه الحرب، يسقط العدو الإسرائيلي سهواً، ويجري إلباس الإيراني أثواب العداء التي كانت للصهيونية ذات يوم، ويصوَّر التركي ـ الذي يضفي عليه أردوغان ملامح السلطان العثماني ـ وكأنه حامي حمى السنة من الشيعة الصفويين.
في السياق ذاته، ينتبه «الوهابيون» في المملكة المذهبة إلى «الزيود» في اليمن الذين يمكن اعتبارهم واحدة من الفرق الشيعية، فيتخذون من «حليفهم السابق» الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ذريعة لشن الحرب عليهم بعنوان «التغلغل الفارسي» في الجزيرة العربية وتهديد أمن الديار المقدسة.
تختفي السياسة تحت أقنعة الحرب الدينية، بل المذهبية، وتغلّب المصالح المباشرة للأنظمة الحاكمة مقولة «الجهاد»، ويتفاقم الصراع متخطياً حدود السياسة إلى الحرب جواً وبحراً وبراً، بينما «داعش» يوسع مساحة احتلاله ملتقطاً شعار «الجهاد» من أجل إحياء الإسلام ببعث «الخلافة» التي مثلت سبباً لحرب أهلية مفتوحة في التاريخ العربي ـ الإسلامي، وأُسقطت نهائياً بعدما انتفت الحاجة إلى التمويه فصار «الخليفة العربي» سلطاناً عثمانياً.
تقتتل أنماط من الإسلام السياسي، إيراني ـ فارسي ـ شيعي، تركي ـ عثماني ـ سني، إخواني ـ وهابي ـ أصولي، على الأرض التي كان أهلها يسمونها «الوطن العربي» ذات يوم ويحلمون بتوحيدها تاركين لأشقائهم المسيحيين أن يكتبوا لها «العقيدة القومية»، بداية مع رواد النهضة مطلع القرن العشرين، وهم الذين أحيوا فكرة «العروبة»، ثم «القومية» مع أنطون سعادة الذي اكتفى بالهلال الخصيب (لبنان وسوريا والعراق) وصولاً إلى زكي الأرسوزي وميشال عفلق ورفاقهما الذين بشروا بـ «البعث»: أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة... وصولاً إلى الدكتور جورج حبش و «حركة القوميين العرب».
ولقد مكن لهذه الدعوة وجعلها قاعدة للنضال القومي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مدعوماً بالغرب الأميركي والشرق السوفياتي، بعد الحرب العالمية الثانية، أما الذروة التي حولت الفكرة إلى منهج سياسي فجاءت مع العدوان الثلاثي على مصر، في خريف العام 1956، والانتصار التاريخي الذي تحقق للعرب بقيادة جمال عبد الناصر، وأضفى على «فكرة» العروبة، عبر الموقف العربي الجامع، الطابع السياسي لتكون منطلق العمل من أجل الوحدة السياسية، التي سرعان ما ارتجلتها الحماسة والمأزق الذي كانت تعيشه سوريا تحت حمى الانقلابات العسكرية، فقامت الجمهورية العربية المتحدة التي سقطت قبل اكتمال سنتها الرابعة.
لكن ذلك قد بات حديثاً في الماضي الذي لن يعود.. وها هم العرب يخسرون «دولهم»، التي أقيمت ذات يوم بقرار أجنبي وعلى حساب أحلامهم بالوحدة ودولتها الجامعة العتيدة، والتي تتهاوى اليوم عبر حروب أهلية مفتوحة، بينما تندثر العروبة والوحدة وكذلك «الوطنية» التي تم النظر إليها، ذات يوم، على أنها «كيانية» تُستولد قيصرياً، وبرعاية دول مؤثرة وذات مصالح في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية الفائقة.
ومع «الدول» يخسر العرب هويتهم الجامعة، فتغلب «الكيانية» التي يسهل تحولها إلى عداء مع التاريخ والجغرافيا وإنكار للذات والأرض، وإلى الذوبان في «أممية» يغلب عليها الانبهار بالغرب الأميركي مع خجل من «الذات» والتنكر لكل ما يحدد «الشخصية الوطنية» ويميزها، وكلّ ما كان، ذات يوم، مصدراً للفخر والتباهي بأمجاد الماضي والسبق إلى الحضارة بالثقافة والعلوم والتعلق بالأرض باعتبارها مقدسة ومصدراً للاعتزاز بالهوية.
لا أحد بين «العرب» يعترف الآن بأنّه «عربي»!
من الكيانية إلى الطائفية فإلى المذهبية، فإذا العرب أشتات من القبائل المقتتلة، يستدعون الأجنبي لحماية بعضهم من البعض الآخر.
وكما على الأرض كذلك في السماء، تتجاور أساطيل الطيران الحربي، أميركية بطيار أو من دونه وبريطانية وفرنسية وأوسترالية وأخيراً روسية تجمع إلى الفضاء الأرض في الساحل السوري، بذريعة شن الحرب على «داعش»، فتسقط الحدود التي طالما كان اختراقها ـ ولو بالمصادفة ـ يستنفر الجيوش ويبرر إعلان حالة الطوارئ استعداداً للحرب، بين سوريا والعراق، مثلاً.
صارت الحرب على «داعش» هي الذريعة لمشاركة الأسطول الجوي الروسي مع أساطيل دول خصومه في الغرب في حماية سماء «الهلال الخصيب» ودولتيه سوريا والعراق.
