السبت، 17 أكتوبر 2015
تدريب إدارة الوالدين
مترجم: متلازمة أسبرجر- تدريب إدارة الوالدين (1-2)
مترجم عن Handbook of Parent Training
إسلام أنور المهدي
منذ 19 ساعة، 16 أكتوبر,2015
بعيد عن الشكّ أن للوالدين أثرًا هائلًا على صلاح وفعالية أطفالهم، وبعيد عن الشك أيضا أن للأطفال بدورهم أثرًا كبيرًا على والديهم. علاوة على أنه يُلاحظ على نطاق واسع أن الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية يُظهرون مشكلات سلوكية بمعدل عالٍّ معنويا عن أولئك الأطفال ذوي النمو العادي. ولقد أظهرت تقارير الوالدين أن 40% من الأطفال المشخصين باضطراب ضمن طيف التوحد فإنهم يشتركون في بعض أنواع من السلوك المُعضِل بشكل يومي. ولقد وُجد أن هؤلاء الأطفال ذوي المستويات الحادة من الاضطراب الذهني هم أكثر احتمالًا لإظهار مشكلات سلوكية مثل الأذية الذاتية، العدوانية، والسلوكيات التوحدية والطقسية، بينما الأطفال ذوو الاضطراب الأكثر اعتدالا هم أكثر احتمالا لظهور اضطرابات نفسية شائعة، مثل اضطراب الأخلاق أو اضطرابات العناد والتخريب السلوكية، سلوكيات القلق ومشكلات مع إدارة الغضب. وتشكل المشكلات السلوكية عبئا معنويا إضافيا للأطفال ذوي الاضطرابات النمائية العقلية حيث تعترض المشكلات السلوكية قابلية الطفل لتعلم المهارات الاجتماعية والدراسية الأساسية مما قد يسبب إقصاءه من الإعداد الدراسي والمجتمعي وأيضًا يهدد الصحة البدنية.
وقد وُجد أيضًا أن أكثر المشكلات السلوكية تحديا لدى الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية تظهر في الطفولة المبكرة دون تدخل وتستمر في الاتضاح مع الوقت. ويعاني كل من الوالدين وأشقاء الطفل ذي الاضطراب النمائي من مستويات معنوية من الضغوط العصبية؛ وليتمكنوا من التغلب على وضعهم تحتاج العائلات باستمرار إلى خدمات ممتدة. يواجه والدا الطفل المشخصة حالته ضمن الاضطرابات النمائية الشائعة تحديات ضخمة ومتطلبات تتعلق بعملية النمو غير المستقيمة التي يمر بها طفلهم، وهم في خطر متزايد أن يتطور لديهم أنفسهم تعقيدات نفسية. ذكر «ستودّارت 2003» دراسة قرر فيها 37.7% من والدي أطفال متلازمة أسبرجر أنهم تم تشخيصهم هم كحالات على يد متخصصي صحة عقلية. وكان التشخيصان الأكثر شيوعًا هما الاكتئاب والقلق، وكان التشخيص أكثر شيوعًا في الأمهات عنه في الآباء.
تأريخ
يتجلّى الطفل المشخص بمتلازمة أسبرجر عموما بنمط من تطور التخاطب، وتكون القدرة الذهنية في نطاق طبيعي. وهم كذلك رغم تعرضهم لصعوبات في الفهم والتعاطف مع أفكار ومشاعر الآخرين مما يؤثر باستمرار على قابليتهم لتطوير وصيانة الصداقات. وتؤدي هذه الإعاقات غالبا إلى سلوكيات يعتبرها الوالدان، والمدرسون، والآخرون أنها مشكلات. في بعض الحالات، قد ينبع عَوَز السلوك من إعاقة في الأداء الاجتماعي، التقمص العاطفي، والاهتمامات الخاصة، أو قلق ناشئ عن الاحتياج إلى روتين أو سلوك تكراري؛ لكن في بعض الأحيان الأخرى، فإن الطفل قد يستجيب بشكل غير مناسب خلقيا للإشارات الاجتماعية.
