واقع الإدارة العامة في اليمن واتجاهات
تطويرها
إعداد:
سعيد عبده سعيد الشدادي
لبيب شائف محمد
يناير– 2013م
المحتويات
م
|
الموضوع
|
الصفحة
|
1
|
المقدمة
|
3
|
2
|
المبحث
الأول: الإطار المنهجي للدراسة
|
4
|
3
|
-
أولاً: مشكلة
الدراسة
|
5
|
4
|
-
ثانياً: أهمية
الدراسة
|
6
|
5
|
-
ثالثاً: أهداف
الدراسة
|
6
|
6
|
-
رابعاً: منهجية
الدراسة
|
7
|
7
|
-
خامساً: حدود
الدراسة
|
7
|
8
|
المبحث
الثاني: الإطار النظري
|
8
|
9
|
-
أولاً: مفاهيم
أساسية في الإدارة العامة
|
9
|
10
|
-
ثانياً: ملخص
لبعض التجارب والممارسات الدولية في الإصلاح الإداري
|
15
|
11
|
المبحث
الثالث: الوضع الرهن للإدارة العامة في اليمن
|
20
|
12
|
-
أولاً: ابرز
خصائص وسمات الإدارة العامة في اليمن
|
21
|
|
-
ثانياً: واقع
السياسات العامة واتجاهات تطويرها
|
23
|
|
أ. الملامح الأساسية لواقع السياسات العامة
|
23
|
13
|
ب. الاتجاهات لتطوير السياسات العامة
|
28
|
14
|
-
ثالثاً: واقع
الهياكل المؤسسية واتجاهات تطويرها
|
28
|
|
أ. الملامح الأساسية لواقع الهياكل المؤسسية
|
28
|
|
ب. الاتجاهات المستقبلية لتطوير الهياكل المؤسسية
|
31
|
|
-
رابعاً: واقع
نظام الخدمة المدنية واتجاهات تطويره
|
31
|
|
أ. الملامح الأساسية لواقع نظام الخدمة المدنية
|
32
|
|
ب. الاتجاهات المستقبلية لتطوير نظام الخدمة المدنية
|
34
|
|
المبحث
الرابع: النتائج والتوصيات
|
35
|
|
-
أولاً: النتائج
|
36
|
|
-
ثانياً: التوصيات
|
38
|
|
المراجع
|
39
|
مقدمة:
تحاول هذه الدراسة في مضمونها العام ملامسة واقع الإدارة العامة في اليمن
بخصائصه وسماته الجديدة التي تشكلت عقب تحقيق الوحدة الوطنية المباركة، وذلك من
خلال تقديم تشخيص شامل ومركز للملامح الأساسية لواقع الإدارة العامة بمكوناتها
الثلاثة (منظومة السياسات العامة، الهياكل المؤسسية، نظام الخدمة المدنية) واتجاهات
التطوير المستقبلية في كل مكون على حده. كما سعت الدراسة إلى التعرف على أولويات اتجاهات
إصلاح الإدارة العامة في اليمن من خلال برامج إصلاح الخدمة المدنية وفقاً لبعض
التجارب والممارسات الدولية في الإصلاح الإداري. وارتباطاً بكل ما سبق، فإن هيكل
الدراسة يتكون من أربعة مباحث، المبحث الأول: مخصص للإطار المنهجي للدراسة،
والمبحث الثاني: يتناول الإطار العام للدراسة من حيث المفاهيم الأساسية
المستخدمة، ويشتمل كذلك على ملخص لبعض التجارب والممارسات العربية في عملية
الإصلاح الإداري، والمبحث الثالث: تم تخصيصه لتشخيص الوضع الراهن للإدارة
العامة في اليمن، والمبحث الرابع: تناول أبرز النتائج والتوصيات التي خلصت
إليها الدراسة وتقديم بعض الحلول المقترحة لمتطلبات إصلاح وتطوير الإدارة العامة
خلال الفترة المنظورة، وتحديداً ما بعد المرحلة الإنتقالية التي تمر بها اليمن هذه
الأيام.
المبحث الأول
الإطار المنهجي للدراسة
أولا: مشكلة الدراسة:
مرت الإدارة العامة في اليمن بمراحل متعددة مثلت كل منها محطة تحول أفرزت
مع كل مرحلة منها مظاهر اختلال نتيجة لأساليب المعالجة والتعامل مع طبيعة التحول
التي طرأت في كل مرحلة، ولم تتم عملية إصلاح إداري حقيقي شامل ومتكامل في مختلف
المراحل، وإن وجدت فقد كانت شكلية، الأمر الذي أفرز العديد من مظاهر الاختلال،
وإلى اليوم مازال تشخيص واقع الإدارة العامة في اليمن قاصراً ولم ينظر في الغالب
إلا للمكونات الفرعية في بنية الإدارة العامة، ولم تتطرق – بحد علم الباحثين – أي
دراسة إلى تناول واقع الإدارة العامة في اليمن بإطارها الكلي من منظور المكونات
الثلاثة (السياسيات – الهياكل – منظومة الخدمة المدنية).
وارتباطاً بذلك فإن أبرز مظاهر هذه المشكلة :
1.
غياب تشخيص عام وفق إطار كلي مما يصعب أيضا من وضع
تشخيص تفصيلي لكل مكون فرعي، ولذلك فالتشخيص الكلي يعتبر مقدمة أساسية وهامة لوضع
دراسات تفصيلية لواقع مجمل عناصر أو مكونات بنية الإدارة العامة في اليمن.
2.
غياب هذا التشخيص أثر على وضع رؤية إستراتيجية للإصلاح
الإداري وجعل ما هو موجود من برامج إصلاح إداري يركز على منظومة الخدمة المدنية
بصورة أكبر من التركيز على بقية العناصر الأخرى وبدون اتساق مما أحدث خللاً في
مسار عملية الإصلاح الإداري نتيجة لأحادية الرؤية .
3.
أفرزت جهود الإصلاح الإداري السابقة بنية مشوهة للإدارة
العامة في اليمن بسبب النظرة القاصرة لاتجاهات الإصلاح التي تقوم على تشخيص الإطار
الكلي نزولاً إلى الأطر القطاعية والمؤسسية ومن منظور كلي ومتكامل.
ومن هنا تأتي مشكلة الدراسة الحالية والمتمثلة في عدم وجود تشخيص عام ومركز
للإدارة العامة في اليمن في إطارها الكلي وهي تحاول الإجابة على التساؤلات
التالية:
-
السؤال الأول: ما هي الملامح الرئيسية لواقع الإدارة
العامة في اليمن بمكوناتها الثلاثة الرئيسية (منظومة السياسات –الهياكل المؤسسية –
نظام الخدمة المدنية)؟
-
السؤال الثاني: ما هي التوجهات القائمة لإصلاح الإدارة
العامة في اليمن بمكوناتها الثلاثة المذكورة؟
-
السؤال الثالث: ما هي أبرز المحددات اللازمة للقيام بإصلاح
إداري متكامل ومتناسق وفقاً لمنظومات الثلاث المكونة للإدارة العامة؟
ثانياً: أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى
تحقيق الأهداف التالية:
1.
تقديم تشخيص عام ومتكامل للملامح الرئيسية للإدارة
العامة في اليمن بمكوناتها الثلاثة (السياسات، الهياكل، الخدمة المدنية).
2.
التعرف على أولويات توجهات إصلاح الإدارة العامة في
كل مكون من مكوناتها الثلاثة، والإسهام في تقديم حلول مقترحة لمتطلبات إصلاح
الإدارة العامة في اليمن خلال المرحلة القادمة (ما بعد المرحلة الانتقالية).
ثالثاً: أهمية الدراسة:
1.
تنبع أهمية الدراسة من طبيعة الموضوع الذي يتم تناوله
باعتبار أن كثير من مسببات فشل إدارة الدولة في اليمن محورها الخلل القائم في
منظومة الإدارة العامة.
2.
تأتي هذه الدراسة في مرحلة تحول كبير تمر به اليمن
حالياً مما يبرز وجود الحاجة الملحة لمثل هذه الدراسة التي تسهم في توفير تشخيص
كلي ومركز لمنظومات الإدارة العامة تمكن المعنيين الاستفادة منها في إيجاد دراسات
تشخيصية أكثر تفصيل وبمنهجيات متكاملة تأخذ الأبعاد الثلاثة للإدارة العامة بهدف
وضع حلول متكاملة وناجعة تتلاقي جوانب القصور التي رافقت توجهات الإصلاح السابقة.
3.
محاولة تقديم إضافة علمية في مجال البحوث الإدارية.
رابعا: منهجية الدراسة:
تعتمد هذه الدراسة على المنهج
الوصفي التحليلي، وفي إطار ذلك تقوم منهجية الدراسة على التالي:
جمع البيانات:
اعتمدت
الدراسة على نوعين من مصادر البيانات هما:
1.
المصادر المكتبية والتي شملت دراسات سابقة ، كتب ،
تقارير حكومية ، قرارات وتشريعات ... وغيرها.
2.
إجراء مقابلات مع بعض المعنيين (قيادات إدارية) في
أجهزة الدولة للتعرف على ابرز ملامح واقع الإدارة العامة وتوجهات إصلاحها خلال
المرحلة القادمة.
خامساً: حدود الدراسة:
كغيرها من الدراسات الوصفية فإن لهذه الدراسة حدود موضوعية وزمنية على النحو
التالي:
أ- الحدود الموضوعية: تقتصر الدراسة على الجوانب الكلية المكونة
لبنية الإدارة العامة في اليمن، وهذه المكونات هي:السياسات العامة، الهياكل
المؤسسية، والخدمة المدنية. وسوف يتم تناول الأطر الكلية لهذه المكونات والعلاقة
بينها بدون الإغراق في التفاصيل، وبحسب ما تقتضيه أهداف الدراسة
ب- الحدود الزمنية: تتناول تشخيص واقع الإدارة العامة في اليمن
خلال الفترة من 1990م إلى 2012م ، إلى جانب تناول التوجهات المستقبلية لإصلاح الإدارة
العامة خلال الفترة 2013 – 2020م .