وصارت الحرب في سوريا وعليها أرض التلاقي بين الدول، شرقية وغربية، لمنع انهيار الدولة فيها، واستطراداً في العراق. وإن لم تكن هذه الحرب ضمانة لوجود الدولتين بصيغتهما المعروفة منذ اتفاق «سايكس ـ بيكو» في العام 1916. فالأحاديث تترى، في أروقة الأمم المتحدة، كما في عواصم بعيدة، عن مشاريع لتقاسم مناطق النفوذ، مرة أخرى، عبر «اتفاق جنتلمان» يحفظ للدول الكبرى مصالحها، بغض النظر عما سيكون مستقبل دولتي العراق وسوريا: هل يبقى الكيان موحداً عبر صيغة فيدرالية ـ طوائفية لنظام الحكم، أم لا بد من اجراء تعديل على النظام وفيه من دون المس بوحدة الدولة؟
وهكذا تفرض «الدول»، وبحسب مواقع نفوذها، صيغة جديدة للحكم الفيدرالي في كل من سوريا والعراق، مع احتمال نقل هذه الصيغة، إذا ما نجحت، إلى اليمن التي تمزقها الآن «حرب الأمل» التي تشنها السعودية ومعها دول التحالف الخليجية أساساً، على هذه الدولة الفقيرة والمفقرة، فتذهب بعمرانها، الجديد وهو عارض، والتاريخي وهو نادر المثال، كما بوحدة شعبها التي كانت دائماً مهددة والتي قد تشكل الحرب الجديدة فرصة لإعادة تقسيمه إلى دولتين، واحدة في الشمال حيث الغلبة للزيود، والثانية للشوافع في الجنوب.. فإذا نجح هذا المثال يمكن اعتماده غداً في أنحاء أخرى من الوطن العربي (ليبيا، مثلاً، إذا ما تعذر اعتماده في سوريا ـ والعراق..).
ومع هذه الإفاقة المصنعة للمذاهب وللطوائف، ومعها الأقليات الطائفية المنتشرة في مختلف أنحاء المشرق العربي، ترتفع أصوات طبيعية أحياناً ومصنعة أحياناً أخرى تطالب باعتماد الطائفية أساساً للكيانات السياسية. ووفق هذه القاعدة يمكن الحديث عن 3 او 4 سورِّية (كردي، عربي، سني، علوي)، وعن 3 او 4 عراقيّة (كردي، عربي، سني، شيعي)، أما لبنان فيستحيل تقسيمه جغرافياً على أساس طائفي، لكن تقسيم الحكم على قواعد طائفية ممكن بل واجب، بحيث تُعطى فيه أفضلية مطلقة للأقليات المسيحية، باعتبار ان الأقليات الإسلامية قد نالت «حقوقها» في الأقطار المجاورة!
هكذا حال المشرق العربي، إذاً، في هذه اللحظة «التاريخية»: العالم كله، شرقاً وغرباً يحكمه بطيرانه، من فوق، بذريعة قتال «داعش» وهو التنظيم الذي يسيطر بالنار على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وأنظمة أضعفتها الحرب الأهلية فلم تعد قادرة على رفض المساعدة الأجنبية، جوية عموماً مع تواجد عسكري محدود وإن كان حاكماً على الأرض.
ولا شك أن اللقاءات التي شهدتها وتشهدها كواليس الأمم المتحدة، هذه الأيام، تمهد للصياغة الأخيرة لاتفاقات تقاسم الأرض العربية، بثرواتها المعلنة أو الكامنة... وسيكون العرب الطرف الأضعف، لأن من كانوا أقوياء من حكامها قد غرقوا في حروب دموية مكلفة عجزوا عن كسبها وإن عجز خصومهم عن إلحاق الهزيمة بهم... وهكذا حانت لحظة التسوية التي سيصوغها «الأقوياء»، وهم هنا الدول الكبرى التي توزَّع طيرانها السماء العربية، والتي سيكون لها رأيها الحاسم في أي نظام يبقى، وبأي شروط، وربما تجاوز ذلك إلى الكيانات وحدودها، لا سيما ان هذه الكيانات تحتوي واحدة من أخطر الثروات في هذا العصر: النفط والغاز، فضلاً عن الموقع الاستراتيجي.
وبالمصادفة، يأتي الاحتفال المبهر في موسكو بإنجاز بناء أكبر مسجد للمسلمين في روسيا، وقد شارك فيه إلى جانب الرئيس الروسي بوتين الرئيس التركي أردوغان ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وإسرائيل هي الرابح الأكبر، مع أنها لا تجلس مع الأقوياء الذين يبتدعون الآن صيغة التقاسم
الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015
التمارين العقلية سبيل لتحقيق الذات
التمارين العقلية سبيل لتحقيق الذات
رنين عيسى
يقرر أن ينام، ويحاول جاهدًا أن يرتاح في نومه، أن يهيئ له حلما، يجده فيه! تزعجه أفكاره التي يتخيلها قبل أن ينام، أمنياته التي لم تتحقق، وكثرة الازدحام في رأسه، يصاب بالقلق ثم يكذب على نفسه بأن أحلامه من حقه ولابد أن يحققها ولو في نومه!
نحن نحتاج لشيء يخرجنا من هذا النمط الذي يرتكب في حقنا أبشع الجرائم. شيء يجعلنا على مقربة من رؤية حقيقة الحياة، وهي أن الإنسان الذي يجهل لن يستطيع أن يكون سيدًا على مصيره، وأن الحياة التي تعاش دون تفكير هي حياة لا تمتحن، فنحن نفكر في أسباب الظواهر وفيما يترتب على الأحداث، فنربط الأحكام بمقدماتها وأسبابها، ونربطها بنتائجها التي نتوقعها، وفي كل هذا نخطئ أو نصيب، فإذا أخطأنا انعكس الخطأ على تصرفاتنا، وإذا أصابنا أصابنا كذلك في تصرفاتنا، فالتفكير له قيمته في اقتصاد الجهد، ولا ريب أن الكثير من النمطين بإمكانهم أن ينعموا بالحياة من خلال مجهود عقلي جيد التوجيه.