وقد توافرت البرامج التدريبية للوالدين عبر عقود، لكن منذ وقت ليس ببعيد فقط تم تطوير برامج لوالدي أطفال متلازمة أسبرجر. كثير من المؤسسات حول العالم تعقد جلسات توعية للوالدين لتمدهم بالمعونة اللازمة لإدارة المشكلات العاطفية والسلوكية لدى طفلهم. ورغم أن البرامج قد تكون ممتازة، لكنها لا تكون متوافرة لجميع الآباء ولم يتم قياس كفاءتها في تجربة قياسية. معروف أن الوالدين هما وسيلة مهمة في إدارة ودعم طفل اضطراب طيف التوحد مثل متلازمة أسبرجر.
أوضحت عديدٌ من الدراسات أثر التدخل السلوكي العائلي في تحجيم السلوكيات التخريبية لدى الأطفال ذوي الاضطرابات النمائية. وكانت كل من طريقة «تدريب الإدارة الطارئة CMT»، التي تدرب الوالدين على الاستجابة الطارئة للسلوك المرغوب وغير المرغوب؛ وطريقة «تدريب الأنشطة المدبّرة PAT»، التي تدرب الوالدين على إنشاء نشاطات تقلل فُرص حدوث مشكلة السلوكيات التخريبية؛ كلتاهما طريقتان فعّالتان في برامج كتلك. وقد نفّذ «ساندرز وبلانت 1989» برنامج تدريب والدين تضمّن تدريبًا محدَّدًا للسيادة خلال التأهيل. أجريت الدراسة على والدين لأطفال ذوي اضطرابات نمائية ومشكلات سلوكية خاصة أن السيادة خلال التأهيل هي مشكلة معلومة لهذه العشيرة من الأطفال. وقد نفذّت البرنامج خمسُ عائلات بنجاح وسوَّدت الإستراتيجيات خلال أهداف تأهيل متعددة ووجدوا انخفاضا معنويًّا في المشكلات السلوكية.
أدّى تعليم الوالدين إستراتيجيات فعّالة لإدارة سلوك أطفالهم ولتغلُّب أفضل على تكشُّف متلازمة أسبرجر؛ أدَّى ذلك إلى زيادة معنوية في الكفاءة الذاتية للوالدين.
وقد تم توثيق أنه في مجالات أخرى من اضطرابات الطفولة يكون تدريب الوالدين على إدارة سلوك أطفالهم فعالا ومؤثرًا. وقد وُجد بالدراسة الإمبيريقية أن تدريب الوالدين فعّال معنويا في اضطرابات السلوكيات الخارجية مثل: اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة (ADHD)، اضطراب التصرُّف (CD)، اضطراب العناد الجريء (ODD). وكذلك وجد أن تدريب الوالدين فعال في حالات اضطرابات السلوكيات الداخلية مثل: قلق الانفصال، القلق العام، القلق الاجتماعي والرُّهاب. في دراسة حديثة، أظهر الوالدان رضا أكبر ونتائجَ أفضل جرّاء تطبيق برنامج مخصص للأطفال عن التدخل للقلق، وذلك لأطفال متلازمة أسبرجر بالتزامن مع مع تطبيق برنامج تدريب للوالدين.
النظرية
سنناقش هنا برنامج تدريب والدين يتأسس على البرهان والبناء النظري له يعتمد على نظرية التعليم الاجتماعي مقترنة بنظريات النمو الطفولي.
برنامج تدريب الوالدين 1-أ برنامج خاص لمتلازمة أسبرجر
تم تطوير هذا البرنامج مستهدفين والدي الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر. شاركت إحدى وخمسون عائلة في تجربة البرنامج، كلٌّ له طفل في المرحلة الابتدائية وتم تشخيصه بمتلازمة أسبرجر بواسطة استشاري طب الأطفال بـ«مستشفى مَاتِر للأطفال»، كوينزلاند، أستراليا. تلقى كل الوالدين دليل والدين يحتوي على كل المعلومات تحت المكونات الستة لحزمة التدخُّل:
التثقيف النفسي: تم تعريف الوالدين بطبيعة متلازمة أسبرجر وتم شرح المصاعب التي يمكن أن تواجههم. استخدمنا كلا من العرض المرئي والمناقشة. كان هذا المكوِّن تفاعليا: تم الطلب من الوالدين تقديم أمثلة عن جوانب المتلازمة التي تؤثر بطفلهم. تم التنبيه على أن هذا الاضطراب غير متجانس، وذلك مهم ليتمكنوا من تكوين منظور كامل عن طفلهم في كل حالات مشكلته.