المبحث الثاني
الإطار النظري
أولاً: مفاهيم أساسية:
الإدارة العامة:
تشير الإدارة العامة إلى مجموعة الآليات (السياسات والقواعد والإجراءات والأنظمة والهياكل التنظيمية والأفراد، إلخ) التي تمولها ميزانية الدولة والتي تتولى تنظيم شؤون الحكومة وإدارتها، وعلاقاتها مع أصحاب المصلحة الآخرين في الدولة والمجتمع والبيئة الخارجية على
المستويين الوطني والمحلي ) إدارة وتنفيذ مجموعة الأعمال الحكومية الكاملة (المحلية والوطنية التي تتناول تنفيذ القوانين
واللوائح والقرارات الصادرة عن الحكومة
(وعمليات الإدارة المرتبطة بتقديم الخدمات العامة على المستويين الوطني والمحلي .
وببساطة، يمكن القول بأن إصلاحات الإدارة العامة تتألف من تغييرات متعددة لهياكل مؤسسات القطاع العام وعملياته بهدف إدارتها على نحو أفضل، ووفقاً لهذا السياق، فإنها تشتمل على آليات لتحسين التنسيق ووضع السياسات وبناء هياكل مؤسسية قوية وتطبيق اللامركزية، ونقل السلطات والصلاحيات وإدارة الموارد البشرية بالإضافة إلى أنظمة الاتصالات والمعلومات .()
وارتباطا بالمفهوم الوارد أعلاه يمكن التأكيد على أن العديد من المرجعيات
تشير إلى أن منظومة الإدارة العامة تتكون من ثلاثة محاور أساسية هي():
§ محور السياسات العامة.
§ محور البنى المؤسسية، وتشمل:
الهياكل المؤسسية،
وأنظمة المعلومات، والمباني وتجهيزات
العمل.
§ محور الخدمة المدنية (الموارد
البشرية).
ولغرض الدراسة سيعتمد الباحثان على المفهوم الذي يُقَسم
مكونات الإدارة العامة إلى ثلاث عناصر أساسية وفقا لما ورد أعلاه، مع التركيز فيما
يتعلق بالبنى المؤسسية على مكون الهياكل المؤسسية بدرجة أساسية كونه الأهم في منظومة
الإدارة العامة، كما يوضحها الشكل رقم (1).
السياسات العامة:
للسياسة العامة من مداخل مختلفة يُنظرُ، مما يعطي
تنوعا لتعريفها وفقاً للمدخل الذي ينظر إليها. ويوجد
العديد من التعريفات والمفاهيم الخاصة بالسياسة العامة، إلا أننا سنركز على
تعريف السياسة العامة من ثلاثة مداخل رئيسية، وذلك على النحو التالي:
السياسة العامة كقرارات حكومية ( من منظور علم
الإدارة العامة)():
مجموعة من القواعد والبرامج الحكومية التي تشكل
قرارات أو مخرجات النظام السياسي في مجال معين ويتم التعبير عن السياسة العامة في
عدة صور وأشكال منها:(القوانين، اللوائح، القرارات الإدارية، الأحكام
القضائية،....، وغيرها).
مجموعة المراحل التي تمر بها السياسة العامة، وتشمل:
- مرحلة
تحليل السياسة العامة.
- مرحلة
إقرار السياسة العامة.
- مرحلة
تنفيذ السياسة العامة.
- مرحلة
تقويم السياسة العامة.
هناك من يطلق على مرحلتي التحليل والإقرار بمرحلة
صناعة السياسة العامة.
السياسة العامة كمنظومة (من منظور علم السياسة)():
عملية توزيع الحاجات المادية والقيم المعنوية في
المجتمع بطريقة سلطوية آمرة من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعة لتلك
الحاجات والقيم في إطار عمليات تفاعلية بين:
- مدخلات
السياسة العامة (مطالب المواطنين والمجتمع من النظام السياسي).
- مخرجات
السياسة العامة (القوانين، اللوائح، القرارات، الأنظمة، الأنشطة الحكومية للنظام
السياسي الملزمة للمجتمع).
- التغذية
الراجعة: ردود أفعال المجتمع حيال مخرجات النظام السياسي.
وتمثل السياسة العامة عنصر العمليات التي تجمع بين
مدخلات ومخرجات المنظومة والتغذية الراجعة والجدول التالي يوضح تصنيف السياسات
العامة حسب مستوى إقرارها.
جدول رقم (1) تصنيف السياسات
العامة حسب مستوى إقرارها وهي وفقا للجدول أدناه().
نوع السياسة حسب مستوى الإقرار
|
جهة الإقرار
|
مثال للسياسات
|
السياسات العامة في المستوى التشريعي
|
مجلس النواب ( البرلمان)
|
قوانين، موازنات الدولة، خطط خمسية، اتفاقيات
|
السياسات العامة في المستوى الحكومي (السياسي)
|
مجلس الوزراء ( الحكومة)
|
خطط، استراتيجيات، لوائح، قرارات حكومية.
|
السياسات العامة في المستوى الحكومي (الإداري)
|
الوزير المختص أو رئيس الجهة
|
خطط، استراتيجيات ، أدلة عمل، قرارات وزارية
|
السياسات العامة في المستوى الحكومي (الفني /
الإجرائي)
|
الوكيل أو المحافظ أو المجلس المحلي في المحافظة
|
أدلة عمل إجرائية، آليات عمل، قرارات فنية وإجرائية.
|
كما
يوضح الشكل التالي دورة عمليات السياسات العامة
الخدمة المدنية:
مفهوم إصلاح الخدمة المدنية :
يمكن تحديد تعريف عام للخدمة المدنية بأنها "الخدمة العامة في الهيئات العامة
المدنية، وهي تضم مختلف الجوانب المتعلقة بادرة وتنظيم شئون الوظيفة العامة للعاملين
في المنظمات الحكومية (المصالح، المؤسسات العامة، المحليات)([6])".
وبالتالي
فان مفهوم الخدمة المدنية ينصب على الوظيفة العامة والموظف العام وكيفية تنظيم شئونهما، وما يرتبط بذلك من ثقافة تنظيمية يتطلبها
أداء الموظف في إطار الوحدات العامة التي يعمل بها.
مكونات إصلاح الخدمة المدنية: وانطلاقاً مما سبق، فان العناصر الأساسية
لمكون مفهوم الخدمة المدنية تتحدد في التالي:
o إصلاح وتطوير الوظيفة
العامة.
o إصلاح وتطوير السياسات
المتعلقة بأوضاع الموظف الحكومي.
o الثقافة التنظيمية.
·
خصائص
الخدمة المدنية(): للخدمة المدنية خصائص تميزها
عن الخدمة العسكرية وعن الخدمة في قطاعات الأعمال الأهلية وذلك من خلال التالي:
1) أن الخدمة المدنية تحتاج إلى هيئة إدارية ذات خبرة وممارسة جدية
لخطورة وأهمية المسئوليات التي تقوم بها.
2) أن الخدمة المدنية والتي تضم منفذي السياسة العامة تحتاج
إلى هيئة مهنية مستقلة سواء عن نظام الحكم في البلاد أو الجهات المعارضة للحكم في
البلاد.
وذلك يعطي طابعاً مميزاً للعمل في الخدمة المدنية ، حيث
يخضع العمل لمجموعة من القوانين العامة تقدم من خلالها ضمانات مختلفة للعاملين
فيها مثل: ضمانات الموظفين، أسلوب التعيين والترقية والنقل وحقوق المعاشات
والضمانات الاجتماعية والتزامات الموظف العام... الخ.
· أنواع أنظمة الخدمة المدنية:
للخدمة المدنية نوعان
من الأنظمة هما :
1- النظام المفتوح.
2- النظام المغلق.
وذلك حسب التعامل مع
الوظيفة العامة والموظف العام، وسوف يتم توضيح سبب تسمية كل نظام وخصائصه ومزاياه
وعيوبه من خلال الجدول التالي:
جدول رقم
(2) يوضح إسم النظام وخصائص ومزايا وعيوب كل نظام
اسم النظام
سبب التسمية
|
الخصائص
|
المزايا
|
العيوب
|
النظام المفتوح
وهذا النظام جاء من النظرة الأمريكية وذلك لأنه يتم التعامل مع الوظيفة العامة وشاغلها كالوظيفة الخاصة،
ويرجع ذلك لتخوف الأمريكيين من إساءة استعمال السلطة من قبل الموظفين واحتمال استبدادهم بالمواطنين
|
1. تتولى المؤسسة مهمة تحديد الوظائف القائمة
بالهيكل التنظيمي.
2. تضع لكل وظيفة مواصفات ووصف لعملها وتحديد
مؤهلات المرشحين لشغلها.
3. يتم اختيار وتعيين المتقدمين لشغل الوظائف
تبعاً لمؤهلاتهم وجدارتهم لها.
4. بقاء الموظف يعتمد على بقاء وظيفة أولاً و
بدوام كفاءته وفاعليته ثانياً.
5. للموظف الحق في أنه يترك وظيفته متى شاء بمجرد
إشعاره للمؤسسة لفترة مناسبة.
6. يكون الموظف مسئول
بذاته عن تطوير نفسه وتنمية مهارته.
7. للموظف الحق البحث عن المؤسسة التي تعطي أفضل
الامتيازات وأعلى الرواتب.
8. لا تلتزم المؤسسة أو الدولة بالراتب التقاعدي لموظفيها
لأنها ليست سلك دائم.
9. لا تلتزم المؤسسة بترقية الموظف أو بترفيعه
وفقاًُ للأقدمية بل تجيز له التقدم لشغل وظيفة أعلى إذا كان مؤهلاً لها.
10. كل وظيفة تعتبر
مستقلة عن غيرها أفقياً وعمودياً على السلم الإداري و راتباً خاصاً بها ولا يمكن
نقل الموظف من وظيفته إلا بموافقته ورغبته والتأكد من قدراته.
|
1. نظام مبسط يعفي الإدارة من وضع نظم وإجراءات
النقل والترقيات والإجازات والندب والإعارة أو التقاعد.
