أنجيلا.. شرق أوسطية!!: اليمن السعيد سيظل سعيدا برغم حزنه والوضع المأسوي الذي يمر به شعبه، أنتم ﻻ تعلمون تفاصيل حياته، ﻻ يحمل الكراهية على اﻵخرين، يصبر يقاتل من أجل لقمة العيش بحرية وكرامة، هو شعب يصنع السعادة ﻵخرين في أرجاء المعمورة، ابتسامته سلاح في وجه الذين يسعون في تدمير حياته، سيتحقق
السبت، 25 يونيو 2016
أنجيلا.. شرق أوسطية!!
أنجيلا.. شرق أوسطية!!: اليمن السعيد سيظل سعيدا برغم حزنه والوضع المأسوي الذي يمر به شعبه، أنتم ﻻ تعلمون تفاصيل حياته، ﻻ يحمل الكراهية على اﻵخرين، يصبر يقاتل من أجل لقمة العيش بحرية وكرامة، هو شعب يصنع السعادة ﻵخرين في أرجاء المعمورة، ابتسامته سلاح في وجه الذين يسعون في تدمير حياته، سيتحقق
السبت، 18 يونيو 2016
الفتنة الكبرى!!
الفتنة الكبرى!!: مقربة من التسعين وبعد خلافة دامت اثنى عشر عاما نصفها لا ينقمَ فيه الناس عليه، بل كان أحب إلى قُريش من سابقه عمر بن الخطاب شديد البأس والعقاب، ولكن بذور المؤامرة ومكيدة الخوارج بدأت فى السنوات الست الأخرى لتبلغ ذروتها لي
الأربعاء، 8 يونيو 2016
عرض كتاب.. فى شرق أوسط مشتعلbrإسرائيل تواجه «فوضى العاصفة المثالية»
عرض كتاب.. فى شرق أوسط مشتعلbrإسرائيل تواجه «فوضى العاصفة المثالية»: واجهت عملية إحياء السلام فى الشرق الأوسط بين إسرائيل من جانب والفلسطينيين من جانب آخر الكثير من العراقيل والتى كان من أبرزها نشوب موجة الإضطربات السياسية والاجتماعية والمسلحة الهائلة فى المنطقة والتى عرفها الغرب بـ الربيع العربى، بالإضافة إلى موقف إسرائيل المتصلب أم
الأحد، 15 مايو 2016
أنجيلا أبو أصبع ... صانعة حياة في زمن الحرب عبدالله كمال
أنجيلا أبو أصبع.. صانعة حياة في زمن الحرب
عبدالله كمال
طيلة شهور، تحت القصف، تقود سيارتها التي تحمل عليها بعض المواد الغذائية، والمتطلبات الحياتية العاجلة، متوجهة إلى منطقة ما من العاصمة صنعاء، كي تساعد أسراً نازحة، تفتقر لأبسط الاحتياجات الحياتية، وأخرى تضررت منازلها ومصادر أرزاقها بسبب الحرب، فما إن تصل حتى تستقبلها تلك الأسر التي تعاني القدر الكبير من الفاقة، وكأنها ملاك مرسل من السماء. تجلس وتقتعد الأرض مع أفراد كل أسرة، وتحتضن الأطفال بكل حب، تبني معهم صداقات وتعطيهم بعض الهدايا.
لقد كان لها النصيب الأوفر من اسمها، فبالرجوع إلى أصله ومعناه نجده بمعنى: الملاك، أو الأنثى الشبيهة بالملاك، وهو في اليونانية بمعنى “جالبة البشائر”.
ليست مسؤولة في إحدى المنظمات الإغاثية الدولية، كما قد يتبادر إلى الذهن، بل هي ابنة هذا الوطن، ابنة هذا المجتمع التي أبت التخلي عنه وهو يمر بأصعب الظروف جراء الحرب الجائرة بما أحدثته من قتل ودمار وتشريد، وموت يتخطف أبناء هذا الوطن من الجو ومن الأرض.
تلك هي الدكتورة أنجيلا يحيى منصور أبو أصبع، الأستاذة الجامعية في كلية اللغات بجامعة صنعاء، والناشطة المدنية، التي اختارت العمل الإنساني والإغاثي في هذه الظروف التي تعصف باليمن وتفاقم من الوضع الإنساني.
تدهشك بنشاطها سواء في أداء عملها كأستاذة جامعية أو في المجال الإنساني، الذي اختارته منذ بداية الحرب أواخر مارس من العام الماضي، عبر مبادرة “معاً لنحيا”، التي أطلقها منتدى أكاديميات جامعة صنعاء، والذي تشغل فيه منصب رئيسه لجنة قضايا المجتمع والبيئة.
مسيرة نجاح
عبر سيرة ذاتية طويلة تتألف من عشر صفحات، تتجلى شخصية أنجيلا، فالحياة في قاموسها ليست إلا سلسلة من العمل الدؤوب، في سبيل الوصول إلى غاية رسمتها مستقبلا وأحكمت التخطيط لها، وآمنت أن لا مناص من بلوغ تلك الغاية، مهما اعترضتها من حواجز لم تكن تتوقعها، إلا أنها مستمدة من سمو غايتها صبرا وإصرارا، يمكنها من تخطي تلك الحواجز والعقبات، فهي الحاصلة على بكالوريوس في الآداب- لغة إنجليزية، جامعة صنعاء، الجمهورية اليمنية1998م، وماجستير في علم اللغة واللغويات، جامعة بوترا الماليزية((UPM2004م، ودكتوراه في دراسات اللغة الإنجليزية، الجامعة الوطنية الماليزية (UKM) 2011م. إلى جانب تمتعها بالعديد من الخبرات المهنية التي اكتسبتها وأثبتت جدارتها فيها من خلال الوظائف والمناصب الأكاديمية التي شغلتها.
رغم ارتباط أنجيلا بالحياة الأكاديمية ارتباطا كبيرا، إلا أنها لم تكن غائبة عن النشاط الاجتماعي، حيث تعد من الأعضاء البارزين في عدد من المنظمات المدنية ومنها: عضو اتحاد الجالية اليمنية في ماليزيا إذ كانت عضواً في لجنة الشئون الإعلامية، وهي عضو في الجمعية الأمريكية للعلماء والمهنيين اليمنيين، كما أنها استشارية في الاتحاد العربي لأندية اليونسكو في الجمهورية اليمنية، وهي الآن رئيسه لجنة قضايا المجتمع والبيئة في منتدى أكاديميات جامعة صنعاء، رئيسه فريق مبادرة “معاً لنحيا” وهي (منظمة أهلية غير حكومية) دُشنت بتاريخ 25 أبريل 2015م، منتدى أكاديميات جامعة صنعاء.