محادثات شريط الرسوم: هذه التقنية أبدعتها «كارول جراي 1998»، وتتأسس على أن الرؤيا والدعم البصري يحسنان فهم وإدراك المحادثة. حيث يُصنع رسم بسيط لتصوير محادثة بين شخصين. وتعرِّف أشرطة الرسوم ما يقوله الأشخاص وتوضح أيضًا ما قد يفكرون فيه.
القصص الاجتماعية: هذه التقنية لتيسير الفهم الاجتماعي عبر صياغة قصة قصيرة تعبر عن موقف محدد فيستطيع الطفل بواسطتها تمييز هذا الموقف. هذه القصص تكتب وفق مبادئ توجيهية تستخدم عبارات شارحة وتوضيحية، بعبارة توجيهية واحدة فقط. بحيث يُمنح الطفل المعلومات عن ماذا يحدث ولماذا كما يتم شرح الموقف بمصطلحات لإشارات اجتماعية وأفعال متوقعة.
إدارة سلوكيات المشكلة: تم شرح بعض سلوكيات المشكلة للوالدين، والتي تتكشف مع متلازمة أسبرجر. وهذا يشمل: المقاطعة، نوبات الغضب، الحنق، عدم الامتثال، ومشكلات وقت النوم. وتم عرض طُرق للتعامل مع هذه المشكلات والطلب من الوالدين اختيار سلوك محدد من سلوكيات المشكلة يكون وثيق الصلة بطفلهم ومن ثم شرح وتنفيذ إستراتيجية إدارة لذلك السلوك.
إدارة السلوكيات الصارمة والاهتمامات الخاصة: يهدف هذا المكوِّن للتعامل مع خبرة الوالدين بالسلوكيات الصارمة، التزام الروتين، المحاكاة الحرفية، والاهتمامات الخاصة. وكان التركيز في هذا المكوِّن على التأكيد على فهم الوالدين لمنظور الطفل؛ لماذا يحتاج الطفل إلى الروتين، وهكذا. ومن هذا المنظور يمكن التعامل مع الحالات الحادة لسلوكيات كتلك. ومن الممكن أن تشاهد قدر الاهتمامات الخاصة للطفل كجائزة لتيسير النشاطات الأخرى.
إدارة القلق: يكون الطفل ذو متلازمة أسبرجر موهومًا بالقلق بإفراط. وكثير من مشكلات السلوك هي في الحقيقة ناتجة عن القلق أكثر منها عن الرعونة؛ ونحن نؤكد على أن الوالدين في حاجة ماسة لتحديد متى يكون طفلهم قلقًا أو متى قد يُصبح قلقًا ويكونون جاهزين دومًا للحول دون ذلك ومنعه ولإدارة مثل هذا السلوك.
نتائج البحث
كان الهدف الأول من الدراسة هو تقييم كفاءة تدريب إدارة الوالدين قصير المدى كتدخل مناسب للأطفال المشخصين بحالة أسبرجر. والهدف الثاني كان مقارنة نظامي توصيل التدريب وهما نظام «ورشة العمل» ونظام «الجلسات الفردية». وتم الاهتمام أيضًا بالتقنيات التي لم يتم تقييمها قبل ذلك في دراسات سابقة.
أولا، ترجح الدراسة أن تدريب إدارة الوالدين يمكن أن يكون تدخلا فعالا لوالدي الأطفال ذوي متلازمة أسبرجر. ولقد أبدى الوالدان تحسنًا معنويا تبعًا لتدريب الوالدين في كلتا مجموعتَي التدخُّل وذلك في كل متغير ناتج عن التجربة تم قياسه: عدد سلوكيات المشكلة، شدة سلوكيات المشكلة، ورتبة المهارات الاجتماعية. ولم تُظهر مجموعة «قائمة الانتظار» المرجِع أي تحسن معنوي في المتغيرات الناتجة عن التجربة. وهذه النواتج تدعم بحوثًا في نطاقات أخرى تقترح أن يكون تدريب إدارة الوالدين فعالا في إدارة سلوكيات مشكلة الطفل. وهي كذلك تعرض علاقة هذه القطعة الأدبية بالأطفال المشخصين بمتلازمة أسبرجر (جدول 4.1).