2. نظام مرن يخول
الإدارة أن تعيين متى تشاء وتستغني عمن تشاء في أي وقت تستلزم ظروفها ذلك.
3. نظام اقتصادي يحقق الوفر والدخل الجيد ويقلل
من التكاليف والأعباء المالية بسبب الكفاءة والإنتاجية العالية التي يوفرها
وبسبب التزامه بمبدأ الجدارة في التنفيذ والاختيار ودفع الأجور.
4. أنه نظام لا مركزي يقوم على تعدد نظم العمل
والخدمة سواء لدى الحكومة أو لدى القطاعات الخاصة مما يقلل من مخاطر المركزية
الاستغلالية ويتيح فرصة أكثر للكفاءات لإيجاد فرص عمل تناسبهم.
|
1. أنه نظام غربي يصلح لبيئة صناعية متطورة وذات
إمكانيات علمية وبشرية عالية المستوى.
2. نظام رأسمالي يفترض وجود قطاع خاص نشط بمؤسسات
متطورة تنافس القطاع العام وتتيح الفرصة للانتقال بين القطاعيين أو بين مؤسسات
القطاع الواحد.
3. نظام مادي يقوم على الصراع والتنافس وعدم
الاستقرار وإقامة علاقات على أساس المصلحة.
4. نظام استفزازي واستغلالي فهو يبقي العاملين في
حالة قلق
مستمر
وتحت رحمة صاحب المشروع فرداً كان أو جماعة أو دولة.
5. يتسبب هذا النظام في أشغال إدارة الأفراد بعمليات الاختيار المتكررة بسبب
دوران العمل المستمر، كما يضعف من ثقة الجمهور بالمؤسسة حين تتغير الوجوه بين
الحين والآخر.
|
النظام المغلق
هذا النظام جاء
من النظرة أوروبية وذلك لاتصاف
الوظيفة العامة بطبيعة معينة وبخصائص تختلف عن الأعمال الخاصة.
|
1. لنظام الخدمة في الحكومة كيان قائم بذاته
تميزه عن النظم الخاصة المختلفة.
2. تعتبر الوظيفة العامة مهنة وسلك دائم وملزم
للطرفين دون تعسف، وتلزم الدولة بدفع الراتب التقاعدي لمن يخدم فترة زمنية
معينة.
3. يكرس الموظف نشاطه ووقته الرسمي لشغل الوظيفة
متفرغاً لها.
4. تحكم الموظف لدى الدولة نظم وقواعد وإجراءات
ترتب حقوق وواجبات دائمة.
5. أن من يعمل بوظيفة ما يمكن أن يرقى لغيرها
تبعاً لسلم الترقيات.
6. تلزم الإدارة العامة بتأهيل موظفيها لشغل
الوظائف الشاغرة لديها.
7. قد تلغى وظيفة الموظف، ولكنه يظل بخدمة
الدولة.
8. تقيد الإدارة العامة
حرية الاستقالة إلا لأسباب تقبلها.
|
1. يضمن النظام الاستقرار الوظيفي والثبات
للعاملين مما يقلل من تكاليف دوران العمل ومضايقاته.
2. يحقق نوع من الضمان للعاملين وينقذهم من
المخاوف التي يتعرض لها عمال القطاع الخاص.
3. يلقى مسئولية التدريب
والتنمية على كافة الدولة مما يوسع من أفق الموظفين ويزيد من ثقافتهم من خلال
الدورات التدريبية.
4. يشعر الفرد بعلاقة المواطنة وبالنظام السياسي
الذي يعيش في ظله .
5. يقلل من أخطار البطالة ويضعف أثر العرض والطلب
على تحديد الأجور.
|
1. عدم قدرة النظام تحمل مسئولياته الواسعة
والمتزايدة التي تؤدي إلى تضخم الأجهزة والعاملين بشكل سريع.
2. يخلق النظام الإتكالية لدى الموظفين من خلال
اعتمادهم لأنهم يعملون بوظائف دائمة مما يضعف روح المبادأة والمبادرة للتطوير.
3. غياب التطبيقات الموضوعية الملتزمة بالكفاءة
والجدارة في اختيار الموظفين.
4. كثرة القيود الموضوعة
على الدخول في سلك الخدمة المدنية وتعدد الشروط التي ينبغي توفرها بمن يدخله ثم
تعذر الخروج من هذا السلك .
5. مجالات التقدم
والتطور الفني والتخصص غالباً ما تكون محدودة أمام العاملين .
|
الإصلاح الإداري:
تغيير مقصود وشامل على مستوى الحكومة أو المنظمة
في إطار رؤية مستقبلية, للقيادات الإدارية تحدد ما يجب تحقيقه من إصلاحات إدارية
لضمان رضا الجمهور المستفيد, من خلال تبني مفاهيم ونظريات إدارية حديثة يتم على
أساسها تنمية الموارد البشرية مادياً ومعنوياً، وتطوير الهياكل وتبسيط الإجراءات
وتحديث الأدوات والوسائل الفنية والتقنية على أساس التدرج غير المنقطع والمتفاعل
مع البيئة الكلية للمنظمة()
.
ثانيا: ملخص لبعض التجارب والممارسات الدولية:
تجربة المملكة الأردنية في الإصلاح الإداري ():
بدأت الأردن محاولات الإصلاح الإداري في عقد الستينات وذلك بهدف رفع كفاءة
الأجهزة الإدارية من أجل تحقيق المصلحة العليا للدولة ، وإدراكا لأهمية التطوير الإداري
كون الجهاز الإداري هو أداة الدولة ووسيلتها في تحقيق الأهداف العامة بما فيها
التنمية الشاملة المستدامة.
وقد تركزت البدايات الأولى للإصلاح الإداري على إعداد مجموعة من الدراسات
حول إخراج نظام خدمة مدنية جديدة ، وتنظيم إجراءات العمل وإنشاء بعض الأجهزة مثل
ديوان الموظفين ثم معهد الإدارة العامة. وقد كان للأردن محاولات عديدة في العقود
الأخيرة من القرن الماضي لتقوية ودعم الجهاز الإداري ومعالجة التشوهات وتحديث جهاز
الإدارة العامة لزيادة مقدرته على مواجهة كافة المستجدات والمتغيرات العالمية.
الرؤية : جهاز حكومي كفؤ فعال ، يوظف تكنولوجيا المعلومات ، يواكب المستجدات ،
يقدم خدمات متميزة بعدالة ، يؤمن بالشفافية والمساءلة ، قادر على إحداث التغيير
الايجابي بتنسيق وتعاون تكاملي بين مكوناته وفعاليات المجتمع.
الأهداف العامة للإصلاح الإداري في الأردن :
· رفع مستوى الإنتاجية وتحسين مستوى الكفاءة والفاعلية.
· ترشيد الإنفاق الحكومي والاستغلال الأمثل للموارد
المتاحة.
· تطوير القدرة التنافسية للجهاز الحكومي.
· تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين.
تجربة مصر في الإصلاح الإداري ()
:
بدأت مصر في تطبيق سياسات الإصلاح الإداري منذ نهاية عام 1997م من خلال
وزارة التنمية الإدارية وذلك لتحقيق (تحديث وتطوير أداء الجهاز الإداري للدولة
بهدف تدعيم قدرته على الوفاء برسالته الأساسية لتحقيق النهضة التنموية المأمولة ،
ورفع المعاناة عن المواطن عند التعامل مع أجهزة الدولة، رفع القيود البيروقراطية ،
والتخفيف من التعقيدات المكتبية ، وتهيئة المناخ الإداري الملائم لانجاز خطط
التنمية الشاملة).
محاور
برنامج الإصلاح الإداري:
1- ترشيد حجم الجهاز الإداري للدولة وتطوير سياسات شغل
الوظيفة العامة .
2- تدعيم قدرة الجهاز الإداري للدولة على استيعاب عمالة
جديدة وتشغيل الشباب والمساهمة في حل مشكلة البطالة.
3- تحقيق أقصى درجات الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص في
شغل الوظائف العامة.
4- إنصاف الموظفين وفتح باب الترقيات أمامهم وحل مشكلاتهم
الوظيفية.
5- نشر الوعي القانوني بقواعد الخدمة المدنية وأحكام
الوظيفة العامة لتحقيق العدالة ووحدة المعاملة بين جميع موظفي الدولة.
6- محاصرة البيروقراطية والتعقيدات المكتبية.
7- التدريب الإداري وتنمية مهارات العنصر البشرى.
8- تطوير نظم أعداد واختيار قيادات الإدارة العليا.
9- توظيف تكنولوجيا المعلومات في خدمة ترشيد قرارات الإدارة.
تجربة تايلاند في الإصلاح الإداري ():
يتمثل الدافع
الرئيسي من وضع إستراتيجية الإصلاح في تايلاند في ( تحقيق وضع تنافسي لجذب
استثمارات دولية، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وتحسين كفاءة الجهاز الإداري
لتلبية متطلبات النمو الاقتصادي السريع، واتساع نشاط القطاع الخاص، والزيادة في
الطلب على خدمات عامة منخفضة التكلفة).
وقد بدأت جهود تايلاند في إصلاح نظام الخدمة المدنية عام
1991م حيث شهد هذا العام إحداث تغييرات في دور موظفي الخدمة المدنية واتجاهاتهم
إزاء العمل بغيه تحسين أدائهم والارتقاء بنوعيته، وتعزيز القيم الأخلاقية في أداء
الجهاز الإداري الحكومي.
لهذا يعتبر عام 1991م الأساس
لبرامج الإصلاح اللاحقة التي استمرت حتى عام 1997م وقد ركزت خلالها استراتجيات
الإصلاح على تحسين الأداء وإصلاح هيكل تعويضات الموظفين ، وخفض حجم البرامج
الحكومية ، وزيادة المشاركة في عملية صنع القرارات ، وجعل الأفراد محور التنمية
الرئيسي من خلال اللامركزية وتحسين منظومة السلطات والإدارة في المجتمع.
الأهداف الرئيسية للإصلاح الإداري :
- إعادة هندسة الأجهزة الحكومية العاملة في مجالات تقديم
الخدمات العامة والتجارة الدولية.