ولهذا تكمن أول واجبات الحياة في أن يكون الإنسان واعيا كلما استطاع إلى ذلك سبيلا، أن يرتفع فوق الحقائق المشوهة والسفاسف المصطنعة التي تشيع في الفكر اضطرابا، وفي النفس حيرة، ألا يسير في طرق الحياة مصادفة، بل يتوقف في هدوء ويفكر ولا يجعل أي شيء يشد انتباهه؛ وهذا قبل كل شيء هو مصدر الجمال العقلي، مصدره أن يتصرف الإنسان بما يليق بالكرامة الإنسانية ولا يتصرف كما تحمله القوة العشوائية، أو القوة التي يستسلم لها استسلام الآلات، مصدره أن يكون الإنسان سيد نفسه، وأن يعلم أنه يريد فيعمل أو يمتنع عن العمل، وليس أن يساق إلى ما يراد، وكلما تعاظم قدر ما تتشرب من معلومات عن العالم، تعاظمت قدرتك لاحقا على تأمين أسس لردود أفعال أكثر تركيبًا وتفاعلًا مع الواقع.
لذلك يعد أهم عمل للوعي هو الإدراك، ويمكن وصف الوعي كشعاع العين، والإدراك هو الصفة الانتقائية لرؤية الأشياء، أي أن الوعي هو أن أعرف بينما الإدراك أن أعرف كيف أعرف أي كيف أعلم نفسي وأزيد من معلوماتي ومعارفي، ومن موجبات الإدراك رؤية الحقائق المؤلمة التي تحتاج إلى قدر كبير من الشجاعة، ولكنها السبيل الوحيد الذي نستطيع إذا تبعناه أن نتجنب كثيرًا من التعاسة، أي رؤية الواقع كما هو ليس ما يجب أن يكون عليه، والوعي لا يعبر عن نفسه إلا إذا واجه العقبات التي يفرضها الواقع واتخذ في سبيلها طريقا منطقيا وعرضا متكافئا من خلال الفعل ومقاومة الفعل.
لذا تعد حرية التفكير هي الإرادة الصلبة التي تبني وتحرر وتبدع وتبتكر، ويبقى السجن الحقيقي هو أن تحتجز نفسك داخل نمطية فكرة بائسة.
غيّر مستوى تفكيرك
أهمية التفكير تكمن في قدرة الإنسان على الاستبصار، وقدرة الإنسان على التحليل والتركيب مكنته من ممارسة تفكير منظم لحل مشكلاته.
وتحكي قصة إيجابية عن مزارع هولندي يدعى فان كلويفرت هاجر إلى جنوب أفريقيا للبحث عن حياة أفضل، وكان قد باع كل ما يملك في هولندا على أمل شراء أرض أفريقية خصبة يحولها إلى مزرعة ضخمة وبسبب جهله وصغر سنه دفع كل ماله في أرض جدباء غير صالحة للزراعة، ليس هذا فحسب بل اكتشف أنها مليئة بالعقارب والأفاعي والكوبرا القاذفة للسم، وبينما هو جالس يفكر في حظه السيء خطرت على باله فكرة غير متوقعة، لماذا لا ينسى مسألة الزراعة برمتها ويستفيد من كثرة الأفاعي من حوله لإنتاج مضادات السموم الطبيعية، ولأن الأفاعي موجودة في كل مكان، ولأن لا أحد متخصص بهذا المجال حقق نجاحًا سريعًا بحيث تحولت مزرعته اليوم إلى أكبر منتج للقاحات السموم في العالم.
مختصر هذه القصة أن بمجرد تغيير الهدف وتغيير طريقة التفكير والتصالح مع الواقع تتحول أحلامنا المحطمة إلى فرص جديدة وغير متوقعة تتحرك في مصلحتنا.
تنمية مهارات التفكير
أولا: مهارات الإعداد النفسي
• الثقة بالنفس وقدرتها على التفكير والوصول إلى النتائج.
• المرونة والانفتاح الذهني وقبول التغيير.
• الإقرار بالجهل إن لزم الأمر واستشارة الآخرين.
• الاستعداد للعدول عن وجهة نظرك ولتغيير الهدف والأسلوب إن لزم الأمر والتريث في استخلاص النتائج.
• تجنب التناقض والغموض وعرض الفكرة بأسلوب واضح ودقيق.
ثانيا: مهارات الإدراك الحسي:
• الاستماع الواعي والملاحظة الدقيقة وربط ذلك مع الخبرة الذاتية والتأكد من خلوها من الوهم والتخيلات.
• توسيع نطاق الرؤية بالنظر إلى عدة اتجاهات ومن عدة زوايا.
ثالثا: المهارات المتعلقة بتجنب أخطاء التفكير:
• استخدام التفكير للاستكشاف وليس للدفاع عن وجهة النظر.
• تجنب القفز إلى النتائج أو الخلط بين الفرضيات والحقائق.
• تجنب التعميم بغير أساس.
• تجنب التهويل أو التبسيط الزائد.
• تجنب الأطراف (أبيض / أسود) إذا كان هناك بدائل.
• معالجة أسباب المشكلات وليست الأعراض.
التمارين العقلية سبيلا لتحقيق الذات
راجع نوعيات الأفكار التي ترد إلى ذهنك، هل هذه الأفكار سلبية، إيجابية أو محايدة وواقعية، على الأقل 5 مرات يوميا لمدة أسبوع كامل ، وإذا اكتشفت أنك تفكر بطريقة سلبية معظم الوقت فحاول تغيير هذه الأفكار إلى أفكار إيجابية أو منطقية.