ثانيا، تحدد النتائج بعض الاختلافات الظاهرة بين المتغيرات الناتجة بين مجموعة ورشة العمل ومجموعة الجلسات الفردية. وقد ظهر فرق معنوي بين مجموعتي التدخل من حيث قياس تحديد الوالدين لشدة سلوكيات المشكلة، وهو تقرير تكرارية السلوكيات الصعبة، وظهرت الفروق في مرحلتي «ما بعد التدخل» و«المتابعة». حيث اعتمدت مجموعة ورشة العمل تغيرات أكبر كثيرًا. إضافة لذلك فإن مجموعة ورشة العمل لم تكن تختلف معنويا عن مجموعة قائمة الانتظار في مرحلتي ما بعد التدخل والمتابعة على ذات المقياس.
جدول 4.1
سلوكيات المشكلة وشدة سلوكيات المشكلة عبر الزمن (ECBI scores)
Untitled
وهناك عدة تفسيرات ممكنة لهذه النتائج. الوالدان اللذان تلقيا جلسات فردية كانت لديهم فرص أكبر كثيرًا لصياغة إستراتيجيات وتجويد مناهجهم عن سلوكيات المشكلة، وهذا على الأرجح أدى إلى ملاءمة أكثر في تطبيق الإستراتيجيات ونجاح أكبر في استخدامها. وكذلك من الممكن أنه خلال إجراء الجلسات الفردية، صار الوالدان أكثر علمًا بمظاهر المتلازمة لدى أطفالهم وبالتالي صاروا أكثر تحمُّلا لبعض السلوكيات. وهذا التحمل المتزايد الذي ظهر ربما أدى إلى تخفيض شدة التقييم للسلوكيات التي كانت جارية.
وقد لاحظنا أيضًا أن تطبيق الإستراتيجيات في مجموعة ورشة العمل كان أقل منه في مجموعة الجلسات الفردية. وكان هذا واضحًا خاصة في الإستراتيجيات المعقدة مثل القصص الاجتماعية ومحادثات شريط الرسوم. وسبب محتمل لهذه النتيجة هو أن شرح مجموعة كبيرة من المواد كهذه يُعتبر كثيرًا جدا للوالدين كي يستوعبوه في يوم واحد ويُفضل أن يتم شرحه في محاضرتين أو مجموعات أصغر حجمًا. ورغم أن أكثر الوالدين قد حددوا أنهم يفضلون المشاركة في ورشة عمل ليوم واحد، إلا أن هذه قد لا تكون الطريقة المثلى للتدريب على الإستراتيجيات المعقدة. يستطيع الوالدان في الجلسات الفردية تحسين وتعديل مناهجهم بمساعدة ودعم من المعالجِين. ويمكنهم أيضًا طلب الاستيضاح والمناقشة حول إستراتيجياتهم بشكل أكبر باستمرار تحت مسمى الإخبار بما تم إنجازه وما يحتاج مزيد تطوير (جدول 4.2).وهناك عدة تفسيرات ممكنة لهذه النتائج. الوالدان اللذان تلقيا جلسات فردية كانت لديهم فرص أكبر كثيرًا لصياغة إستراتيجيات وتجويد مناهجهم عن سلوكيات المشكلة، وهذا على الأرجح أدى إلى ملاءمة أكثر في تطبيق الإستراتيجيات ونجاح أكبر في استخدامها. وكذلك من الممكن أنه خلال إجراء الجلسات الفردية، صار الوالدان أكثر علمًا بمظاهر المتلازمة لدى أطفالهم وبالتالي صاروا أكثر تحمُّلا لبعض السلوكيات. وهذا التحمل المتزايد الذي ظهر ربما أدى إلى تخفيض شدة التقييم للسلوكيات التي كانت جارية.
في محاولة لتحديد جدوى وقابلية المكونات المختلفة للتدخُّل، لاحظنا التفاوت في الإستراتيجيات التي استخدمها مختلف الوالدين وأيدوا فعاليتها. عدد ساحق من الوالدين أيدوا انعدام نفع التثقيف النفسي كوسيلة للتمكين، لكن كثيرًا منهم قدروا أنها المكوِّن الأكثر نفعًا من مكونات التدخُّل.