- تحسين أداء الخدمة العامة .
- تعزيز الإدارة بالنتائج وذلك عن طريق عمليات التخطيط
والمراقبة والمتابعة .
إستراتيجية الإصلاح الإداري :
وضعت الحكومة التايلاندية منذ
عام 1991م إستراتيجية متكاملة للإصلاح تركز على:
- إدخال تغيير في دور الحكومة لكي تصبح جهاز لوضع السياسات
وتيسير تنفيذها ومتابعتها، كما صدر قانون الخدمة المدنية لعام 1992م الذي يعتبر
الأساس القانوني لإدخال تلك الإصلاحات .
- أما
في عام 1993م فقد ركزت الإصلاحات على تبسيط وتنظيم هياكل ووظائف الأجهزة الحكومية
- اتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على حجم موظفي الخدمة
المدنية.
- في عام 1994م ركزت جهود الإصلاح على إصلاح نظام
التعويضات.
- في عام 1996م كان التركيز على إعادة هندسة الأجهزة
المعنية بتقديم الخدمة العامة والتجارة الدولية.
- أما في عام 1997م تم التركيز فيه على تعزيز مشاركة
المجتمع في عملية التنمية باعتباره الغاية التي تركز من أجلها التنمية.
العناصر الأساسية لبرامج إصلاح
الخدمة المدنية وفقا للتجارب الدولية()
:
جدول
(3) يوضح مقارنة للعناصر الأساسية لبرامج إصلاح الخدمة المدنية في كل من الأردن
ومصر وتايلاند.
|
الأردن
|
مصر
|
تايلاند
|
1-
وضع نظام خدمة مدنية جديد يعكس التوجهات والمرتكزات
لعملية التطوير الحكومي.
2- تبسيط عملية تقديم الخدمات الأكثر مساسا بالمواطن في
16دائرة.
3-
إعداد دليل الخدمات
4-
إنشاء مكتب خدمة الجمهور
في كل المؤسسات الحكومية .
5-
إعادة هيكلة القطاع العام .
6-
إيجاد وصف وتصنيف وظيفي لجميع الوظائف في الوزارات
والدوائر الحكومية وإعادة النظر في تعليمات وصف وتصنيف وظائف الجهاز الحكومي.
7-
إدخال جميع طلبات
التوظيف على شبكة الانترنت.
8-
أرشفة جميع أعمال ديوان
الخدمة المدنية لتحسين أداء الديوان.
9-رفع كفاءة موظفي القطاع العام في مجالي الحاسوب واللغة
الانجليزية
10-
إعداد نماذج جديدة لتقييم الأداء الفردي والمؤسسي في
القطاع العام.
11-
توعية المعنيين ببرنامج تحديث القطاع العام .
12-
أخلاقيات الوظيفة العامة
والتنمية الوطنية (الاهتمام بالثقافة التنظيمية)
|
1-
ترشيد حجم الجهاز الإداري للدولة وتطوير سياسات شغل
الوظيفة العامة
2-
تحقيق أقصى درجات الشفافية والمساواة وتكافؤ الفرص في
شغل الوظائف العامة
3-
إنصاف الموظفين وفتح باب الترقيات أمامهم وحل مشكلاتهم
الوظيفية
4-
نشر الوعي القانوني بقواعد الخدمة المدنية وأحكام
الوظيفة العامة لتحقيق العدالة ووحدة المعاملة بين جميع موظفي الدولة
5-
محاصرة البيروقراطية والتعقيدات المكتبية
6-
الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في خدمة ترشيد
قرارات الإدارة وتسهيل حصول المواطنين على
الخدمات .
7-
التدريب الإداري وتنمية مهارات العنصر البشرى
8-
تطوير نظم إعداد واختيار قيادات الإدارة العليا.
|
1-تغيير دور الحكومة لكي تصبح جهاز لوضع السياسات وتيسير
تنفيذها ومتابعتها .
2- تبسيط
وتنظيم هياكل ووظائف الأجهزة الحكومية.
3-السيطرة على حجم موظفي الخدمة المدنية .
4-إصلاح نظام التعويضات.
5-إعادة هندسة الأجهزة المعنية بتقديم الخدمة العامة
والتجارة الدولية .
6-تعزيز مشاركة المجتمع في عملية التنمية باعتباره
الغاية التي تركز من اجلها التنمية.
7-الاهتمام بالقيم الأخلاقية في الأجهزة العامة
|
من خلال ما تم
الإشارة إليه سابقاً حول تجارب البلدان محل الدراسة في مجال الإصلاح الإداري
وتحديدا إصلاح الخدمة المدنية ومن الجدول أعلاه فإنه يمكن تحديد أبرز العناصر
الأساسية التي تضمنتها التجارب الدولية، وهي على النحو التالي :
م
|
العنصر (المكون) الأساسي
|
1.
|
تغيير دور الحكومة لتصبح جهاز لوضع السياسات وتيسير
تنفيذها ومتابعتها .
|
2.
|
إصلاح وتطوير نظام الوظيفة العامة (التخفيف من حجم
الكادر وحل مشكلة التكدس الوظيفي، تطوير سياسات ونظم شغل الوظيفة العامة ، التوصيف
الوظيفي، تطوير سياسات ونظم الأجور، .... وغيرها ).
|
3.
|
إعادة هيكلة المؤسسات .
|
4.
|
تطوير نظم العمل الإداري بما في ذلك تبسيط الإجراءات وتحقيق الشفافية.
|
5.
|
تطوير وتحسين آليات ونظم تقديم الخدمات .
|
6.
|
تعزيز مشاركة المجتمع في عملية التنمية باعتباره
الغاية التي تركز من أجلها التنمية.
|
7.
|
الاهتمام بالقيم الأخلاقية في الأجهزة العامة .
|
8.
|
تطوير القدرات (تدريب الكادر وتأهيله وتنمية قدراته)
.
|
9.
|
الإفادة من تكنولوجيا المعلومات في الإدارة الحكومية
.
|
10.
|
نشر الوعي القانوني والإداري لدى
الموظفين في مختلف الأجهزة الحكومية .
|
المبحث الثالث
الوضع الراهن للإدارة
العامة في اليمن
أولاً: أبرز خصائص وسمات الإدارة العامة في اليمن():
بعد
قيام الوحدة المباركة في العام 19990م واندماج نظاميين مختلفين لكل واحد منها
خصائصه وسماته وارثه الإداري، بدأ يتشكل من هذا المزيج غير متجانس واقعاً جديداً
للإدارة العامة في اليمن أفرز من خلاله سمات وخصائص جديدة للإدارة العامة في اليمن
أهمها:
1-
غياب فلسفة واضحة للإدارة
الحكومية : حيث انعكس ذلك في تضارب وضع السياسات والبرامج وعدم
تكاملها في اتجاه محدد وواضح، وتشتت أداء الأجهزة الحكومية، وضعف تحديد الأدوار
والمسئوليات والاختصاصات وعدم التمكن من تحديد أولويات المهام وضعف التوجيه لبرامج
ومشروعات التنمية وضعف كفاءة أداء الأجهزة الإدارية في إدارة التنمية الشاملة .
2-
ترسخ وتجذر الطابع التقليدي
في الإدارة بأبعاده السلبية: حيث طغت الأبعاد التقليدية السلبية في الإدارة
العامة اليمنية وزاد ترسخها وانعكس ذلك في جوانب قصور متعددة حكمتها الجوانب التقليدية لمنظومة الإدارة العامة، ومن أمثلة ذلك :
·
سيطرة القرار السياسي على
القرار الإداري : حيث ارتبط القرار الإداري بالقرار السياسي أصبح السياسي
أكثر تأثيراً على الإدارة الحكومية، وتم تغييب المعايير والضوابط الإدارية في
اتخاذ القرار الحكومي. وقد انعكس ذلك في إجراء التعيينات في المستويات القيادية
على أسس وأبعاد سياسية (وظهر ما يعرف بالتقاسم للمناصب القيادية) وجرى بالمقابل
تغييب المعايير الإدارية في التعيين في المستويات الدنيا، كما شهدت هذه المرحلة
الكثير من عمليات دمج وتفكيك بعض المؤسسات والوزارات لأغراض سياسية واستحداث
مؤسسات جديدة بصورة غير مدروسة مما أدى إلى تداخل اختصاصاتها مع مؤسسات قائمة.
·
استطالة الهياكل التنظيمية
للمؤسسات وتضخمها : فقد أدى الاندماج بين النظامين إلى تكريس هذا
الجانب وجرى استحداث مستويات إدارية جديدة أفقية ورأسية مما انعكس في تضخم حجم
الهيكل التنظيمي للمؤسسات الحكومية وتناثر مهمتها الواحدة في أكثر من قطاع أو
إدارة أو قسم.
·
ضعف الاهتمام بالتطوير
التنظيمي وبروز طابع الجمود في مواجهة التغيرات الجارية : حيث اتسمت الإدارة
العامة في اليمن خلال تلك المرحلة بضعف الاهتمام بتبني برامج تطوير مؤسسي ناضجة
على مستوى المؤسسات الحكومية أو على مستوى القطاعات باستثناء بعض المحاولات
الشكلية المنفردة التي لم يكتب لها النجاح .
·
ترسخ الاهتمام بالمدخلات
على حساب المخرجات : جرى الاهتمام بإعداد قوانين ولوائح لبعض المؤسسات
وتوظيف مزيد من الكوادر بصورة غير مدروسة على حساب الاهتمام بتحسين المخرجات .