أمثلة:
الفكرة السلبية: لن أتمكن من اجتياز هذه السنة الدراسية أبدًا.
الفكرة المحايدة: المواد الدراسية لهذا العام تبدو صعبة.
الفكرة الإيجابية: السنة الدراسية موادها صعبة ولكنني على يقين من اجتيازها بالجهد والمثابرة.
الهدف من التمرين أن تدرك ما إذا كنت تنجرف دون قصد منك إلى التفكير السلبي أم لا وأن تكون لك سيطرة أكثر على أفكارك، وتصحيح مسارها لا يمكن إلا باكتشافها أولا والتمرين سيقربك من نقاطك الإيجابية لتستغلها وتفيد بها نفسك والآخرين.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
الاثنين، 28 سبتمبر 2015
العرب يتسولون أوطانهم على باب اﻷمم المتحدة ... طﻻل سلمان
العرب يتسوّلون أوطانهم على باب الأمم المتحدة..
ع ع
طلال سلمان
دار الزمان بالعرب دورة كاملة فإذا هم غير من كانوا، بل لعلهم في واقعهم المعيش أقرب لأن يكونوا خصوم آبائهم وأجدادهم، أعداء لأهدافهم السامية في التحرر والاستقلال والوحدة وتحرير المقدسة فلسطين.
تدوي أصداء هزيمة العرب الشاملة في أرجاء مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وقد تبلبلت ألسنة مسؤوليهم الذين ذهبوا إلى مستعمريهم القدامى يستغفرونهم ويعتذرون عما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، شاكرين لهم مبادرتهم التي اتخذوها بلا طلب منهم فقرروا العودة إلى رحابهم لإنقاذهم من أنفسهم، بعد تأمين مصالحهم الهائلة في هذه المنطقة الخطيرة بثرواتها، براً وبحراً وصولاً إلى الصحاري المذهبة!
يقف قادة العرب أو مندوبوهم خلف الأبواب المغلقة على لقاءات الكبار من المنقذين، قادة الدول العظمى والمتوسطة، المنهمكين الآن في توزيع المهام وتقاسم الأدوار والثروات في هذا المشاع العربي المفتوح لطيرانهم الحربي ومستشاريهم، بالنفط والغاز والموقع الاستراتيجي.. والاحلام العربية السنية التي تحولت إلى كوابيس تمخر العقول المنهكة إلى حد العجز عن متابعة تحرك الاساطيل في البحار التي كانت لهم فصارت لعدوهم.
صاروا، قادة ورعايا، يقعون على اقفيتهم ينتظرون، مرة أخرى، قرار «الدول» في شأن بلادهم التي كانت دائماً بلادهم ولكنها لم تكن دائما لهم: مَن مِن دولهم قابل للحياة، ومن هي الواجب تقسيمها، وعلى اية قاعدة، الدين أم الطائفة أم العرق أم المذهب السائد، مع الحرص على حقوق الأقليات التي لم تعد أقليات بعدما انفرط عقد الأكثريات؟؟
لقد أسقِطت، بل انهم هم الذين أسقطوا رايات نضال الأجيال من اجل الحرية والاستقلال والوحدة، وانكفأوا تجللهم خيبة الأمل والحسابات المغلوطة، وتغييب الشعب، يطالبون بعودة الأجنبي حاكما أو وصيا أو مرشدا، أو ـ أقله ـ خبيرا يدلهم على الطريق إلى غدهم بعد إخراجهم من نفق الخيبة والضياع في بحر الظلمات يجلله الشعار الديني المغلوط وصورة «الخليفة» الذي يحيي ويميت الخارجين على «دولته» التي أقامها بجنودهم وأموالهم وخزين الفتنة الذي يثقل على صدور رعاياهم!
وإنها لمشاهد مهينة: ان يقبع القادة العرب، أو ممثلوهم السامون، في غرفهم، في انتظار ان يتبلغوا فيبلغوا مَن من هذه الدول سيشارك في «تحرير» أوطانهم، وكيف ستوزع الغنائم بعد النصر المبين، أم ترى ستنشئ هذه الدول (وقد خلت من سموم الاشتراكية) اتحاداً دولياً لتقاسم الغنائم، في الحاضر والمستقبل على قاعدة: لكل حسب جهده الحربي، مع الحفاظ على «الحقوق التاريخية» للأقدم حضوراً والأعظم فاعلية في المعركة الفاصلة... الآتية بلا ريب، ولو بعد حين!
وإنها لقسمة ضيزى: ان تكون الأرض لداعش (والنصرة بالتبعية) والجو لطيران التحالف الدولي الجديد، والذي لا سابقة له ولا مثال، والبحار التي كان الطموح بإعلانها «عربية» قد غرق مع أطفال المهجرين من الأوطان طاردة أهلها، فعادت ملكيتها للأساطيل الأجنبية التي تزدحم فيها حتى لا يقع غبن أو خطأ في توزيع الحصص على المشاركين في «التحرير بالاحتلال» أقله في المجال الجوي المفتوح لتمارين طياريهم واختبار قدرة طائراتهم على التدمير الشامل!
& & &
فجأة، صارت الأمة مجموعة من الأقليات، الدينية أو الطائفية أو العرقية، ولكل أقلية، ولو عدت بالملايين دولة راعية (حتى لا نقول حامية)... وفي حالات محددة لا بد من كونسلتو من مجموعة دول، كما أطلت البشائر في العراق.