جدول 4.2
تقدير الوالدين للاستخدام المنزلي وجدوى المكونات المختلفة للتدخُّل
Untitled
في دراسة حديثة سئل الوالدان كيف «وجدوا معنى» أو «وجدوا جدوى» تربية طفل ذي متلازمة أسبرجر وهل وجدوا أي فائدة. عبّر عديد منهم عن إيجاد الجدوى والمعنى بما اكتسبوه من معرفة عن الاضطراب وما أصبحوا عليه من محامين متمكنين عن أطفالهم. وبما أن تركيز هذا المكوِّن لم يكن في نشر المعلومات عن متلازمة أسبرجر، ولكن دعم منظور الطفل في كل موقف، فلقد قاد عديدًا من الوالدين للنظر إلى السلوك من مناظير مختلفة ولتجريب إستراتيجيات متباينة عند التعامل مع سلوك أطفالهم.
عندما نظرنا إلى تقييمات الوالدين الذين استخدموا القصص الاجتماعية وشريط القصص المصورة، وجدنا من الواضح أنهم أشادوا بأنها فائقة النفع. ومع أننا نعلم أن هذه التقنيات لن تكون نافعة مع كل طفل من ذوي متلازمة أسبرجر، فإنه يظهر من تقييمات هؤلاء الوالدين الذين استخدموها أن نتائج تجربتهم لها كانت إيجابية.في دراسة حديثة سئل الوالدان كيف «وجدوا معنى» أو «وجدوا جدوى» تربية طفل ذي متلازمة أسبرجر وهل وجدوا أي فائدة. عبّر عديد منهم عن إيجاد الجدوى والمعنى بما اكتسبوه من معرفة عن الاضطراب وما أصبحوا عليه من محامين متمكنين عن أطفالهم. وبما أن تركيز هذا المكوِّن لم يكن في نشر المعلومات عن متلازمة أسبرجر، ولكن دعم منظور الطفل في كل موقف، فلقد قاد عديدًا من الوالدين للنظر إلى السلوك من مناظير مختلفة ولتجريب إستراتيجيات متباينة عند التعامل مع سلوك أطفالهم.
وقد عبر كلٌّ من والدي ورشة العمل والجلسات الفردية عن رضاهم عن البرنامج. ورغم أنه ليس هناك إلا تعقيبات ضئيلة عن رضا الوالدين ببرامج تعالج متلازمة أسبرجر، إلا أن الكم الضئيل المتاح من نطاقات قريبة الصلة يبدو ذا نتائج مشابهة. حتى إذا كانت المكاسب ليست بالضخامة التي تمناها الوالدون، فإنهم يبقون شاعرين بالرضا عما تم تحقيقه. وقد عبر العديد من الوالدين المشاركين في البرنامج عن أنهم قد يستخدمون إستراتيجيات البرنامج في المستقبل؛ لم ينتبهم الشعور بتضييع الوقت؛ وشعر العديد منهم بالارتياح عند مقابلتهم والدين آخرين يمرون بذات الخبرات.
الحدود والبحث المستقبلي
ينبغي إعلان أن التجربة تمت باستخدام أعداد قليلة وأن النتائج ينبغي عرضها ببعض التحفُّظ. ميلُ مجموعة ورشة العمل إلى نتائج أقل متانة ينبغي أن يتم معه زيادتها بعدد عينات أكبر وبمتابعة من 6 إلى 12 شهرًا.
من المهم تسجيل أنه في تدخُّل يتأسس على المهارات، فإن الوالدين يعرفون النتائج المتوقعة لأنها يتم قياسها بأنظمة استطلاع ذاتية البيان. ولا يمكن استنباط أية نتائج عن السلوك الحقيقي للطفل حيث لم يتم قياس ذلك بوسيلة غير تقارير الوالدين. لذلك ينبغي عرض النتائج مع الاحتياط. وما يبدو موثقًا هو أن الوالدين شعروا كما توقعوا أنهم يستطيعون التغلب على سلوكيات أطفالهم وسجَّلوا تحسُّنات معنوية.