3-
تضخم
الهيكل الوظيفي وضعف مستوى أداء الكادر البشري : مع قيام الوحدة المباركة
واندماج حكومتين في كيان موحد ورثت الحكومة اليمنية الجديدة لدولة الوحدة ومنظومة
الإدارة العامة أعداد كبيرة من الكوادر البشرية التي جرى توظيفها لأسباب اجتماعية وسياسية وأضاف
ذلك العبء تأثر الجهاز الإداري الحكومي بسلسلة من الأحداث الكبرى أهمها عودة حوالي
800 ألف يمني من دول الخليج عقب حرب الخليج الثانية والذي حمل الدولة مسئولية استيعاب جزء من تلك العمالة العائدة في القطاع العام باعتبار الوظيفة الحكومية من آليات الرعاية الاجتماعية مما أتخم جهاز الإدارة العامة بموظفين محدودي التأهيل ومنخفضي الأجر ولا حاجة لهم، فضلاً عن نتائج وآثار حرب صيف1994م، بالإضافة إلى استمرار السياسات الخاطئة للتوظيف والذي نتج عنها مضاعفة أعداد الموظفين في وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاعين العام والمختلط .
ومن
جهة أخرى وجد أن معظم الوحدات الإدارية الحكومية تعاني من ضعف القدرات البشرية ومن قصور حاد في التأهيل وخاصة في المجالات التي تحتاج إلى مهارات عالية
. وقد أظهرت نتائج المسح الوظيفي لعام1998 م أن الموظفين الحاصلين على مؤهلات جامعية يمثلون
16.3 % من إجمالي الموظفين البالغ عددهم 404.522موظف، بينما ترتفع نسبة الموظفين دون مؤهل إلى .%26.6()
وعلى
الرغم من تضخم الهيكل الوظيفي إلا انه يتميز بأن أغلب الكادر البشري فيه من
الشباب، الأمر الذي يمكن الاستفادة منه في حال تم
تدريبهم وتأهيلهم بصورة مناسبة .
4-
غياب
التحديد
الواضح
لوظائف
الدولة
وتوزيعها
على
تكويناتها
التنظيمية
وسوء
التوزيع
لوحدات
جهاز
الإدارة
العامة
وتضارب اختصاصاتها: حيث نجد عدم وضوح في تحديد ادوار المؤسسات الحكومية،
وعدم استقرار البناء المؤسسي للدولة واستمرار التغيير في شكل وأدوار الأجهزة
الحكومية وقد انعكس ذلك أيضا في سوء توزيعها جغرافياً وعلى مستوى وظائف وخدمات الدولة، حيث تركز أغلب التوظيف في المدن الرئيسية وخاصة في قطاعي التعليم والصحة تحديداً، مقابل انخفاضها جغرافياً في المدن الثانوية وفي الريف وقطاعياً في بقية مهام الدولة يضاف إلى ذلك تضارب وتعارض مهام واختصاصات بعض المؤسسات
القائمة وعدم تحديد مهامها واختصاصاتها بوضوح .
5-
تفشي ثقافة تنظيمية سلبية : لقد أدى غياب
الاهتمام بالثقافة التنظيمية وتدهور الأوضاع المعيشية للكادر الإداري وغياب
التطبيق العادل لمعايير التوظيف والترقية وضعف الاهتمام بالتحفيز وغياب تطبيق نظام
التقييم للأداء كل ذلك أدى إلى تفشي ثقافة تنظيمية ذات مظاهر سلبية أفرزت معها
فساداً إدارياً متعدداً، وأدت إلى جمود في قبول التغيير والتطوير الإداري على
مستوى المؤسسات، وتفشي والمبالغة الاهتمام بالشكليات .
ثانيا: واقع السياسات
العامة واتجاهات تطويرها:
يتضمن هذا الجزء من الدراسة موضوعين رئيسيين
هما: الملامح الأساسية لواقع السياسات العامة في الجمهورية اليمنية، واتجاهات
التطوير المستقبلية لها . وسيتم تناول كل منهما على النحو التالي:
أ- الملامح الأساسية لواقع
السياسات العامة:
ظلت إدارة عمليات السياسة العامة في اليمن خلال
الفترة الماضية تعاني من أوجه قصور متعددة نتيجة لغياب رؤية عامة للتعامل معها ،
الأمر الذي أثر بشكل مباشر على وضع الإدارة بصورة عامة . وما يؤكد ذلك وجود
اختلالات في إدارة كل عملية من عمليات
السياسة العامة ، يمكن إيجازها على النحو التالي:
1_ عملية تحليل السياسة العامة :
تعاني مختلف المستويات الإدارية في أجهزة
الدولة والتي تعنى بعملية تحليل السياسة العامة من اختلالات جوهرية في إدارة عملية
تحليل السياسة العامة أبرزها:
أ-
ضعف وقصور في توفر البيانات والمعلومات اللازمة لتحليل
القضايا والمشكلات العامة، ووضع السياسات المعالجة لها.
ب- قصور واضح في تطبيق منهجيات البحث
والتحليل في تناول القضايا والمشكلات في إطار عملية تحليل السياسات العامة.
ج- ضعف الإفادة من مخرجات البحث العلمي في
مجال تحليل ووضع السياسات العامة حيث وجد الباحثان أنه من بين (50) خمسين دراسة
علمية (ماجستير ودكتوراه) لم تستفد منها
الجهات المعنية سوى من أربع دراسات فقط وبشكل محدود.()
د- ندرة الكادر المتخصص في تحليل السياسات
العامة .
هـ- ضعف الوعي لدى معظم القيادات الإدارية في
المؤسسات الحكومية بأساليب ومنهجيات تحليل السياسات العامة ، نتيجة قصور برامج
التدريب والتأهيل أثناء العمل في هذا الجانب . حيث وجد أن من بين مائة قائد إداري
(بدرجة مدير عام ووكيل وزارة) 10% فقط سبق لهم أخذ دورة في مجال السياسات العامة().
و- ضعف التنسيق في عملية تحليل السياسات
العامة، ووضع مقترحات بدائل السياسات سواء بين المؤسسات الحكومية فيما بينها أو
فيما يتعلق بمشاركة منظمات المجتمع المدني وقطاع الأعمال. وإن وجدت بعض المشاركات
فتكون شكلية كون القرار النهائي بيد الجهات الحكومية المعنية بصنع السياسات
العامة. وما يؤكد هذا القول :عدم التنسيق بين الوحدات الإدارية التي تمارس أنشطة
تكاملية مما يؤدي إلى تعطيل الأنشطة أو تجميد السياسات.
2- عملية إقرار السياسات
العامة :
لا يختلف الأمر في هذه العملية عن سابقتها حيث تبرز العديد من مظاهر
الاختلالات ،إلى جانب القليل النادر من الجوانب الإيجابية ، ويمكن إيجاز أبرز
ملامح واقع عملية إقرار السياسات العامة فيما يلي:
أ)
وجود مستوى مقبول من التنظيم في عملية
إقرار السياسات العامة على مستوى مجلس النواب ، إلا أن هناك قصور في إشراك منظمات
المجتمع المدني وقطاع الأعمال عند إقرار التشريعات التي يصدرها مجلس النواب في هذا
الإطار.
ب)
وجود خلل واضح في إدارة عملية إقرار
السياسات العامة على مستوى مجلس الوزراء وما يؤكد ذلك:
-
عدم وجود وحدة تنسيق لإقرار السياسات
العامة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالرغم من وجود محاولات لإنشاء هذه الوحدة
إلا أنها لم تنجح حتى الآن.
-
عدم وجود دليل، أو معايير متكاملة للجهات
الحكومية التي ترفع سياستها للإقرار من قبل مجلس الوزراء، وما يوجد حالياً عبارة
عن نماذج بسيطة لا تعالج الثغرات القائمة في عملية إقرار السياسات العامة على
مستوى مجلس الوزراء.
ج) وجود
تعارض وتداخل في عملية إقرار السياسات العامة على مستوى مجلس الوزراء نتيجة لضعف
عملية التنسيق، وما يؤكد ذلك إعادة إصدار نفس القرارات ثلاث مرات في حكومات متعاقبة ( مثل : قرار إنشاء وحدات المعلومات
والإحصاء في الأجهزة الحكومية).
د) بروز اختلالات واضحة في المستوى الحكومي
الإداري(الوزارات والأجهزة (الحكومية)، حيث أشار عدد ممن تم مقابلتهم إلى أن رؤساء
الأجهزة الإدارية عادةً ما يصدرون بعض القرارات والسياسات بدون التنسيق المسبق مع
القطاعات المعنية، سواء داخل مؤسساتهم أو المؤسسات الأخرى ذات العلاقة. مما يؤدي
في كثير من الحالات إلى تجميد تنفيذ مثل هذه القرارات والسياسات بسبب الخلافات التي
تبرز جراء ذلك.
هـ) غياب
الاهتمام بالإبلاغ والنشر والتوعية بالسياسات التي يتم إقرارها سواء على مستوى
مجلس النواب أو مجلس الوزراء أو على مستوى الأجهزة والوزارات، مما يحدث إرباكاً
للمعنيين بالتنفيذ أو فئات المجتمع التي تستهدفها السياسة المقرة. وهو ما يؤدي إلى
تجميد السياسة أو إلغائها أو عدم تطبيقها بالشكل الصحيح . مثال على ذلك: قانون
الحق بالحصول على المعلومات الذي تم إقراره والإعلان عنه بشكل قاصر، إذ أن أغلب
الجهات الحكومية لا تعرف كيف تطبق القانون، كما لا يعرف المواطن كيف يستفيد من هذا
القانون، الأمر الذي يفتح باب الاجتهاد لدى الطرفين.
3-عملية تنفيذ السياسات
العامة:
يتباين واقع عملية تنفيذ السياسات العامة
بين ملامح إيجابية وأخرى سلبية تحكمها أهمية السياسة، يتضح فيما ما يلي :
أ)
لا يتم إتباع أسلوب إداري متعارف عليه
عند نقل السياسات العامة للتنفيذ على أرض الواقع، يتمثل هذا الأسلوب في وضع خطة
زمنية لنقل السياسة العامة إلى موضع التنفيذ وتحديد المتطلبات اللازمة لبدء
التنفيذ ،وتحديد أدوار الجهات المعنية بشكل واضح ودقيق.