الوطن.. فكرة ووجدان وحياة
الوطن بالنسبة لأنجيلا، وهي العائدة من غربة طويلة، يعد الجزء من الروح الذي إن فقد فلا شيء يمكنه أن يعوض عنه، هو القضية والانتماء، هو الوجود والوجدان، لذلك فهي ترفض مغادرة البلاد تحت أي ظرف كان رغم حصولها على عقود عمل في عدة دول، تقول: لن أغادر اليمن حتى ولو كنت أنا آخر من بقي فيه.. وذلك حين يتسابق الكثيرون من أبناء هذا الوطن للحصول على فرصة للسفر إلى الخارج، هربا من الحرب وما خلفته من مآسٍ، وما خلقته من أوضاع إنسانية صعبة.
تحدثك ببساطة تستشفها من أول حديث لها معك، غير أنها البساطة التي تنم عن إدراك عميق، إذ تشعر أنك أمام امرأة – رغم حداثة سنها- تختزن في وجدانها الكثير من الوعي بمحيطها على مداه الأوسع أو الأقرب.
تقول أنجيلا: إنه وطني، ولن أغادره وهو في هذه الحال، حتى ولو لم أبق فيه إلا أنا، سأظل أقدم ما أستطيعه من أجل هذا الوطن، حتى بجهدي الذاتي البسيط والمتواضع، وهذا هو مبدأي في الحياة .
إنجيلا الإنسانة
أنجيلا العائدة إلى وطنها منذ سنة تقريبا بعد غيبة عشر سنوات قضتها في دراسة الماجستير والدكتوراه، عادت مليئة بالأمل والنشاط، والتطلع إلى خدمة بلدها، في أي مجال تستطيع أن تسهم فيه، اصطدمت بالوضع الذي تمر به البلاد، ما شكَّل بالنسبة لها حائط الصد الأقسى، أمام ما كانت تتمنى أن تسهم به، إلا أنها بإرادتها القوية وعزيمتها التي لا تلين لم تفقد الأمل، بل اتجهت لتخدم مجتمعها، وفقا لما يقتضيه الوضع والمرحلة.
حيثما حلت أنجيلا أبو أصبع، تحرص على أن تكون لها بصمتها الخاصة، من خلال سعيها الحثيث نحو التميز، وكذا العمل من أجل مساعدة الآخرين، الأمر الذي تعتنقه كمبدأ.
الحياة حلوة
لأنجيلا فلسفتها الخاصة في الحياة، ونظرتها الخاصة أيضا، فالحياة تمضي مهما مر به الإنسان من منغصات، ويجب أن لا تثنيه عن الهدف والغاية، كما أنه الحياة يجب أن لا تقف عند نقطة ما، مهما كانت تعيسة، بل على الإنسان أن يبتعد عن كل ما يكدر حياته، ويستأنف حياته وفقا لسعادته التي يصنعها هو.. فالحياة جميلة جدا، وعلى الإنسان أن يعيشها بحلوها ومرها، وهو من بيده أن يصنع السعادة لحياته، وهو أيضا من بيده أن يكدرها ويضفي عليها الصبغة السوداوية.
تقول أنجيلا: تبرز قيمة الإنسان في الحياة بمقدار ما يمكن أن يقدمه لنفسه، أولا ثم لمن حوله، فبمقابل اهتمامنا بتنمية ذواتنا، يجب أن لا نعيش في برج عاجي بعيدا عن معاناة الآخرين، بل علينا ننخرط في محيطنا، ونتلمس حاجاته، وأن تتسم حياتنا بالإيجابية، فنحاول تقديم ما يمكن أن نساعد به الآخرين.
رسالة
لا يفوت من يعرف أنجيلا أو التقاها واستمع إليها إدراك الكثير من سماتها الشخصية، ومن أهمها الصبر والمثابرة والقدرة على مواجهة الصعاب والتغلب عليها، فهي ترى أن أي طريق مهما بلغت وعورته، لا يمكن أن يثنيها عن الوصول لهدفها.
تؤمن بالعلم والمدنية، وتنبذ العنف، وترى أن رسالتها هي العمل على التغيير والإسهام في انتشال اليمن من هذا الواقع المؤلم، تقول أنجيلا: أحبوا وطنكم، وأحبوا من حولكم، التفتوا إلى البسطاء من أبناء هذا الشعب، واقتربوا من حياتهم، ترجلوا عن سياراتكم الفارهة وامشوا بين الناس، تلمسوا احتياجاتهم، فهم أحوج ما يكونون إلى المساعد، وبالأخص في هذه الفترة وهذه الظروف.
وتختتم: كفانا حرباً، يكفي دماء، يكفي دماراً، كيف سنقابل العالم ونحن نفرط في وطننا، وهل يمكن لبلدان الشتات أن تمنحنا
الجمعة، 15 أبريل 2016
فى قضية ريجينى والجزيرتين السعوديتين:brسياسة الصدمة.. وغطرسة الجهل
فى قضية ريجينى والجزيرتين السعوديتين:brسياسة الصدمة.. وغطرسة الجهل: نموذج متقن لفن إضاعة الفرص وحرق الطاقة والجهد في الوصول من النقطة (أ) إلي النقطة (ب) دون أن نسلك خطاً مستقيما، وتكون النتيجة هي خسارة قضايا عادلة، النموذج المصري يكرر نفسه بامتياز في حوادث ومواقف متكررة وتتصرف الدولة، ل
الأهمية الأستراتيجية لجزيرتي تيران وصنافير
الأهمية الأستراتيجية لجزيرتي تيران وصنافير: أعلنت الحكومة المصرية تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وذلك في بيان رسمي استندت فيه للتاريخ والجغرافيا وترسيم الحدود البحرية، وفقا لأحدث القياسات الفنية
الخميس، 7 أبريل 2016
أزمة الانفصال بين القرار السياسى والبحث الاجتماعى
أزمة الانفصال بين القرار السياسى والبحث الاجتماعى: لا توجد سياسة فاعلة وناجحة وقادرة على اختراق المشكلات المعقدة دون اعتمادها على معطيات البحث العلمى والاجتماعى،
التحليــــل النقــــدى للتنميــــة الشــــاملة
التحليــــل النقــــدى للتنميــــة الشــــاملة: ليس هناك شك فى أن التنمية المستدامة هى قضية القرن الحادى والعشرين، ويسود مناخ ثقافى يركز على تأمل وتحليل
الجمعة، 1 أبريل 2016
الخميس، 31 مارس 2016
الثلاثاء، 29 مارس 2016
الاثنين، 28 مارس 2016
نساء اﻷنقاض في اليمن .. أنجيلا أبو أصبع بقلم هايل علي المذابي
نساء الانقاض في اليمن.. أنجيلا أبو أصبع نموذجاً..!!