وتشاء المقادير ان تتواكب هذه الإنجازات مع ذكريات غالية كانت تشهد لهذه الأمة بحقها في الحياة وبجدارتها في ان تصنع غدها الأفضل، ومن الصعب القبول بأننا قد انقلبنا ـ فجأة ـ إلى «أمم» متباغضة إلى حد الاشتباك الحربي والتآمر العلني والسقوط الجماعي في بئر خيبة الأمل والعجز عن حماية الإنجاز، ولو كان في مرتبة الحلم، فكيف بالعجز عن وحدة «الكيانات» التي اصطنعها المستعمر وارتضيناها كارهين؟!
فاليوم، هو الذكرى الرابعة والخمسين لسقوط دولة الوحدة الجمهورية العربية المتحدة، التي اغتالها الخارجون عليها من أهلها في طلب السلطة ولو في ظل الاحتلال الأجنبي، إسرائيلياً، أو أميركياً، لا فرق...
واليوم، هو الذكرى الخامسة والأربعين لمغادرة الزعيم العربي جمال عبد الناصر الذي ظل يقاتل بأحلام الجماهير من أجل الغد الأفضل حتى انطفأ.
واليوم ليس نهاية الدنيا.. وستعرف هذه الأمة طريقها إلى غدها في قلب الصعب، ولعل اكتمال الظلمة يقرب موعد الفجر.
الجمعة، 25 سبتمبر 2015
تعرف على أسوأ أنواع المدراء غي العمل
بحث في بي بي سي
Arabic navigation أقسام
تعرف على أسوأ أنواع المدراء في العمل
لوسي ماركوس
كاتبة وخبيرة أعمال
25 سبتمبر/ أيلول 2015
الإدارة من خلال التدخل في التفاصيل ليست مجرد مرض يصاب به المديرون الفاشلون فقط، أو زميل موسوس في العمل، فذلك النمط السيء من الإدارة يمكن أن يوجد حتى في مجالس الإدارة أيضاً.
من خلال محتوى البريد الإلكتروني ومن بعض الأسئلة التي أتلقاها، لا يبدو أن بعض أعضاء مجالس الإدارة يفهمون ما أطلق عليه "المشاركة وليس التدخل" كتوصيف لدور أعضاء مجلس الإدارة. فيما يلي بعض الأمثلة من الأسئلة والملاحظات التي تلقيتها مؤخراً:
- كيف يمكن أن أنجز عملاً ما إذا كان علي أن أرد على رسائل من أعضاء مجلس الإدارة يصل عددها إلى خمس أو عشر رسائل في اليوم الواحد؟
- مجلس إدارتنا محدد الأهداف، لكن أعضاءه يحاولون إدارة الأمور اليومية. فهم يطرحون أفكاراً باستمرار.
- هل لك أن تكتبي عن اتباع مجلس الإدارة لأسلوب التدخل في التفاصيل الدقيقة؟
نتائج هذا التدخل يمكن أن تتسبب إما في إزعاج بسيط، أو نتائج مدمرة بشكل كبير.
مشكلة بعيدة المدى
هذه المشكلة لا تقتصر على عضوية المؤسسات والهيئات الجديدة. ففي كل منظمة، سواء كانت عامة أو خاصة، صغيرة أو كبيرة، ربحية أو غير ربحية، يعتبر أسلوب الإدارة الدقيقة ذلك محدداً لمدى نجاح المؤسسة ومستوى الروح المعنوية لموظفيها.
تنبع المشكلة بشكل جزئي من أعضاء مجلس الإدارة الذين لا يدركون طبيعة دور أعضاء المجلس. وبعبارة أبسط، يتعين على مجالس الإدارة وخصوصاً الأعضاء غير التنفيذيين أن يوازنوا بين الإشراف ووضع الخطط. وهذا يعني بالضبط أن على مجلس الإدارة أن يضع يده على نبض المؤسسة، ويطرح الأسئلة الصعبة، ويساعد على تطوير الخطط وتوجيه المؤسسة.
Image copyrightThinkstock
يوجد لدينا أدوار للمشاركة، مثل المساعدة على وضع لائحة رواتب وعلاوات المسؤولين الكبار، ومراجعة الأمور المالية وإقرارها، لكن حتى هذه الأمور تعد ذات طابع إشرافي.
ما الذي ينبغي ألا يفعله أعضاء مجلس الإدارة؟
عليهم أن يمتنعوا عن التدخل في الأمور الإدارية اليومية، والاهتمام بالتفاصيل الإدارية الصغيرة للفريق التنفيذي، أو حملنا على أن نكون الذراع القوية للمؤسسة التي تقوم بما نريدهم هم أن يقوموا به. فنحن لسنا المدير التنفيذي، ولا المدير المالي، ولا مدير شؤون الموظفين، ولا من يضعون الخطط، أو ما شابه ذلك.
إذن، لماذا يتعمد بعض أعضاء مجلس الإدارة طمس الخط الفاصل بين الأدوار التنفيذية والأدوار غير التنفيذية؟ أحياناً يكون ذلك السلوك خفيف الضرر مثل أن يكون الشخص جديداً في منصبه أو ببساطة لديه متسع من الوقت.
ومن الممكن أيضاً أن يكون بسبب نقص الموظفين في مكان ما داخل المؤسسة، فترى أعضاء مجلس الإدارة يتدخلون للمساعدة لفترة قصيرة، وهو ما يخلق شعوراً بوجود تدخلات كثيرة من قبل الإدارة.
ومهما كان السبب، فإن من شأن ذلك أن يتسبب في مشاكل حقيقية، بما في ذلك التسبب في وقوع التنفيذيين تحت ضغط العمل، ووقوع توترات غير محمودة بين العاملين ومجلس الإدارة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تجاهل الموظفين لأعضاء ذلك المجلس.