ب)
عند نقل السياسة إلى موضع التنفيذ لا
يتم في العديد من السياسات ـ وخاصة القوانين والسياسات التي يقرها مجلس الوزراء ـ
وضع السياسات العامة التفصيلية المترجمة لها والسياسات الإدارية الحاضنة لها (مثل
اللوائح التنفيذية لبعض القوانين حيث أن هناك عدد من القوانين التي صدرت قبل عدة
سنوات لم توضع لها لوائح تنفيذية). كما أن هناك سياسات عامة أقرها مجلس الوزراء
منذ عدة سنوات تضمنت في إطارها وضع سياسات عامة فرعية ، إلا أنه لم يتم وضعها حتى
الآن. ومنها العديد من الاستراتيجيات القطاعية .
ج) تعاني
عملية التنفيذ للسياسات العامة من ظاهرة رئيسية تتمثل في غياب الاهتمام ببناء
القدرات المؤسسية والبشرية اللازمة لتطبيق السياسات التي يتم إقرارها، وبصورة
فاعلة، ويبرز هذا الوضع بشكل أساسي في السياسات العامة المتعلقة بالخدمات وتحديداً
التعليم والصحة، الأمر الذي ينعكس بقصور واضح في أداء القطاعات .
د) عدم
ترابط وتكامل عملية تنفيذ السياسات العامة والاتجاه في الغالب نحو تنفيذ السياسات
بصورة جزئية وفقا للإمكانات والموارد المتاحة والأولويات التي تراها الجهات
المعنية.
4-عملية تقويم السياسات العامة :
تتحدد أبرز
ملامح الوضع الراهن لعملية تقويم السياسات العامة في الآتي:
أ)
تداخل في أدوار الأجهزة المعنية بعملية
تقويم السياسات العامة ( مراقبة ومتابعة وتقييم السياسات العامة). وعلى سبيل
المثال: التداخل القائم بين دور كلاً من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ،
والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ومجلس النواب، والدوائر التابعة لمكتب
رئاسة الجمهورية ، والدوائر التابعة لمجلس الوزراء.
ب)
غياب تطبيق الأساليب العلمية والمنهجية
في تقويم السياسات العامة والاقتصار على تقارير الفنية التي يتم رفعها إلى الجهات
المعنية في الدولة.
ج) غياب
تام للأخذ باتجاهات الرأي العام في أوساط المجتمع حول أثر السياسات التي يتم
تقييمها ومدى رضا أفراد المجتمع عنها.
د) عدم دقة
وكفاية المعلومات اللازمة لعملية التقويم وتأثيرات الفساد الإداري التي تمنع
الوصول للمعلومات اللازمة لعملية التقويم.
هـ) ضعف
عملية التوثيق للسياسات العامة في مختلف مراحلها مما يؤثر على عملية التقييم
للسياسات وتتبع مسارها للتأكد من صحة إجراءات وضع وتنفيذ السياسات.
و) ندرة
الكادر البشري المتخصص في تقويم السياسات، إلى جانب ضعف بناء القدرات في هذا الاتجاه.
ز) أن
السمة الغالبة في عملية تقويم السياسات العامة هي عدم اكتمال هذه العملية في كثير
من السياسات التي يتم تقويمها ، مثل : التقارير التقييمية للسياسات التي يعدها
الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومجلس الشورى وبعض المؤسسات الأخرى ، تصل إلى
الخطوة المتعلقة بتقييم السياسات ونتائجها وآثارها ووضع مقترحات المعالجة ، إلا
أنه يتم الإطلاع على نتائج التقييم تلك ولا يتم اتخاذ الخطوات المتعلقة بتطوير أو
تعديل السياسة ومعالجة اختلالاتها.
وارتباطاً
بكل ما سبق، فإن العمليات الأربع لإدارة السياسات العامة ترتبط بعدد من العناصر
الرئيسية يبرز فيها الخلل الأكبر في إدارة السياسات العامة على مستوى الدولة، وهذه
العناصر هي:
1-
اختلال في الهيكلية والمؤسسية لإدارة
عمليات السياسات العامة ، حيث نجد أن أغلب أجهزة الدولة لا تعير انتباهاً إلى
المكون التنظيمي الخاص بإدارة السياسات العامة داخل مختلف أجهزة الدولة وفي
مستوياتها المختلفة . فإما لا نجد مكون
تنظيمي بالمرة معني بالسياسات العامة داخل هذه الأجهزة أو أننا نجد هذا المكون
التنظيمي إلا أن دوره قاصر وبدون فاعلية نتيجةً (إما) لعدم وضوح الصلاحيات
والمسئوليات والمهام ، أو تجاذب مهامه مع مكونات تنظيمية أخرى داخل الجهاز المعني،
أو لضعف الكادر الذي يعمل في هذا المكون التنظيمي.
2-
ندرة الكادر البشري المؤهل في مجال
السياسات العامة، وضعف عملية التأهيل والتدريب داخل مختلف الأجهزة الحكومية.
3-
ضعف شديد في الوعي لدى القيادات
الإدارية في المستويات العليا بأهمية السياسات العامة ومتطلبات إدارتها بكفاءة
وفعالية ، وبكونها عنصراً أساسياً في نجاح الإدارة العامة.
4-
الضعف والاختلال في المدخلات الأساسية
اللازمة لعمليات السياسات العامة وفي مقدمتها:
·
القصور والخلل في البيانات والمعلومات .
·
ضعف المشاركة المجتمعية.
·
ضعف التنسيق والتكامل بين مختلف
المؤسسات الحكومية.
وتجدر الإشارة
إلى أن هذه السمات والخصائص برزت قبل البدء بتنفيذ برنامج الإصلاح الإداري ومع ذلك
ما زالت قائمة بتأثيراتها إلى يومنا هذا كون البرنامج لم يغير من تلك السمات
والخصائص إلا في حدود ضيقة جدا، ويدعم هذا القول المؤشرات الدولية التي وضعت اليمن
ضمن قائمة الدول التي تقترب من الفشل.
ب-
الاتجاهات المستقبلية لتطوير السياسات العامة:
لا تتوفر على حد علم الباحثين
توجهات رسمية لتطوير منظومة السياسات العامة بصورة صريحة، إلا أن هناك بعض
التوجهات التي تضمنتها إستراتيجية تحديث الخدمة المدنية، والتي تشير إلى إصلاح بعض
السياسات وخاصة المتعلقة بمنظومة الخدمة المدنية، وهي لا تعكس ما يجب أن تتجه إليه
الإستراتيجية في إطار إصلاح وتطوير منظومة السياسات العامة، وارتباطا بذلك فان
مضمون توجهات إستراتيجية الخدمة المدنية أشار إلى هدف أساسي ذكر فيه موضوع
السياسات هو: تنفيذ السياسات والأنظمة لتقوية الأنظمة الأساسية().
ثالثاً: واقع الهياكل المؤسسية واتجاهات تطويرها:
يتضمن هذا الجزء من الدراسة موضوعين رئيسيين
هما : الملامح الأساسية لواقع الهياكل المؤسسية في الجمهورية اليمنية، واتجاهات
التطوير المستقبلية لها . وسيتم تناول كل منهما على النحو التالي:
أ.
الملامح الأساسية لواقع الهياكل المؤسسية:
ورثت دولة الوحدة هياكل مؤسسية متقادمة ، ولم تتم أي محاولة لتطويرها بصورة
متكاملة ، كما أن هذه الهياكل كانت لها بعض الوظائف والأدوار المتباينة نتيجة
لتباين طبيعة النظامين المندمجين في دولة الوحدة، وعلى الرغم من أن النظام الجديد
لدولة الوحدة أخذ آليات الاقتصاد الحر إلا أن التشوهات التي كانت في الجهاز الإداري
للنظاميين المندمجين زادت حدتها وأثرت بشكل سلبي على البنية الهيكلية للجهاز
الإداري لدولة الوحدة، خاصة أنه لم يجر أثناء عملية الدمج دراسة دور وظائف الدولة
الجديدة وعكس ذلك في الهياكل المؤسسية . وكان لصيغة التقاسم الدور الأبرز في
الاختلالات التي تعاني منها دولة الوحدة وخلال العشرين سنة الماضية من عمر دولة
الوحدة لم يتم تطبيق أي إصلاحات إدارية تمس الهياكل المؤسسية باستثناء اجتهادات
هنا وهناك لم يكتب لأغلبها النجاح، وعجز مشروع الإصلاح الإداري الذي تبنته
الحكومات المتعاقبة منذ 1998م في تطبيق الدراسات المختلفة في هذا الجانب، سواء
دراسة إعادة تحديد دور ووظائف الدولة أو الدراسات المتعلقة بتطوير الهياكل
المؤسسية لأغلب الأجهزة المركزية .
ويمكن تلخيص أبرز ملامح واقع الهياكل المؤسسية
على النحو التالي :
1-
بروز اختلالات في بنية الهياكل المؤسسية للأجهزة
الفوقية، وتحديداً رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء تتمثل في تضخم حجم هذه الأجهزة
أفقياً ورأسياً، مع وجود اجتهادات جزئية خلال فترات ماضية للتعامل مع هذه الهياكل
أفرزت هذا التضخم وأثرت على أداء هذه الأجهزة .وعلى سبيل المثال: يضم الهيكل
التنظيمي للأمانة العامة لمجلس الوزراء قطاعين يرأس كل واحد منهما أمين عام مساعد
بمستوى نائب وزير ، بالإضافة إلى (14) دائرة بمستوى قطاع يرأسه وكيل وزارة وبإجمالي (45) إدارة عامة.()
2-
يعاني الجهاز الإداري للدولة من تضخم كبير (رأسياً
وأفقياً) في الأجهزة الحكومية بمستوياتها المختلفة، ويوضح الجدول أدناه أعداد
وتوزيع الوحدات الإدارية في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام.
م
|
نوع الوحدة الإدارية
|
العدد
|
1.
|
الوزارات
|
31
|
2.
|
الأجهزة
|
7
|
3.
|
المجالس
|
31
|
4.
|
المؤسسات
|
46
|
5.
|
المراكز
|
17
|
6.
|
الهيئات
|
34
|
7.
|
اللجان
|
24
|
8.
|
المشاريع
|
5
|
9.
|
المصالح
|
7
|
10.
|
المعاهد
|
18
|
11.
|
الشركات والمصانع
|
21
|
12.
|
الجامعات والكليات والأكاديميات
|
27
|
13.
|
البرامج
|
16
|
14.
|
المكاتب
|
2
|
15.
|
الصناديق
|
48
|
16.
|
هيئات المستشفيات
|
12
|
17.
|
البنوك
|
4
|
الإجمالي
|
350
|
المصدر : المركز الوطني للمعلومات ، تقرير
الهياكل المؤسسية للدولة 2012م.