هايل علي المذابي
كان التحدي الأول الذى جابهته ألمانيا المدمرة والمحتلة بعد الحرب هو نقص الرجال (عدد سكان ألمانيا بعد الحرب 27 مليون.. 20 مليون منهم نساء).. و ينظر الألمان بفخر كبير للدور الذى اضطلعت به المرأة الألمانية في هذه الفترة الصعبة التي برزت فيها ظاهرة “ نساء الأنقاض”.. فقد وجدت النساء الألمانيات أنفسهن مع أطفالهن بلا مأوى و لا مأكل و لا مشرب.. لكنهن شمرن عن سواعدهن وكانت مهمتهن الأولى هي استخراج الحجارة السليمة من بين الأنقاض لإعادة استخدامها مرة أخرى في البناء.. و إخلاء الأبنية و الشوارع من الأنقاض و نقلها إلى خارج المدن.. و كذلك العمل في المصانع التي لم تضرر من القصف.. و عاش الألمان ثلاث سنوات بعد الحرب في ظروف تشبه المجاعة مع تقنين الغذاء و انعدام الرعاية الطبية بعد حل الصليب الأحمر الألماني و نقص المحروقات للتدفئة في الشتاء القارس.. فتضاعفت معدلات الوفيات عما كانت عليه اثناء الحرب نفسها!! رغم ذلك تضافرت جهود النساء مع اللاجئين الوافدين من عدة بلدان في أوروبا الشرقية و تركيا لإزالة آثار الدمار و إعادة بناء ما يمكن بناؤه..
بسبب الحرب ومنذ الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن ابتداء من يوم 26 مارس 2015 وحتى اللحظة والجحيم يلازم حياة اليمنيين، وحسب المؤشرات فإنه أهم صراع ومعركة دخلتها اليمن في تاريخها الحديث لا شيء يشبهه إلا حالة ألمانيا التي سطرنا بها هذه المقالة..
ماحدث وكأي حرب كشف معادن شخصيات لطالما راهن عليها اليمنيون وأفرز ضمن ما تفرزه الحروب عن نساء يحتاج المجتمع اليمني إلى سنوات كثيرة للقبول بدورهن إنطلاقاً من تركيبة بنيويته القبلية اللامتغيرة النظرة إلى المرأة والقليل لا يُقاس عليه..
من أولئك النسوة اللائي ظهرن ويشبهن أسطورة " نساء الأنقاض " في ألمانيا الدكتورة " أنجيلا أبو أصبع"..
أكاديمية وقتها محسوب بالدقيقة ومن المحال أن تتخلف عن محاضرة واحدة تقدمها لطلابها عدا نشاطها الآخر في عقد دورات تأهيلية للطلاب ونشاطها الحقوقي.. بدأت قصتها مع العمل الإنساني الذي يجسد جوهر المرأة اليمنية الأصيلة متزامناً مع المأساة الإنسانية التي وصلت إليها اليمن بعد تفجر الحرب وما تبع ذلك من دمار للبنية التحتية وانعدام المشتقات النفطية والمواد الغذائية وجوع كافر فتك بالناس، فأسست منظمة إغاثة هي ومجموعة من الاكاديميات في جامعة صنعاء سمينها " معاً لنحيا" وكان التمويل الأول للمنظمة من رواتبهن ومقتنياتهن وبادرن بقيادة أنجيلا ونفذن أكثر من حملة إغاثة إلى مناطق متفرقة من العاصمة والمحافظات الأخرى ثم استمرت الحملات وما زالت وحصلت المنظمة على تبرعات من شخصيات وجهات اطلعت على ما تقوم به المنظمة من أعمال إنسانية صرفة وحقيقية في سبيل إنقاذ الناس المنكوبين والذين لم يكن بينهم وبين انتهاء حياتهم القصيرة سوى مسألة وقتية قابلة للتسوية لتحدث في ليلة وضحاها وبين غمضة عين وانتباهتها...
"لنحيا معاً " يمكن أن أصف الفرق بينها وبين المنظمات الأخرى بالفرق بين بريد الفيدكس والبريد العادي فهي تشبه الفيدكس في أنه يصل من المرسل إلى المرسل إليه في غضون ساعات أو يوم على الأكثر والبريد العادي يستغرق أحياناً شهوراً إن لم يضع أو يُسرق في الطريق وأثناء الشحن.. فقط أصفها هكذا لأن القائمين عليها يقدرون الحياة ويحترمون الإنسان وقد أكون ظللت الطريق حتى في هذا الوصف أي أن هذه المنظمة أكبر من أن تكون بريداً كالفيدكس أو غيره ولكن يشفع لي أنه توصيف مجازي فقط يظهر السرعة التي تعبر عن قداسة حياة الناس..
هذه المرأة تمثل المعجزة اليمنية التي تسعى إلى انقاذ اليمن مما تسبب فيه السياسيون من خراب وسوف يتجذر هذا في جيل كامل من النساء المعاصرات واللاحقات تماماً كما حصل في ألمانيا التي قدمت نموذجاً حقيقياً للتحول الذي حصل لهذه الدولة منذ عصر نساء الانقاض وانهيار النازية وحتى اللحظة..
أثق في أن المسألة مسألة وقت لا أكثر ليتحقق الحلم ويعود الزمن المضيء البعيد أو الأبعد الذي مارست فيه المرأة دورها في تسيير شؤون الدولة والمجتمع، فكانت دائماً دال محبة وأمن وسلام ثم جاء الرجل ليحكم فشوه معالمها وكان دائماً دال حرب ودمار واتسعت لديه شهوة الاقصاء والسيطرة.. المرأة بالتأكيد أكثر إنجازاً وسلاماً من الرجل ولا شواهد حقيقية فاعلة في هذا كالشواهد التي يقدمها لنا التاريخ اليمني..
الأحد، 27 مارس 2016
الجمعة، 25 مارس 2016
الأربعاء، 23 مارس 2016
الثلاثاء، 22 مارس 2016
الاثنين، 21 مارس 2016
الأحد، 20 مارس 2016
السبت، 19 مارس 2016
الجمعة، 18 مارس 2016
الخميس، 17 مارس 2016
الثلاثاء، 15 مارس 2016
الأحد، 13 مارس 2016
الجمعة، 11 مارس 2016
الخميس، 10 مارس 2016
الثلاثاء، 8 مارس 2016
الجمعة، 4 مارس 2016
الثلاثاء، 1 مارس 2016
الاثنين، 29 فبراير 2016
الجمعة، 26 فبراير 2016
الخميس، 25 فبراير 2016
الثلاثاء، 23 فبراير 2016
الاثنين، 22 فبراير 2016
محاضرة في جامعة أوكسفورد ..جسور وعقبات ﻷستاذ محمد حسنين هيكل
محاضرة في جامعة أوكسفورد بحضور رئيسها وكبار الصحافيين والأكاديميين البريطانيين
محمـد حسـنين هيـكل: «جسـور وعقـبات»
اللورد «باتن»، رئيس جامعة أوكسفورد
حضرات السيدات والسادة
يسعدني ويشرفني أن تتفضلوا بدعوتي أول متحدث في المحاضرة التذكارية بكلية الصحافة التي أسس لها هذا التوافق بين جامعة «أوكسفورد» ووكالة «رويترز».