فيما يلي بعض الأمور التي يمكنها المساعدة على تجنب تدخل الإدارة الزائد عن الحد
Image copyrightThinkstock
تكلم مع رئيس مجلس الإدارة: رئيس مجلس الإدارة يتحكم في الأمور كلها. إذا كان التدخل والتصرفات الهوجاء تصدر عن واحد أو اثنين من أعضاء مجلس الإدارة، فمن مهمام الرئيس أن يتحدث إليهم.
بالطبع سيكون الأمر معقداً لو كان رئيس مجلس الإدارة هو من يقوم بمثل هذه التصرفات. في هذه الحال يمكن الحديث بهدوء مع عضو آخر في مجلس الإدارة يتحلى بالمسؤولية، والمرونة، والتفهم.
1) الإدارة: إذا كان أعضاء مجلس الإدارة يظهرون باستمرار في مكان العمل ويلقون التعليمات السريعة والتي يمكن أن تتحول إلى محادثات طويلة في كل مرة، فمما يساعد في هذه الحالة هو تحديد موعد لعقد اجتماع.
بعدها، عندما يمرون على الموظفين، بإمكان الموظف أن يرد بطريقة دبلوماسية مثل: دعنا نضيف هذه الفكرة إلى جدول أعمال اجتماعنا الشهري. وبهذه الطريقة يعرفون أن هناك مكانا لمناقشة ذلك الأمر.
2) أيام التخطيط: أعضاء مجلس الإدارة يريدون المساعدة، ويمكنهم أن يكونوا مؤثرين جداً. لكن إن لم تكن هناك عملية منظمة لهذه المساعدة فسوف تتحول الأمور إلى نوع من الفوضى.
ويمكن من خلال تحديد يوم أو يومين في السنة لاجتماعات مجلس الإدارة (غير الاجتماعات الدورية) تخصص لتقييم ووضع الخطط أن تكون تلك هي الطريقة المثالية لتمكين الموظفين وأعضاء مجلس الإدارة من التواصل والعصف الذهني. ومن شأن ذلك أن يجنب المؤسسة التشتت الذي تتسبب فيه رسائل البريد الإلكتروني التي يبعث من خلالها الموظفون أفكارهم بشكل عشوائي.
3) نتائج عملية: ينبغي أن تنتهي اجتماعات مجلس الإدارة بنتائج واضحة، وتحديد واضح للمسؤوليات لكل من أعضاء مجلس الإدارة والموظفين، وتمكن الموظفين من مواصلة عملهم بلا تشتت، وتحديد أوقات معينة لكتابة التقارير عن الإنجازات والتغيرات البارزة.
بهذه الطريقة يعرف كل فرد متى سيتلقى التقارير ويحملهم على التوقف عن إزعاج الموظفين بإرسال رسائل الإيميل التي تتساءل عن سير الأمور من حين لآخر.
4) صحيح أنه في بعض الأحيان يرغب أعضاء مجلس الإدارة في اتباع استراتيجية المشاركة في القيام بالعمل داخل المؤسسة. إما أن يكون هناك وضع طاريء يتطلب تدخل المسؤولين أو أن خطأ ما قد وقع ويحتاج إلى تدخلهم لتصويبه.
Image copyrightThinkstock
هذا الأمر لا ينبغي أن يكون هو المتبع باستمرار. إن لم يكن الفريق الذي يقوم بعمل ما غير كفؤ أو عاجز عن القيام بالعمل اليومي، فلا بأس من إعطائهم بعض التدريب أو التوجيه، أو استبدل الفريق برمته. أما اذا كانوا قادرين على القيام بالعمل، فدعهم يقومون بعملهم دون تدخل منك.
أحد أهم الأمور هو المحافظة على شعور الوسطية. فأعضاء مجلس الإدارة عليهم أن يحذروا من إظهار ما أسميه سلوك "الولد الذي أبكى الذئب" أي المبالغة في توصيف الأمور. إذا وصف كل أمر صادر عن مجلس الإدارة بأنه أمر هام وعاجل، فإن أخذ الموظفين هذه الأمور بالجدية اللازمة يتراجع.
وهنا تكمن خطورة ألا يكون صوت المسؤولين مسموعاً إذا ظن الموظفون أن تعليماتهم وما يصدر عنهم مبالغ فيه ويجري تضخيمه. وبالتالي عندما يقع أمر خطير فعلاً فلن يتعامل معه الموظفون على أنه كذلك.
إن أحد الجوانب المهمة والمشوقة لكونك عضواً في مجلس الإدارة هو أن ترسم ذلك الخط الدقيق بين المشاركة والتدخل. إنه أمر في غاية الأهمية أن يحافظ المديرون على مكانهم في الجهة الصحيحة من ذلك الخط الدقيق.
الاثنين، 21 سبتمبر 2015
الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة اﻷوطان
الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة الأوطان...
ع ع
طلال سلمان
مقتول في وطنه، مرفوض من أهله، ملعون تُقفل في وجهه أسوار الجوار، إرهابي خطر لا تقبله الدول البعيدة خوفاً منه على أمنها ومعاش أهلها.
العربي، سورياً بالذات، عراقياً بالاستطراد، يمنياً بالالتحاق، ليبياً يجر خلفه صورة النظام الذي ألغى الدولة وأهلها، صار كالطاعون، كالبرص، كالسرطان وسائر الأمراض التي لا شفاء منها، ترفض «الدول الغربية» دخوله حتى لا يختل فيها «التوازن السكاني» ويضرب التشوّه صفاء العرق وطهارة الهوية..