ربما العقبة الأكبر أمام برنامج كهذا هي أنه قاصر عن الانتشار بين الوالدين. فهذا البرنامج تم تطبيقه في جامعة بمنحة تمويل ومعونة من طلاب طب من الدراسات العليا عملوا معالجين. ورغم أن بعض هؤلاء الطلاب قد طبقوا البرنامج في أعمالهم الخاصة وفي فرق عمل أخرى في بلدان أخرى، فإنه لايزال غير ممكن نشر البرنامج بجاهزية كاملة على نطاق واسع. ولهذا السبب، فإننا قررنا تجربة برنامج تدريب والدين واسع الاستخدام لتقييم قبول وكفاءة برنامج لم يتم تفصيله لتشخيص متلازمة أسبرجر.
يُتّبع؛ الجزء الثاني باسم »برنامج عتبة الوثب« يناقش برنامجًا أكثر قبولا وفعالية في إدارة الحالة.. فابقوا معنا.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».
الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015
بعد أن يسقط اﻵباء ... وائل عبد الفتاح
بعد أن يسقط الآباء
ع ع
وائل عبد الفتاح
أنظر جيداً.... هل ترى ملهمين؟
لم يخرج زعماء لا من «الربيع» ولا «الحراك» ولا «الانتفاضة» هل هذه صدفة؟ خطيئة؟ خطأ؟ عيب؟ أزمة؟ أسباب للموت؟
المراثي المعدة سلفاً تقول: إنهم بلا قيادة/ زعامة، إنها حركات على المشاع، تسقط سريعاً أمام خطط محكمة.
فالحراك يذهب إلى عزلته، كالربيع الذي وصل سريعاً إلى خريفه، أما الانتفاضة الثالثة أو الهبَّة الفلسطينية، فهي من أجل «تحريك» بحيرة الزعماء من ركودها، هكذا يقول المحللون، في تفسير ما يحدث من أجل «تجديد القيادة».
كأنها أزمة قيادة؟ لا أزمة بنية؟
ما نراه ونعيشه ليس خراباً مجرداً، لكنه الخراب المصاحب لمحاولة المجتمع الإفاقة من غيبوبة طويلة، ونهاية مرحلة «الأب الذي يلتهم عائلته»، سواء كانت دولة أو تنظيماً مقاوماً أو حزباً سياسياً، وذلك من خلال «طائفة بيروقراطية» (كما في مصر) أو محاصصة طوائف (لبنان) أو تنظيمات التحرير والمقاومة (فلسطين)... كلها أنظمة تبنى على «الفرد» الملهم/ الزعيم/ الإله أو نصفه/ الوسيط بين السماء والأرض، كأن الحياة أسيرة تنظيم سماوي، مقدس، تبني فيه الآلهة لتلتهم الناس في داخلها.
لهذا فالشعور بالخراب وحده، وليد شعور بالضياع في غياب الأب الأصلي أو موته السريري على مقعده/ وغياب الأب البديل الذي تطرحه انفجارات التغيير، بكل هشاشتها، وأقليتها، واقتصارها على «الاحتجاج».
الخراب ليس وحده، هناك الكشف.
ــــ 2 ــــ
هل كان يمكن كشف ما في مشروع «الصحوة الإسلامية» بكل أطيافه من الإخوان إلى «داعش»/ ومن بن لادن إلى أردوغان من عنف بربري/ وقدرة على تخريب المجتمعات، وتفريغ الإجماع العام من معانيه؟
كانت هذه المشاريع تُقدَّم على أنها «البديل» أو «الحلم» بالنسبة لمجتمعات فقدت القدرة على التواصل مع العالم إلا من جانبه الاستهلاكي، ولم يبق لها خيار إلا في أوهام العودة (إلى الخلافة أو الأمجاد أو حتى إلى الأندلس..) تقابلها في ذلك استقالة من الحياة بمعانيها الحرة، والإنسانية، وعواطفها، وأفكارها، وملذاتها، وانتظار الحياة في مكان آخر: الجنة.
هكذا سُحبت الإرادة تدريجياً من الناس، وعاشوا في بلادهم «أسرى» ينتظرون «المنقذ» أو «الملهم» أو «الإله/ الأب»... وفي الانتظارات تحوّلت الأجساد إلى هياكل خاوية تمارس وتستهلك حياتها اليومية وتمضع خرافات الانتظار وهلاوس النرجسية الجريح، وتتحرر من إنسانيتها... لم يعد هناك مجتمع ولا إجماع... لكنها حشود من مسوخ بشرية تعبد الآباء وتسير إلى الموت....