إن هذا التوافق بين جامعة عريقة (أوكسفورد) ووكالة أنباء شهيرة (رويترز) يصعب أن يكون لقاء مصادفات، إذا دققنا أسبابه وتمثلنا نتائجه.
ومن وجهة نظر عملية ـ وعلمية كذلك ـ فإن الصحافة على تنوع وسائلها وأدواتها لديها ثلاثة طرق اقتراب واضحة إلى وظيفتها الحيوية في مجتمعات الحرية والتقدم.
أول طرق الاقتراب: أن تكون الصحافة ـ مكتوبة أو مسموعة أو مرئية ـ خطوطا مفتوحة تنقل القرار السياسي على اختلاف مجالاته: داخلية وخارجية ـ اقتصادية واجتماعية ـ استراتيية وعسكرية ـ من مواقع صُنعه إلى أوسع دوائر المواطنة التي يهمها شأنه، بحيث يتأكد الحق العام في العلم به، وتتوافر إمكانية التعرف على موجباته، والاستعداد لآثاره وتكاليفه، والاطمئنان إلى اتساقه مع الإرادة العامة في الوطن وخارجه، وكي يظل تحت المتابعة الدستورية والقانونية، ويصبح الرأي العام قادرا على ممارسة مسؤولية الرقابة عليه، والقدرة على إعادة توجيهه ديموقراطيا إذا لزم.
وطريق الاقتراب الثاني: أن تكون وسائل الصحافة وأدواتها خطوطا مفتوحة ـ أيضا ـ ما بين مجالات الفكر والعلم والفن من مراكز حيويتها، سواء في الجامعات، أو المعاهد ومراكز البحث، أو مسارح العرض والأداء وأشكالها المتعددة في التعبير، إلى جمهور واسع له الحق أن يرى ويستوعب ويستمتع.
وطريق الاقتراب الثالث: أن تحاول نفس الوسائل والأدوات قصاراها كي تنقل وتستثير أنفع وأرفع حوار بين القرار السياسي وشؤونه الجارية وقضاياه واهتماماته، وبين الأفكار وقدرتها على تخصيب الفعل الإنساني وتوليده، كي يجمع الحوار ما بين الفعل والفكر، ويؤكد القيمة ويحفز إرادة إنسانية ذكية وقوية. وهنا فإن التوافق بين الجامعة العريقة ووكالة الأنباء الشهيرة يصبح مرغوبا فيه ومطلوبا.
[ [ [
إن طرق الاقتراب الثلاثة كما وصفتها لا تحقق مطلوبها بهذه البساطة التي وصفتها، فالواقع العملي أكثر تعقيدا، لأن مراكز صُنع القرار لا تمارس فعلها المثالي المفترض، وإنما تمارسه تحت سطوة صراعات تاريخية كبرى ومصالح يتعارض بعضها مع بعض، والكثير منها غائر في زمانه، أو جامح في مقاصده، أو عنيف في ممارساته، وفي ظل هذه الأحوال فإن القرار السياسي تحكمه ـ بالقطع ـ عوامل غير مثالية!
بالتوازي، فإن مجالات صُنع الأفكار ومنجزات العلوم وتجليات الفنون لا تطرح ما لديها في ذات الفضاء المثالي المفترض، وإنما تتأثر هذه المجالات في مجمل نشاطها بضغوط يناسبها أن تضرب علها تزيح، أو تحجب علها تحتكر، وهنا تبرز عوائق تعرقل المثال الحر للقيمة والقدوة.
يلي ذلك أن قنوات الاتصال التي تمثلها الصحافة لا تمارس دورها في نقل الأخبار والأفكار وصوت وصدى الحوار، على خطوط مستقيمة سالكة ومطهرة، وإنما تتعرض قنواتها المفتوحة على الطرق الطويلة لأنواع ودرجات من التدخل والتحيز تمليها الصراعات والضغوط والمصالح، وحتى الأهواء والأمزجة.
حضرات السيدات والسادة،
إنني سعيد بهذه الفرصة التي أتحتموها لي كي أتحدث أمامكم في هذه المناسبة التي توافقت فيها جامعة عريقة مع وكالة أنباء شهيرة على لقاء يسهم في دعم كفاءة الإعلام من حيث إعداده وتأهيله لأداء دوره من دون عوائق بين القرار والأفكار والحوار، وبحيث يتحمل هذا الإعلام مسؤوليته في أزمنة متغيرة.
إننا نتحدث كثيرا عن عالم واحد لكن مثل هذا الحديث فيه قدر من المبالغة، أو ربما التمني، فقد نكون في حكم الجغرافيا عالما واحدا، لكننا في حكم التاريخ عالمان: شمال وجنوب، وليس يجدي أن نتأدب ونجامل في الحقيقة، وكذلك ليس يجدي أن نكتفي بالنظر إلى النخب المتعولمة في الجنوب، وننسى الكتل الهائلة من البشر وراءها، بل بعيدا عنها.
إن هناك عالمين: شمالا وجنوبا، والفجوة بين الاثنين واسعة وخطرة، وهي تزداد اتساعا وخطرا إذ تلتبس الحقائق وتتداخل الهواجس بين المثالي المفترض وبين الواقع العملي المعقد عند صناع القرار والأفكار، وعندما تتلكأ قنوات النقل والتدفق الحر، وتتلوى مرات وتنسد مرات، وتصبح الفجوة هوة، والهوة هاوية، وتتحول الرسالة للغم في حرف أو قنبلة في رسم!
حضرات السيدات والسادة،
إذا كانت دعوتكم مبعث سعادة وشرف لي، فهي في ذات اللحظة مسؤولية تدعوني الى أن أتحدث معكم بصراحة وأمانة، أزعم أنها قد تكون مقبولة مني وربما مغفورة.