ويتضح من الجدول أعلاه،
حجم التضخم في الهياكل المؤسسية للدولة، إذ نجد أن عدد الوزارات يصل إلى (31)
وزارة، في حين أن دراسة إعادة الهيكلة حددتها ب (13) وزارة . كما أن عدد المؤسسات
يبلغ (46) مؤسسة وعدد الهيئات (34) هيئة باستثناء هيئات المستشفيات والبالغة (12)
هيئة .
ويعكس الجدول عموماً
تضخم كبير في حجم الجهاز الإداري للدولة ، وتشير البيانات المتاحة أن عدد المجالس
التي يرأسها رئيس الوزراء يبلغ (15) مجلساً.()
وقد أوضحت دراسة الخدمة المدنية انه ينبغي
تخفيض عدد الوزارات إلى (13) وزارة وعدد
الصناديق إلى (3) صناديق، وعدد المجالس إلى أربعة فقط()
وجد الباحثان أن بعض
التكوينات المؤسسية زاد عددها منذ أن تم إعداد دراسة الخدمة المدنية والتوصية
بتخفيضها، مثل المجالس الذي زاد عددها من (20) عام 2006 إلى (31) عام 2012،
الصناديق من (22) عام 2006 إلى (48) صندوق عام 2012.
3-
جمود الهياكل المؤسسية، حيث أن أغلبها لم تٌجرَ له
عملية تحديث ومراجعة وتطوير وفقاً للأساليب التنظيمية والإدارية المتعارف عليها.
وأن أغلب محاولات التطوير السابقة كانت بمثابة اجتهادات من قيادات المؤسسات ذاتها
دون الاستعانة بمستشارين ، كما أنها كانت خارجة عن الأسس الإجرائية والإدارية .
فعلى سبيل المثال : جرى إصدار قرارات رئاسية باستحداث قطاعات وتعيين وكلاء لها في
إطار عملية هيكلية لوزارة الإدارة المحلية عام 2008م خارج علم وزارة الخدمة
المدنية والتأمينات ، وبدون إقرار لائحة تنظيمية مسبقة ومقرة من الأجهزة المعنية (
وزارة الشئون القانونية، وزارة الخدمة المدنية).
4-
تفتقر العديد من الأجهزة
الحكومية للوائح تنظيمية تحدد الاختصاصات والمهام والمسئوليات وخطوط السلطة في
إطار الهياكل القائمة والمطبقة . فعلى سبيل المثال : وزارة التخطيط والتعاون الدولي لا توجد لها
لائحة تنظيمية مقرة وفقاً لهيكلها الحالي.
5-
تعاني أغلب الأجهزة الحكومية ـ إن لم نقل جميعها ـ
من ظاهرة أساسية في هياكلها التنظيمية تتمثل باختلال التوازن في توزيع الوظائف
والأنشطة على المكونات التنظيمية داخل الهيكل ، إلى جانب الخلل في تبعية بعض
المكونات التنظيمية ، النمطية والفنية ، حيث نجدها تتبع مستويات أعلى أو أدنى مما
تحدده معايير التنظيم الإداري .
6-
عدم تحديث وتطوير الهياكل المؤسسية وفقاً لمعايير
التنظيم وطبيعة الأدوار والوظائف والمهام والأنشطة التي تقوم بها الأجهزة الحكومية
وفقاً لاختصاصاتها أدى إلى غياب مكونات تنظيمية داخل هياكلها ، مثل : وظيفة التخطيط
والسياسات، وانعكس ذلك في وجود تنظيمات غير رسمية داخل أجهزة الدولة المختلفة،
وأصبحت تدير أنشطتها خارج الأطر التنظيمية المتعارف عليها (وجد الباحثان أنه في
بعض الأجهزة الحكومية يقوم مدير مكتب المسئول الأول في الجهة بوظائف التخطيط
والسياسات والعلاقات العامة والرقابة والمتابعة.
ب.
اتجاهات التطوير المستقبلية:
تشير إستراتيجية الخدمة المدنية في هدفها
الرئيسي الأول إلى: إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الحكومية وإزالة التكرار والتداخل
والخدمات غير الأساسية.
ويتضمن هذا الهدف التوجه الأساسي للحكومة في
تطوير الهياكل المؤسسية، وقد تم إعداد دراسة حول مراجعة دور ووظيفة الدولة وخرجت
الدراسة إلى تقليص الجهاز الحكومي المركزي إلى (13) وزارة بالإضافة إلى اقتراح عدد
اقل من الأجهزة المركزية الأخرى كما تضمنت الدراسة توصيات بضرورة إعادة النظر في
الهيكل التنظيمي للأجهزة الحكومية.
وبناء على ذلك لم يتم تنفيذ الدراسة آو تحقيق
تقدم ملموس في إعادة هيكلة للجهاز الإداري للدولة، وتم السير في تنفيذ مشروع
للخصخصة لبعض المؤسسات في إطار عملية الإصلاح المؤسسي بدون رؤية واضحة ودراسات
متكاملة ودقيقة.
رابعاً: واقع نظام الخدمة المدنية واتجاهات تطويرها:
سيتناول هذا الجزء
تناول واقع نظام الخدمة المدنية في اليمن خلال الفترة الزمنية من عام 1990إلى2012م
بالإضافة إلى اتجاهات التطوير المستقبلية التي تتبناها الجهات المعنية، وذلك على
النحو التالي:
أ.
الملامح الأساسية لواقع نظام الخدمة المدنية:
من خلال مراجعة بعض التقارير الرسمية
واستطلاع آراء بعض القيادات الإدارية في الجهات المعنية والتي أجراها الباحثين،
فإن الملامح الأساسية لواقع نظام الخدمة المدنية تتحدد فيما يلي :
1- عدم
اكتمال المنظومة الإدارية والمؤسسية للخدمة المدنية بحيث تشكل نظاماً متكاملاً
لإدارة وتنظيم مختلف جوانب الوظيفة العامة بشكل متسق ومتكامل، سواء من حيث
التشريعات المنظمة أو البنية المؤسسية للخدمة المدنية أو القدرات البشرية المعنية
بإدارة النظام في مستوياته المختلفة، وصورة تتوافق مع طبيعة وخصائص نظام الخدمة
المدنية المطبق (النظام المغلق).
2- قصور
واضح في التشريعات القائمة المنظمة للخدمة المدنية، وتبرز أوجه هذا القصور من حيث:
·
عدم اكتمال التشريعات القائمة
من حيث المجالات التي يجب أن تتناولها (الاستقطاب، الاختيار، التعيين، التوصيف، التدريب،الترقية،
التدوير، والإحالة إلى التقاعد... الخ) وكمثال لذلك لا يوجد توصيف للوظائف
العامة،ولا توجد تشريعات منظمة في مجال
التدريب والتأهيل أثناء الخدمة بشكل دقيق.
·
عدم التكامل فيما بين
التشريعات القائمة وبروز بعض جوانب التداخل التي تنعكس في تعثر واختلال في إدارة
الوظيفة العامة.
3- غياب
تام لتشريعات هامة في نظام الخدمة المدينة أبرزها : التشريعات المتعلقة باختيار
وتعيين القيادات الإدارية، ويقتصر الأمر على بعض القرارات العامة بدون وجود
تشريعات متكاملة في هذا الجانب، الأمر الذي أوجد ثغرة واضحة في مجال تعيين
القيادات الإدارية إنعكس في تعيين معظم هذه القيادات بعيداً عن المعايير الدقيقة
والمتعارف عليها.
4- وجود
تشتت،
وتعدد
لمراجع
سياسات
وإجراءات
التوظيف
من
خلال
( 8) قرارات
من
مجلس الوزراء، و(7) قرارات
وزارية،
وتعميمات،
ونماذج
متفرقة
أدى
إلى
تباين
السياسات والتعليمات، والإجراءات
من
قرار
لآخر،
وضعف
إلمام
المعنيين
بمكونات
سياسات التوظيف([21]).
5- لا
توجد
أي
أسس
ومعايير
محددة،
ودقيقة
قابلة
للقياس لعملية احتساب ما
يتم
رصده،
واعتماده
من
وظائف
سنوياً
في
الموازنة
الوظيفية
العامة
إلى جانب غياب نظام تخطيط للقوى العاملة().
6- وجود
ثقافة سائدة في التعين للوظائف القيادية (مدير عام،وكيل مساعد،،وكيل)ترتكز على الاختيار
الشخصي أوالحزبي والمناطقي، ولا تمر عبر الإجراءات الرسمية لها.مثال ذلك: تعيينات
في مناصب وكلاء، ووكلاء مساعدين للمحافظات حيث تجاوز العدد في معظم المحافظات
(عشرة وكلاء) مع أن الهياكل التنظيمية للمحافظات لا تحتمل أكثر من ثلاثة وكلاء
وفقاً للوائح النافذة.
7- تغليب
القرار السياسي والاجتماعي على القرار الإداري في التعامل مع قضايا الخدمة المدنية،
مثال ذلك: توظيف (60 ألف) موظف بدون وجود دراسة لاحتياجاتهم،وجود أكثر من كادر
وظيفي في هيكل المرتبات والأجور مخالفاً لاستراتيجية الأجور المطبقة.
8- وجود
اختلال في تركيبة الموارد البشرية في إطار نظام الخدمة المدنية من حيث خصائصها
مثال ذلك: أن (20%) فقط من إجمالي الموارد
البشرية في الجهاز الإداري للدولة هم من حملة الشهادات الجامعية،بالإضافة إلى خلل
في توزيع تلك الموارد على المؤسسات سواء المركزية أو المحلية.مثال ذلك: تعاني المحافظات
النائية من ندرة في المدرسيين والأطباء في حين أن المؤسسات من مراكز المحافظات
والمدن الثانوية تكتظ بالكوادر ولديها فائض يزيد عن حاجتها من هذه الموارد وينطبق
الأمر ذاته على توزيع الموارد البشرية وفقاً للتخصصات.