ولهذا فإن ما نعيشه حولنا جديد، ويحدث لأول مرة، لأنه ليس بحثاً عن زعامة بديلة/ أو دين جديد/ أو طائفة منافسة/ أو حملاً لبطل/ فتوة/ إله جديد في سباق السلطوية الممل والمدمر.
حتى في فلسطين المنفصلة بوضع الاحتلال، الانتفاضة الثالثة غير سابقتيها، أو تبدو كذلك في تعبيرها عن رغبة حياة، تتواصل مع «الأقلية» الهشة، وهو ما يزعج كيانات قديمة مثل «حماس» أكثر ربما ما يزعج إسرائيل، فالثالثة خروج عن سياقات آلت برحلة تحرير فلسطين إلى «الانغلاق» الإسلامي بعدما التهمت صراعات الزعماء العرب على طاقات الثورية الفلسطينية مقابل «حماس»...
الجديد هنا أن شباب «الثالثة» يخرجون عن الصورة التي حددتها سلطوية «حماس» للمقاومة، ولهذا لم تشغل الأحداث قادة حمساويين عن توجيه تعليمات للفتيات بعدم ارتداء الجينز والالتزام بالزي الشرعي (رمز حضور السلطوية).
الالتزام هو علامة اسر المقاومة «الجديدة» أياً كان الشكل الذي ستتخذه في المرحلة المقبلة... كما أن الحراك في بيروت سينشر روحاً جديدة رافضة لجوهر النظام مع رفض شخوص نفاياته الحاكمة.... وكما أنه برغم الإحباط من أقلية «الثورة» في مصر، إلا أن عملية الكشف عن طبقات العفن التي أكلت نخباً وطبقات الحكم والمعارضة بأشكالها القديمة جارية... وهنا نحتاج إلى تفكير في أن الخروج من حفرة أقامت فيها المجتمعات طويلاً ليس فيلماً قديماً ينتهي نهاية سعيدة، لكنه على الأقل مثل ألعاب البلاي ستيشن لا تنتهي، وتتصاحب فيها الإثارة مع الهزيمة، كلما قابل اللاعب وحشاً يختفي في مرحلة من مراحل اللعب.
ــــ 3 ــــ
كل ما نملكه هو اللحظة الراهنة.
.. وهذا ما تفعله «أقليات» التغيّر في «الثورة» و»الحراك» و»الانتفاضة»..
والدفاع عن هذه اللحظة الراهنة/ أي عن الحياة/ وبمنطق اللعب (الكرّ والفرّ، والتفكير اللمّاح، وحرق المراحل بما تمنحه التكنولوجيا من اتساع تضيّقه الحدود السياسية) وبأدوات تصنع مواقعها (بالمعنى الجرامشي)... اللعب بما أنه ساحات مشتركة وحالة مؤقتة للأشياء قابلة للتجدّد والتغيير لا الثبات والديمومة والتقديس.
ساعتها لن توزع العجائز قبلاتها على صورة بوتين باعتباره المنقذ/ أو الموديل/ بينما هو في رحلة إعادة الدب إلى «الكعكة» وسيكون من الممكن اكتشاف أن أردوغان الساحر لم يعد باقياً منه غير «صانع شر» محلي/ إقليمي يخرّب فرص خروج إعادة بناء هذه المجتمعات على إنسانية جديدة.
وكذلك ستكتشف أن السعودية ليست مملكة الجنة، وأنها في عز قوتها الراهنة تتعرّض لمخاطر السقوط والتفكّك ربما أكثر من مرحلة القوة المستترة.
وحتى إسرائيل التي بدت أنها استقرّت في سعادة، بالتواطؤ والاتفاق والسيطرة على خصومها، تواجه تفككاً من نوع جديد عليها.
ربما تفلت اللحظة الراهنة من القدرة على التغيير المباشر، لكن جدل الخراب والكشف سيفعل فعله، وبالتأكيد ليس في صورة نصر نهائي، أو ضربة قاضية، أو بزوغ نجم أبٍ جديد.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)