ذلك أنني رجل من عالم الجنوب يدرك هموم عالمه لأنه يعيش واقعها، وهو يتحدث إلى عالم الشمال ويحسب أنه يستطيع فهمه، بظن أن الظروف أتاحت له أن يعيش مهنة الصحافة في الجنوب وفي الشمال معا، فقد كتب في العالم العربي وعنه، ومارس في الجريدة والكتاب والتلفزيون هناك، ثم إن الظروف منحته فرصة أن يمارس هنا كذلك، وانطلاقا من هذا البلد بالتحديد، حيث قامت صحف ودوريات بريطانية عديدة مثل «التيمز» و»الغارديان» و»الإندبندنت» و»الأوبزرفر» بنشر مقالاته وأحاديثه، ثم إن مؤسسات نشر عريقة قامت بإصدار الطبعات الأصلية من كتبه، فظهرت كاملة في المكتبات لطالبيها، ثم نشرت على فصول مسلسلة حملتها صحف كبرى مثل «الصنداي تلغراف» و»الصنداي تيمز» إلى جانب مقالات وأحاديث وغيرها، وكل ذلك أخذ عمله إلى لغات كثيرة وصلت به واسعا وبعيدا!
حضرات السيدات والسادة،
قلت إن انتمائي لعالم الجنوب يجعلني مدركا لهمومه ومشاكله، وقلت إنني زائر للشمال يظن أو يتوهم أنه يتفهم هذا العالم ومحركاته، وقلت إن المسافة بين العالمين واسعة وتزداد اتساعا، وأسمح لنفسي بالقول، من هذه الحافة بين العالمين، إننا نحتاج الآن وبسرعة إلى جسور لعبور هذه المسافة، وإلا تصادمت الكتل ووقعت انفجارات مهولة تسقط مثل الكواكب التي يختل مدارها في ثقوب سوداء في مجاهل الفضاء! وبعض ذلك وارد، واحتمالاته تتزايد إن لم نبذل جهدا، وأول الجهد أن نتصارح، مهما كانت المصارحة مزعجة!
دعوني أبدأ وأقُل بتعميم إجمالي، إن عالمنا في الجنوب يشعر بأن القرار الصادر من مراكز القوة الدولية ـ كما يصل إليه ـ يصدمه بقسوة لا يبدو أنها تأبه وتهتم ـ وبإصرار على العنف لا يبدو أنه يخشى أو يتحرج ـ ثم إن صوت الحوار لا يدعوه إلى مشاركة، لأن القرار في معظم الأحيان ينقض عليه بغتة ودهما.
يشعر عالمنا في الجنوب كذلك بأن دنيا الأفكار والعلوم والفنون ـ كما تضيء أمامه من بعيد ـ ليست مقبلة عليه أو مرحبة به كما يأمل ويتمنى.
ثم إن صوت الحوار يصل إلى الجنوب ـ إذا وصل ـ مثقلا بشوائب من التحيز بل والعدوانية!
وهنا وفي هذا السياق فإنني أستأذن أن أطرح أمامكم ثلاث ملاحظات، آمل أن توضع في اعتباركم، راجيا أن لا يُعتبر القول فيها نوعا من الشكوى أو عارضا من هواجس عقد نفسية لدى القائلين بها، وإذا بدا ظاهر هذه الملاحظات بعيدا عن الموضوع، فإنني آمل في صبركم لعله يتضح أنها قريبة منه إن لم تكن في صميمه.
أولى الملاحظات: أننا لسنا أمام صراع حضارات متعددة متعارضة يمكن أن تتصادم أو تتصالح، لأن شواهد التطور التاريخي تومئ إلينا بأنها حضارة إنسانية واحدة، صب فيها الجميع ما زاد عندهم أوقات الفيض، وسحب منها الجميع ما لزمهم أوقات الجفاف، وساعدوا ـ كلٍ في زمانه ـ على ملء خزان هائل للحضارة الإنسانية أصبح شراكة طبيعة ورصيدا جماعيا متاحا بالحق لمن يريد ويستطيع.
ومن المفيد هنا أن نتذكر أنه مع اتساع الأرض واتصال التاريخ، فإن كافة الشعوب والأمم قدمت ما راكمته من ثقافات البيئة والمعرفة والتجربة ـ وعن طريق الانتقال الحر للمنافع ـ إضافات سخية ومستمرة وتلقائية، إلى المشترك البشري الجامع.
ذلك حدث حالة التأمل والفلسفة بحثا عن الحق والحقيقة. حالة كشف العقل حين تعرف الناس في الفجر الإنساني الأول على ملكات التصور، وتوصلوا إلى سر الحرف في الأبجدية وسحر الرقم في العدد. حالة التنبه إلى معجزة الزراعة. حالة صناعة الأدوات والمعدات. حالة فنون المعمار. حالة فتح الطرق واستئناس وسائل المواصلات. حالة صنع السفن وركوب البحار. حالة النظر إلى الفلك ومسارات النجوم... إلى آخره.
في هذه الحالات وغيرها، فإن الثقافات الطالعة في كل مكان شقت جداول وينابيع محلية، فاضت على جوارها عندما تبين هذا الجوار نفعها، ثم التقت هذه الجداول والينابيع لتكوِّن ما يمكن أن نسميه مجمع ثقافات أو أحواض حضارة، بعضها يكاد يكون مرسوما محددا كخط بالقلم ومثاله الأظهر حوض البحر الأبيض. ثم إن الأحواض الحضارية في كل إقليم من أقاليم الدنيا امتلأت وفاضت، وتمددت واتصلت بحيث بسطت محيطا واسعا لحضارة إنسانية قابلة للانتشار، قادرة على العطاء، عابرة للزمان والمكان.
وعلى امتداد عملية التفاعل بين الثقافات وهي تتدفق من مواقعها الأولية وأحواضها الأوسع إلى المحيط الكبير، وما بين الصب والسحب من الرصيد المشترك للحضارة الإنسانية، فإن الحوض الحضاري للبحر الأبيض تحركت عليه تيارات تتبدى كأنها خريطة مناخية حية موصولة بين معابد وقصور بابل ومنف إلى أروقة وأعمدة أثينا، إلى مكتبة الإسكندرية، إلى دار الحكمة في بغداد، إلى دمشق، إلى قرطبة، ثم عبر صقلية نحو جنوب أوروبا، إلى إيطاليا، ثم إلى الشمال نحو ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ثم يتجه الخط عابرا للأطلسي إلى أميركا ينفذ من الشاطئ إلى الشاطئ في اتجاه الباسيفيك، ليعود فيطل على شرق آسيا، فإذا الحيوية المتجددة لفيض البحر الأبيض عبر الأطلنطي، تجتاز المحيط الهادي كي تلتقي هناك بالحوض العميق للحضارة الصينية.