صار «الوطن» المحترق بأهله أرضاً طاردة. إن شئت النجاة بأهلك، أو ببعضهم فعليك أن تركب الأهوال براً وبراً وبراً ثم بحراً بلا ضفاف يغلّفه الموت في قلب الأمواج المتلاطمة ولا طوق نجاة، وتستنجد بالمقادير وأولها الله وآخرها الله وبينهما دورية طاردة قد تأخذ جنودها الشفقة أو قد تهز مشاعرهم الإنسانية صور الأطفال المعلقين بين موتين تجاوزوا أولهما في الوطن وها هم في شباك الثاني يرتجون خلاصاً تحاصره العنصرية.
صار «الوطن» زورقاً صغيراً تتلاعب به الرياح فترفعه الأمواج عالياً ثم تتركه يهوي إلى بطنها البلا قعر، فإذا ما هدأ البحر أطلّت ألسنة النار عبر خفر السواحل، الذين يتولون حراسة الشاطئ من التلوث برعايا أديان أخرى لا يهم أنهم كانوا بين أوائل المؤمنين بها وهم الذين حملوها إلى «الهمج» عبر رحلات لا تقل قسوة عن هذه التي تتم بين موتين معلنين.
صارت الحياة معبراً مسوّراً بالأسلاك الشائكة والحرس الحديدي بين غربتين: ترفض الدولة الأولى هؤلاء المحاصرين بسمرة بشرتهم وأسمائهم الدالة على أصولهم التي تعود إلى بداية الخلق، وترفضهم الدولة الثانية بسبب عدائها مع الأولى، وبغض النظر عن كونهم لا يحملون على جوازات سفرهم العتيقة سمات دخول إلى جنة المنفى.
& & &
مقتول بوطنيته المغدورة، مقتول بغربته الإجبارية، مقتول بخطر الغرق والخوف على الأطفال الذين أحبوا الوطن وأنكرتهم دولته، مقتول بالضياع في ظلمة المصير، مقتول بأفكار إنسانيته وحقه في الحياة. هذه حال «المواطن» الذي من دونه لا وطن ولا دولة.
...والوطن مقتول، مقتول، مقتول على الجبهات جميعاً. متى صار الوطن جبهات مقتتلة سقط مضرجاً بمواطنيه شمالاً وشرقاً، غرباً وجنوباً، أرضاً وفضاءً.. فالوطن بأهله فإن أُخرجوا منه بالقتل أو بالخوف سقط مضرجاً بدمائهم.
لم يكن الفقر في الوطن غربة، أما الافتقار إلى الوطن فغربة قاتلة.
الوطن بأهله، فإن غادروه سقطت قداسته وانتفى وجوده. أوطان الآخرين منفى، وإشفاق الغرباء ذل، والتشرد على حدود الدول الأخرى مقتلة للدولة ـ الأم التي لا تكون إلا بأهلها ولأهلها. أوطان الآخرين للآخرين. ماذا أقسى من أن تشهد غرق أطفالك وأنت عاجز عن إنقاذهم؟ في بحرك الصديق ما كان ليغرق الأطفال. كل من حوله منقذ، بل إن الموج فيه أرحم بالأطفال من البحور البعيدة التي لم تعرفك فتحضن أطفالك وترجعهم إلى الشاطئ سالمين وترشك ببعض رذاذه لتكون أكثر يقظة وتنبهاً لروح المغامرة في صدورهم اعتماداً على طيبة قلب بحر الوطن.
& & &
تختلط هويات الذين هجّرتهم نيران القتل من أوطانهم المحروقة: الحلبي أو الرقاوي من سوريا مع الموصلي أو الكوفي من العراق، مع الصنعاني أو العدني من اليمن، مع البرقاوي أو الطرابلسي من ليبيا، مع الفلسطيني من أصول يافاوية أو حيفاوية المهجر للمرة الرابعة أو الخامسة (ماذا يهم ما دام خارج وطنه؟)... كلهم في بحر الظلمات واحد يأخذه الموج إلى المجهول هرباً من معلوم عنوانه الموت بالرصاص أو بالقذيفة أو بالكمد وهو أفظع تدميراً من القنبلة الذرية..
قتلت «الدولة» الوطن فخرج أهله هائمين على وجوههم. الوطن ليس مقتلة مفتوحة. الوطن مصدر الحياة لأهله فإن احتلته الحروب وجعلته مساحة للقتل خرج منه أهله حتى لا يخرجوا عليه.
& & &
في لبنان نظام استولد دولته قيصرياً. وهي ترفض أهله كمواطنين ولا تقبلهم إلا كرعايا لطوائفهم بمرجعياتها المؤتلفة في السياسة التي هي مصالح من فوق الخلافات والاختلافات الدينية والطائفية.
...ولقد حدث أن هجَّر النظام أهل البلاد بعد حروب أهلية ـ عربية ـ دولية شرسة في دمويتها، طاردة أهله إلى المنافي، بعيدة وقريبة، معطلة دولته عن أن تكون مرجعية وطنية لكل من يحمل هويتها، بعدما تقاسمتها زعامات الطوائف.
لم يعرف التاريخ حرباً أهلية يقتصر المدفوعون إليها على شعبها وحده، بأطيافه المتنوعة. هناك دائماً «دول» توظف الحرب الأهلية لمصالحها، وتستثمر نتائجها في شطب «الوطن» وإعادة بناء «الدولة» بحجارة الطوائف لاغية الأوطان.
ستكون للعرب «دول» كثيرة، أكثر مما يريدون وأكثر مما تحتمل أوطانهم.. وسيجتهد ملوك الطوائف لشطب الأوطان وهوياتها المميزة سعياً إلى «أممية جديدة» على الطريقة الأميركية! وهكذا ننتصر ـ بغير حروب ـ على الدولة العنصرية إسرائيل.
...اللهم إلا إذا غرقنا ـ بأوطاننا ـ في بحر الظلمات الذي بلا حدود!