لقد تصادف هذا الصيف أنني وقفت أمام مكتبة الإسكندرية التي أعيد بناؤها، ثم كنت بعد أيام عند سفح «الأكروبول»، ثم صعدت سلم كنيسة القديس «بطرس» في الفاتيكان، ثم تجولت متأملا معالم النهضة ومقتنيات القصور في فلورنسا، ثم مشيت فوق جسور فينيسيا نحو ميدان القديس «مرقس»، وعند هذه المواقع ومشاهدها فقد ملأت خواطري عبارة كتبها الأستاذ Stefano Carboni أمين متحف «المتربوليتان» في نيويورك قال فيها: «إن حوض البحر الأبيض المتوسط حدود سائلة! «Liquid Frontiers»، وذلك وصف دقيق لحركة الثقافات في صنع أحواض حضارية، ثم فيضان هذه الأحواض لتصنع محيطا حضاريا عالميا وإنسانيا واحدا، وربما أننا إذا عدنا لحظة إلى مجال السياسة نتذكر أن هذا المحيط الإنساني ينسب ـ ولو من باب المجاز ـ في كل عصر إلى القوة الغالبة فيه: فهو فرعوني في عصر. إغريقي في عصر ثان. روماني في عصر ثالث. مسيحي في عصر رابع. إسلامي في عصر خامس. أوروبي في عصر سادس. أميركي هذه اللحظة العابرة!
ومع تعدد اللغات في حالة الثقافات، فإن الحضارة لها لغة رئيسية في كل آن، هي لغة القوة الغالبة في زمانها. فهذه اللغة الرئيسية نطقت يونانية لحظة، لاتينية لحظة أخرى، عربية بعد ذلك، ثم فرنسية أو إنكليزية في هذا الزمان. وقد تصبح نبرة أخرى غدا أو بعد غد!
وعلى تقلب العصور فإن غلبة القوة لا يصح أن تُنسينا شراكة الرصيد الإنساني لمحيط الحضارة ـ فوق أي إمبراطورية ـ أو لغة!
[ [ [
أنتقل إلى ملاحظة ثانية ملخصها أنه قبل سنوات قليلة وقع استغلال فجيعة إنسانية محزنة ضربت مدينة نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) ,2001 وبهذا الاستغلال تحولت الفجيعة إلى عملية تلاعب مقصود بالصور وبأسلوب خداع البصر، فإذا العالم يفاجأ بأن صورة المسلم ـ عربيا وغير عربي ـ قد أزيحت لتحل محلها صورة المتعصب الإرهابي، ثم تضافرت عناصر من عوالم القرار والأفكار والحوار تحت ضغوط المصالح المتصارعة بقصد ترسيخ هذا التلاعب بالصور وخداع البصر، إلى حد إعادة كتابة قصة الإرهاب في التاريخ، فإذا الشمال بريء منه، وإذا الشرق الأقصى بعيد عنه، وإذا الدين الإسلامي وحده مرادف للانتحار والقتل في المخيلة العامة الشائعة في الشمال.
نلاحظ أن رمزا دينيا له مقامه هو بابا الفاتيكان «بنديكتوس السادس عشر» وقف يتحدث عن الإسلام وعن الحضارة في جامعة ألمانية، فإذا هو يلحق «التمدن» بالشمال، والهمجية بالجنوب الإسلامي، ويقرر ولو بالتلميح أن الفارق بين العالمين: «أن الغرب أخذ من المسيحية ثم من الفلسفة اليونانية ما يميزه عن غيره في إعلاء قيمة الإنسان»، وكان أمل كثيرين ورجاؤهم لو تذكر خليفة «بطرس الرسول» أن المسيحية كلها غيث نزل على الشرق وفاض على الغرب رسالة وحكمة ـ حواريين وقديسين ـ قصصا وتعاليم ـ صلوات وترانيم، كما أن السيد «المسيح» نفسه من مواليد «الناصرة»، والقديس «بطرس»، الذي يقوم الفاتيكان على رفاته من أبناء القدس، كلاهما من الشرق، وأن القديس «مرقس» الذي تقوم كنيسته بمعمارها المتميز على أجمل ميادين أوروبا «سان ماركو»، مولود في أقاصي صعيد مصر، وكان مدفنه في الإسكندرية، ومنها أخذ رفاته (ولا أقول سُرق) في القرن التاسع إلى «فينيسيا»، وذلك رغم ان كبار فناني النهضة جنحوا إلى تصوير هؤلاء الرسل والقديسين والحواريين معظم الوقت أصحاب بشرة بيضاء وعيون زرقاء وشعر ذهب.
هذا عن التأثر بالمسيحية في شأن تمدن الشمال أو تمدن الغرب.
وأما عن نفحة الفلسفة الإغريقية، فليس هناك من لا يعرف أن الفلسفة الإغريقية لها مقدمات سبقتها وجوار مشرقي أحاط بها وانساب إليها، ثم إن الفلسفة الإغريقية ضاعت من أوروبا في ظلام القرون الوسطى، بينما كان الجنوب الإسلامي في حالة انتعاش وتدفق ثقافي، وضمن تفاعلات هذا الانتعاش والتدفق فإن الفلسفة الإغريقية عادت إلى أوروبا عن طريق فلاسفة الأندلس العرب، وعلى رأسهم الفيلسوف المسلم الأشهر «محمد بن أحمد بن رشد الأندلسي»، ولم يكن «ابن رشد» وغيره من فلاسفة الإسلام مجرد وسطاء أو ناقلين، وإنما كانوا مجددين زادوا بالدرس، وتوسعوا وأحاطوا.
هي إذاً حدود سائلة على حد وصف أستاذ متحف «المتربوليتان» الحكيم.
[ [ [
حضرات السيدات والسادة
بقيت ملاحظة ثالثة أتمنى أن ألمسها في رفق.
إنني توسعت كثيرا في حديث التاريخ، بينما حديثنا عن الصحافة، وظني أن هناك صلة من نوع ما بين الاثنين، معقدها أن الشرق المسلم ومعه مسيحيوه يدفع الضرائب مرتين:
الأولى ـ لأن حركة التقدم العالمي بسبب ثورة العلوم والتكنولوجيا لم تعطه حتى الآن فرصة لالتقاط الأنفاس، يمسك لحظتها بالعصر ويواصل معه، وفي حين أن الشرق البوذي نجح، أحيانا، في الإمساك باللحظة، فإن الشرق الإسلامي ومعه مسيحيوه تعذر عليهم اللحاق لأسباب معقدة ليس هذا مجالها.
والثانية ـ وهي التي تعنيني لاتصالها بموضوع الإعلام، وملخصها أن الشرق المسلم يعاني من أن الأقلام والأضواء والعدسات كلها توجهت وتركزت عليه، بينما هو يعاني المرحلة الأصعب في الانتقال من قديم إلى جديد، ومن تأخر إلى سبق، ومن عتمة إلى نور.
وبالطبع فإنكم تتذكرون أن ولادة الجديد عندكم جرت وراء ستار، وأما في عالمنا فإنها جارية في منتصف النهار، وكذلك كان الجديد عندنا حملا ومخاضا وميلادا عاريا تحت الوهج وعلى مرأى ومسمع من عالم يتابع ما يجري متجاهلا لحقيقة أن الحمل والمخاض وولادة الجديد حتى وإن كانت مؤلمة عندكم كما هي عندنا، فإن الفارق أنها جرت عندكم مكتومة لتظهر بعدها في كتب التاريخ بأثر رجعي، لكنها عندنا جرت على الهواء مباشرة فبدت وكأنها فضائح بالصورة والصوت واللون.
حضرات السيدات والسادة
لقد كنتم محظوظين في اجتياز الجسور من التخلف إلى التقدم، ولم يكن لدينا مع الأسف هذا الحظ أو بعضه.
ويسأل بعض زملائنا هنا في الشمال: وماذا نفعل؟ أليست تلك طبيعة عصر السرعة؟ والتساؤل صحيح، والرد عليه بأمانة: أن الإعلام في الغرب ليس مطالبا، بالتأكيد، وهو يغطي الشأن الجاري في الجنوب أن يستعيد السجلات كل مرة، لكن المرادف المعنوي لتعذر الاستعادة، هو استذكار درجة من ثقافة الإدراك والتعاطف والموضوعية.
دعوني أقل إنه ليس من باب التعسف أن نسأل لو أن الصحافة الحديثة وضمنها وكالات أنباء مثل «رويترز» أو مؤسسات مثل A.B.C، وC.B.S، وN.B.C، والجزيرة، وSKY، وFOX، وC.N.N، كانت حاضرة زمن حروب الأباطرة والملوك، والكرادلة والعلماء، والمذاهب والطوائف، والقوميات والطبقات، والإمبراطوريات التحديات الإمبراطورية لها في أوروبا؟!
ماذا على سبيل المثال لو كانت هذه الصحافة الحديثة حاضرة أيام مذبحة «سان بارتولميو»، مثلا، حين جرى ذبح مئات الألوف من «الهوجونوت» الفرنسيين على أيدي مواطنيهم من الكاثوليك، بتحريض كرادلة ونبلاء؟!
وماذا لو كانت هذه الصحافة الحديثة حاضرة في ميدان «الكونكورد» حيث كانت مقصلة الثورة الفرنسية تدور وتقطع رؤوس الملوك والأمراء والسياسيين والمفكرين كل يوم من الصباح إلى منتصف الليل؟! أو لو عبرت البحر إلى برج لندن تنقل ما يجري وراء أسواره للإخوة من النبلاء والمحظيات وأولياء العهود من مآس وأهوال؟!
وماذا لو كان هناك بث على الهواء مباشرة لوقائع الحرب الأهلية الأميركية، حين قتل فيها الأخ أخاه، وانتهك عرضه، وحرق زرعه واستباح مدنه وقراه في أطول مجزرة عاشتها أميركا، وأغزر شلال دم تدفق في العالم الجديد!
وماذا لو كان نفس البث المباشر حاضرا ينقل على الهواء مباشرة مشاهد بعض أو أشد الأعمال ظلما في تاريخ الإنسانية؟! تلك التي كان الشمال لسوء الحظ فاعلها، من ظاهرة الاستعمار إلى ظاهرة العبودية، وإلى ظواهر أخرى متوالية في قلب القرن العشرين، وضمنها الستالينية والفاشية والنازية، ومعاداة السامية، ومحارق الهولوكوست التي طالت اليهود وغيرهم من الأجناس والأعراق.
وماذا لو أن هذه الوسائل كانت حاضرة وعلى الهواء مباشرة تنقل الحرب الأهلية في أسبانيا، وتنقل فظائع «جويرنيكا» وفالينسيا» و»توليدو»، بدل أن تعتمد في وصفها على لمحات من كتابات فنانين وساسة من وزن «بابلو بيكاسو» و»أرنست همنغواي» و»أندريه مالرو» و»هيو توماس»؟!
تذكرون أن وسائل الإعلام الحديث لم تلحق إلا قرب النهاية بأهوال الحرب العالمية الأولى، وإلى حد محدود بالحرب العالمية الثانية، ونعرف بالطبع أن هاتين الحربين العالميتين كانتا صراعا بين قوى الشمال ذاتها، لكن الأطراف المتحاربة نقلت ميادين القتل إلى كل القارات وفرضتها على كل الأمم والشعوب، وكانت الحصيلة الإنسانية ما بين ستين وسبعين مليونا من القتلى، وما بين مئة وخمسين إلى مئة وسبعين مليونا من الجرحى في الحربين معا، وعندما جاء المشهد الأخير في الحرب العالمية الثانية ووقع استعمال السلاح النووي، فإنه لم يكن هناك نقل مباشر على الهواء، وعلى أية حال فقد اكتفينا جميعا بسماع أصداء المأساة قائلين في نَفَس واحد شمالا وجنوبا: لن يتكرر ذلك مرة أخرى، ومع ذلك وبرغم هذا التعهد الإنساني الجامع فإنه عندما نشبت المعارك في أفغانستان والعراق، لم تتورع القوات الأميركية عن استعمال أنواع من أسلحة «اليورانيوم» المستنفد، وتلك درجة من الاستهتار، بالوعد وبالإنسان، يصعب اغتفارها.
حضرات السيدات والسادة
تلاحظون أنني أطلت الحديث في ما جرى عندكم، وكنت في ذلك عامدا حتى تبين الصورة أمامكم، ومع أن ذلك إلحاح، أعتذر عن طوله ولا أعتذر عن مقصده، فمن الإنصاف أن نتمثل وجها آخر للحقيقة وهذا هو الحال دائما، فإلى جانب ما عرضت لطرف منه، وكان يمكن أن أمضي في قوائمه إلى ما لا نهاية، فإن هناك فضلا يصعب إنكاره مبدئيا على صحافة الشمال، أوله ودون تحفظ، فإن بعض قضايانا توجهت إليها لمحات مضيئة لضمائر يقظى قاومت ضغوطا وتهديدات نعرف مدى خطرها ونقدر درجة نفاذها إلى دوائر صنع القرار والأفكار والحوار.
وعلى سبيل المثال، فإنه رغم سطوة أصدقاء إسرائيل فإن بعضا من الحقيقة ظهر وبان عن قضية الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وأزيح إلى معسكرات و»غيتوات» مقهورة يائسة، ثم إنه برغم سلطان ما سُمي بجماعة المحافظين الجُدد ومعهم مجموعة المستشرقين الجدد، فإن حقيقة ما جرى في العراق تكشفت ابتداءً من غزو وطن عربي وتمزيقه بغرور وجهالة القوة وبذرائع مختلقة، كما أننا عرفنا أن الشعب العراقي فَقَدَ نصف مليون مواطن قتلوا، وثلاثة ملايين خرجوا لاجئين من وطنهم، بعضهم داخله في العراق، وأكثرهم في المنافي خارجه، ثم إننا بفضل تلك الضمائر اليقظى في الشمال عرفنا ما جرى في معاقل القهر من «غوانتانامو»، إلى «أبو غريب»، إلى الفلوجة، إلى البصرة، إلى الموصل.