الاثنين، 14 سبتمبر 2015
الأحد، 13 سبتمبر 2015
الأربعاء، 8 أبريل 2015
الأحد، 29 مارس 2015
الخميس، 19 مارس 2015
الأربعاء، 18 مارس 2015
الخميس، 19 فبراير 2015
الجمعة، 6 فبراير 2015
بﻻد العز
امانتك يا طــير جاوبني اريـــــد افهــــم
عن كلمة الحب هـل تفهــــم معانيــها
هل شي معك قلب في بحرالهوى مغرم
هــل لك حبيبه اذ اضلـــــم تلاقيــــها
هل تعرف الشوق هـــل تبكي وتتالــم
هـــل لك عشيقـــه وعقلك دائما فيها
اجابني الطيـــر وقال لابـــــد ان تفهم
ان المحبـــــــه لها قانـــــون يـحميها
اول بنــوده كــــلام الصـــدق تتكـلـم
واخلاص بالحب لمــــن حبيت ثانيهـا
وثالثا ياخبيــــر الوعــــد به تهتــــــم
اذا وعــــدتها فلابــــد ان تلاقيــــها
وكـل عاشـق مـن المعشـوق يتعـلم
معنى المحبــه وما اجمــل معانيــها
اذا حبيبك وفــي صادق فقــــد انعـم
عليك ربـــي بنعمــه جــل عاطيهــــا
فقلت يا طيـــر يكفي زدت همي هـم
ذكـــرتني اشياء انا قــدكنت ناسيهـا
وجعت قلبـــي الـــذي مازال يتالـــم
بعلـة العشــق ذي ماقــــدرت اداويها
انا عشقت اليمــــن ذي حبها خــيـم
بــوسط قلــــبي ولا اقــدر تناسيــها
والـيـوم معشوقتي يا طــــير تتاًلـــم
مـن غـدر الاحباب ذي ما فكـرو فيهـا
احنا اساس العــرب يا طيــر لو تعلـم
ومنبع الـــــعـز والـــعــزه لنا فـــيهـا
فـي ناس ارادو بـلاد العــــز تتحطـم
والبعـض منهم بــدأ يا طــير يؤذيـها
والكل بإسم اليمـن يا طيـــر يتكـلـم
انـــــه يحبه وانـــه ســـوف يحميها
يحميه ممــن انا يا طيـــراريد افهم
منهـــو صديقه ومنهـــو ذي يعاديـها
جـــوب عليا وقلـــي روح لا تهـــتـم
وارض السعيـــده لها ربـاَ سيحميها
فقلت ياطيــــر لابــــد اننـا نـهـتـــم
والله ربــــي سيحمينــا ويـحـمـيــها
واجب علينا نواجـــه كــل مـن يحلم
واٍلا يـفـكــر باًن يهـــدم فـي مبانيها
احناء فـــــداء لليمن بارواحنا والــدم
يـدك بـيــدي ونسحـق مـن يعاديها
وأختم صلاتي على نبينا الاعظم
محمدا ســـيــد الــدنيا ومـــا فيـهـا
عن كلمة الحب هـل تفهــــم معانيــها
هل شي معك قلب في بحرالهوى مغرم
هــل لك حبيبه اذ اضلـــــم تلاقيــــها
هل تعرف الشوق هـــل تبكي وتتالــم
هـــل لك عشيقـــه وعقلك دائما فيها
اجابني الطيـــر وقال لابـــــد ان تفهم
ان المحبـــــــه لها قانـــــون يـحميها
اول بنــوده كــــلام الصـــدق تتكـلـم
واخلاص بالحب لمــــن حبيت ثانيهـا
وثالثا ياخبيــــر الوعــــد به تهتــــــم
اذا وعــــدتها فلابــــد ان تلاقيــــها
وكـل عاشـق مـن المعشـوق يتعـلم
معنى المحبــه وما اجمــل معانيــها
اذا حبيبك وفــي صادق فقــــد انعـم
عليك ربـــي بنعمــه جــل عاطيهــــا
فقلت يا طيـــر يكفي زدت همي هـم
ذكـــرتني اشياء انا قــدكنت ناسيهـا
وجعت قلبـــي الـــذي مازال يتالـــم
بعلـة العشــق ذي ماقــــدرت اداويها
انا عشقت اليمــــن ذي حبها خــيـم
بــوسط قلــــبي ولا اقــدر تناسيــها
والـيـوم معشوقتي يا طــــير تتاًلـــم
مـن غـدر الاحباب ذي ما فكـرو فيهـا
احنا اساس العــرب يا طيــر لو تعلـم
ومنبع الـــــعـز والـــعــزه لنا فـــيهـا
فـي ناس ارادو بـلاد العــــز تتحطـم
والبعـض منهم بــدأ يا طــير يؤذيـها
والكل بإسم اليمـن يا طيـــر يتكـلـم
انـــــه يحبه وانـــه ســـوف يحميها
يحميه ممــن انا يا طيـــراريد افهم
منهـــو صديقه ومنهـــو ذي يعاديـها
جـــوب عليا وقلـــي روح لا تهـــتـم
وارض السعيـــده لها ربـاَ سيحميها
فقلت ياطيــــر لابــــد اننـا نـهـتـــم
والله ربــــي سيحمينــا ويـحـمـيــها
واجب علينا نواجـــه كــل مـن يحلم
واٍلا يـفـكــر باًن يهـــدم فـي مبانيها
احناء فـــــداء لليمن بارواحنا والــدم
يـدك بـيــدي ونسحـق مـن يعاديها
وأختم صلاتي على نبينا الاعظم
محمدا ســـيــد الــدنيا ومـــا فيـهـا
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)