إن تلك الضمائر الحية في صحافة الشمال هي التي كشفت كثيرين من هؤلاء الذين قدموا خططا سياسية، والذين قدموا فتاوى علمية في خدمة مشروع أخذه ما يعتري الإمبراطورية من حماقة القوة، وتجاهل ما تراكمه الإمبراطورية من حكمة الخبرة، ليثبت أن مشروعه هو الأقصر عمرا في تاريخ الإمبراطوريات، لأنه الأقصر نظرا بينها!
إننا وأهم من ذلك كله في تجربة الصب والسحب من الرصيد الإنساني المشترك في المحيط العالمي الأوسع أخذنا هذا العلم البديع الذي قام هذا المعهد ليخدم أهدافه وهو: الصحافة مكتوبة مسموعة مرئية، ولا أتجاوز إذا قلت إنه أدى دورا هائلا في حياة عالمنا.
إنكم بالطبع سبقتم وطورتم، مستعينين باختراقات التكنولويا، حتى أصبح الإعلام العابر لمسافات الكون، أبرز ظواهر العصر وأقوى محركاته.
حضرات السيدات والسادة
على أن طبائع مراحل التطور كما تفتح باستمرار، تقيد أحيانا فتضع حدودا لما يمكن أن يأخذه الناس عن غيرهم، بل يتحتم عليهم أن يصنعوه في تجربتهم بآلامهم، لأن هناك مجالات يستحيل فيها اختصار المعاناة بالنقل أو بالمحاكاة، تجنبا لإعادة اختراع العجلة من جديد.
وأول هذه المجالات هو مجال الحرية ليس بمعناها الشاعري وإنما باعتبارها توجها إلى نظم دستورية وقانونية مضمونة بعقد اجتماعي وسياسي يفرض احترام الحقوق، وبحيث يستطيع أي مواطن حر أن يمارس مسؤولية المواطنة.
إن تجارب الحرية يصعب نقلها ويصعب انتشارها، وتعميمها بالحركة الطبيعية الذاتية لعملية التطور، بل يتحتم صناعتها من البداية إلى مقصودها، أو صيانة هذا المقصود والدفاع عنه، لأن العصور لا تتماثل، والأحوال لكل أحكامها.
فعبر القرن العشرين، بالذات، تحددت القواعد والأصول عندكم، وأصبح ممكنا إرساء أصول وترسيخ بناء، وذلك لم يحدث بعد عندنا في الجنوب، حيث ما زالت الحدود مضطربة، وما زالت القواعد واهية، لأن الصراع من أجل التنوير والحرية والتقدم يتخبط محتدما وتحت ظروف عصية.
بينها أن هذه المعركة في الجنوب تختزل في لحظة زمنية راهنة معارك واجهت الشمال متتالية، فهناك تعاقبت وتوالت عصور التغيير: الحرية والتنوير، الصناعة والتجارة، العدل الاجتماعي، المواصلات والاتصالات، الإنترنت وعالم النشر الإلكتروني، لكنه عندنا تزاحم ذلك كله مع تباين الخلفيات والرؤى والضرورات.
وبينها أن تداخل العصور أحدث ضغوطا ومؤثرات حادة، قومية ودينية وطائفية ومذهبية أدت إلى خلط بين الأولويات، وإلى شطط في الوسائل قاد أحيانا إلى مجاهل تاهت بعيدا بالمقاصد.
بينها أن المناخ الذي يحيط بعملية ولادة تجري على الهواء مباشرة، على قارعة الطريق وفي منتصف النهار يصيب كل الأطراف بكل الأعراض التي تصاحب الانكشاف، ومنها الاضطراب والادعاء والإخفاء والتعمية.
وبينها أن نظم الحكم القائمة عجزت أن تؤسس لنفسها شرعية دستورية أو قانونية، ولم تعد سلطتها اختيارا وتفويضا بل إملاءً وقمعا، تعطلت إزاءه دواعي الرشد السياسي والاجتماعي وإدارة الأزمات، وذلك ساعد على الإساءة لمشهد التطور عندنا وإساءة إلى صورته.
ومع أنني أتردد كثيرا قبل أن أضيف أي مسؤولية إلى حساب غير المعنيين في الأصل بها، فلابد من القول، ودون حرج، أن العنصر الخارجي يلعب دورا شديد السلبية في منطقتنا من الجنوب، بالتحديد الشرق الأوسط.
فهناك في قلب هذه المنطقة ثلاثة دواعٍ للخطر أشير إليها باقتضاب لكي أتجنب تكرارا شائعا ومملا رغم صحته، وهي بالترتيب: الموقع الإستراتيي، وأهمية البترول حتى يظهر بديل له، وإسرائيل.
وهنا فمن الحق أن أضيف أن التفاعل بين عوار الشرعية الذي أصاب الدولة العربية الراهنة، مع ضغوط التطور في الداخل على النظم، مع دواعي الخطر من العناصر الخارجية، كل ذلك أدى إلى فجوات واسعة سمحت بالتدخل الدولي في الشأن الداخلي للمنطقة، على أنه لسوء الحظ أن بعض النفاذ الخارجي إلى المنطقة لم يكن دائما ضيفا ثقيلا دعا نفسه، وإنما وصل مدعواً مرغوباً فيه لمناورات السياسة الداخلية وتوازناتها المتصورة أو المتوهمة!
حضرات السيدات والسادة
إذا كنت قد وجهت بعض الملاحظات وفي لهجتها نبرة حدة، فإنني لم آت إلى هنا مكابرا ولا معايرا.
وإذا كنت في نفس الملاحظات قد اعترفت بالتقدير لضمائر حية أدت أمانتها عندكم، فإنني لم آت إلى هنا مادحا أو مهنئا.
وإذا كنت أخيرا قد لمست جانبا من الأوضاع الراهنة في أحوالنا، فإنني لم آت إلى هنا شاكيا أو محرضا.
لقد جئت إلى هنا لداعٍ رئيسي هو أن أطل على مشهد المحيط الحضاري الإنساني، قريبا من شاطئ المهنة التي تعنيكم وتعنينا، وجئت وورائي مؤسسة تحمل بمحض المصادفات اسمي، شاغلها خدمة الكفاءة المهنية لشباب الصحافيين العرب.
وقصارى ما أريده وذلك قصدي وهدفي، لا يخرج عن المشاركة معكم في بناء جسر على موقع من مواقع الحضارة الإنسانية الواحدة التي صبت فيه كل الأمم ما تجمع لديها من نتاج ثقافاتها مما يكون صالحا للجميع، وحقا للجميع، لأنه ملك الجميع.
وشكرا لكم.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)