9- وجود
اختلال واضح في الجانب التنظيمي والمؤسسي والبشري في إدارات الموارد البشرية في
مختلف الأجهزة الإدارية للدولة وعلى مستوى المحافظات، ويبرز ذلك بدرجة أساسية في
عدم وجود هيكل تنظيمي حديث ولوائح وأنظمة عمل محددة لعمل هذه الإدارات، إلى جانب
ضعف البنية المادية وتجهيزات العمل، والكوادر العاملة في هذه الإدارات.
10- بينت
جميع
تقارير
التقييم
لمستوى
التنفيذ
للموازنة
الوظيفية
التي
تعد
سنويا
من
قبل
الوزارة
بغياب
تعاون معظم وحدات الخدمة
العامة،
وكذلك
العاملين
لما
يمكن
الوزارة
من
القيام
بتنفيذ
سياسة
التوظيف بصورة سليمة([23]).
11- خلل
في وضع وتطبيق هيكل أجور موحَد ومتكامل
ودقيق ،حيث أن إستراتيجية الأجور التي وضعت وطبقت مازالت تبرز فيها من حين
لآخر اختلالات تدفع النقابات والموظفين إلى القيام بإضرابات لتحسين أوضاعهم وتسوية
أجورهم بشكل عادل.
اتجاهات التطوير المستقبلية:
تتحدد اتجاهات التطوير المستقبلية لمنظومة
الخدمة المدنية من خلال استراتيجية الخدمة المدنية التي مازالت قيد التنفيذ ولم
تحقق الكثير من أهدافها، ويمكن إيجاز هذه التوجهات في إطار الإستراتيجية المرتبطة
بنظام الخدمة المدنية باستثناء توجهات
الإستراتيجية التي تعنى بالجوانب المؤسسية -وذلك على النحو التالي:
v تحديث وتطوير إدارة
الموارد البشرية وإعادة هيكلة نظام التوظيف العام لتأسيس معايير مهنية والمحافظة
عليها بواسطة عمل نظام إدارة واضح للأفراد يغطي التوظيف والترقية وتحديد الرواتب
ورسم المهام والمسئوليات.
v تأسيس رقابة فاعلة حول
مستويات التوظيف وإعادة التوزيع أو إنهاء الخدمة.
v تحسين نظام الأجور
والمرتبات.
v بناء القدرة المؤسسية.
وعند وضع الإطار العام لمشروع
إستراتيجية تحديث الخدمة المدنية وخطة طريقة العمل وإعادة التنظيم، تم تقسيم أهداف
الإستراتيجية إلى ثلاث أهداف رئيسية يتضمن كل هدف مجموعة من الأهداف الفرعية كما
يبينها الجدول التالي:
· تنظيم
وترشيد الحكومة، ويشمل:
-
إعادة تنظيم الخدمة المدنية
· بناء
وتنمية الإمكانات المؤسسية، ويشمل:
-
تقوية مؤسسات التدريب.
-
التدريب الإداري.
-
التدريب الفني والوظيفي
· تنفيذ
السياسات والأنظمة لتقوية الأنظمة الأساسية، ويشمل :
-
أنظمة إدارة الموارد البشرية.
-
نظام معلومات الإدارة
المالية والمعلوماتية
-
نظم
إدارة المعلومات.
المبحث الرابع
النتائج والتوصيات
أولا: النتائج:
خلصت الدراسة إلى عدد
من النتائج، وذلك على النحو التالي:
1-
بروز اختلال
كبير في إدارة عمليات السياسات العامة نتج بشكل أساسي من ضعف مستوى الوعي لدى
القيادات الإدارية في التعامل المنهجي مع السياسات العامة وانعكس في عدم وضعها في أولويات
الإصلاح ببرامج الإصلاح الإداري، الأمر الذي أفرز تضارب وعشوائية في تنظيم وإدارة
السياسات العامة وجعل من إمكانية ترتيب أولويات السياسات العامة مسألةً غاية في الصعوبة.
2-
غياب تام لأي توجهات لدى الحكومة في تطوير منظومة
السياسات العامة بشكل علمي ومنهجي مركز وواضح
كما هو متعارف عليه في علم الإدارة العامة، وكل ما هو متاح عبارة عن توجهات
بسيطة في إطار قضايا فرعية تم إقحام السياسات فيها بصورة غير مدروسة وغير مركزة، الأمر
الذي يعني استمرار التخطيط والعشوائية وغياب التوجه العلمي والمنهجي الواضح في
عملية تطوير السياسات العامة.
3-
على الرغم من التوجهات الواضحة في إطار مشروع تحديث
الخدمة المدنية لإعادة تحديد دور ووظائف الدولة وما يتطلبه من تطوير للبنى
المؤسسية وإعادة هيكلة أجهزة الدولة إلا أن جهود إعادة الهيكلة ظلت في إطار إعداد
الدراسات والوثائق ولم تنتقل عملية الهيكلة للأجهزة الإدارية للدولة إلى واقع
التطبيق إلا في إطار محدود، بل وزادت عشوائية التعامل مع إعادة هيكلة المؤسسات إلى
اجتهادات شخصية وانعكست في استحداث مكونات تنظيمية في أجهزة الدولة، في إطار
المحسوبيات والاسترضاء السياسي والمناطقي وبدون دراسات جادة لمعرفة مدى الحاجة
لاستحداث تلك التكوينات التنظيمية، بل يتم ذلك في ظل تغييب لدور الخدمة المدنية
وتجاوز صلاحيتها عبر قرارات عليا.
4-
وجود اختلالات كبيرة في منظومة الخدمة المدنية سواء
في المنظومة التشريعية أو في الإجراءات ومختلف السياسات الإدارية.
5-
إستمرار الاختلال القائم في إجراءات اختيار وتعيين
القيادات الإدارية دون الالتزام بأي معايير أو العودة إلى الخدمة المدنية في تقنين
هذه الإجراءات مع تكامل منظومة هذه الإجراءات ابتداء بالاختيار والتعيين على أساس
الجدارة، ومرورا بالتأهيل في برامج نوعية للقيادات الجديدة، كل ذلك يفضي إلى فجوة
كبيرة في الإدارة نتيجة تغييب الكوادر النوعية من خلال تعيينات غير مدروسة
وبالتالي ضياع الخبرات المؤسسية وتحجيم دورها إفساحا لقيادات سياسية لا تمتلك
الخبرات الإدارية الكافية، مما أدى ويؤدي وسيؤدي إلى تنامي الاختلالات وتراكم
العشوائية وانهيار منظومة الإدارة.
6-
أن استراتيجية الخدمة المدنية والتي تتضمن توجهات
للإصلاح الإداري لم تعد ملائمة، فهي لم تتضمن محاور هامة في إطار المكونات الثلاثة
(السياسات، والبنى المؤسسية، والخدمة المدنية) كالتجارب المماثلة، ولذا فإن هناك حاجة
ملحة لإعادة دراسة الواقع الراهن وتحديد توجهات استراتيجية جديدة تغطي فجوة
التطوير المستقبلي للإدارة العامة، وبما يتلاءم مع توجهات بناء الدولة المدنية
الحديثة، والاحتكام إلى أسس الحكم الرشيد وفي اطار المكونات الرئيسية الثلاثة
المشار إليها سابقاً.
ثانياً: التوصيات:
تتلخص أبرز التوصيات
التي توصلت إليها هذه الدراسة في الآتي:
1-
بناء وتطوير
منظومة متكاملة لإدارة عمليات السياسة العامة على أسس علمية ومنهجية تستند على إيجاد
وعي واسع لدى القيادات الإدارية في مجال السياسات العامة وفي مختلف المستويات
الإدارية .
2-
وضع السياسات العامة أولى أولويات توجهات الإصلاح الإداري
في اليمن خلال المرحلة القادمة، وعلى وجه التحديد، بُعيد انتهاء المرحلة الانتقالية
في فبراير2014م.
3-
إيقاف الممارسات العشوائية وغير المدروسة في التعامل
مع تطوير الهياكل المؤسسية إلى حين إيجاد رؤية شاملة ومتكاملة تضمن معها نجاح
عملية التطوير المنشودة.
4-
إعادة النظر في استراتيجية الخدمة المدنية بحيث يتم إعداد
دراسات شاملة ومتكاملة للواقع الراهن للإدارة العامة في اليمن على أساس المكونات الأساسية
والفرعية لها، وبالتالي وضع استراتيجية للإصلاح الإداري الشامل وفقاً لمنطلقات مفهوم
التنمية الإدارية المستدامة وليس إصلاح الخدمة المدنية فقط.
5-
منع التأثيرات السياسية والحزبية والمناطقية
والجهوية من التأثير في القرارات الإدارية والفنية، وذلك من خلال وضع المعايير
الكفاءة والنزاهة والقدرات والمهارات والخبرات والمؤهلات العلمية كشروط أساسية
فيمن يتم تعيينهم في المناصب الإدارية العليا والوسطية في مختلف المؤسسات والأجهزة
الحكومية ووفقا ًلإجراءات واضحة ومحددة وعبر الأطر المؤسسية المعنية، وبعيدا ً عن
تلك التأثيرات.
6-
الاهتمام بتطوير منظومة خدمة مدنية تسمو على المحاصصة
والتقاسم والاسترضاء، وتغليب الأسس الإدارية والعلمية والفنية على القرار السياسي
المحض.
7-
العمل على تطوير الإدارة العامة من خلال ثلاث
منظومات متكاملة ومتناسقة، هي: منظومة السياسات العامة، ومنظومة البنى المؤسسية
ومنظومة الخدمة المدنية.
8-
إعداد دراسات تفصيلية لكل مكون من مكونات الإدارة
العامة تثري عملية تشخيص واقع الإدارة العامة في إطارها الكلي.
المراجع:
3)
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دليل المستخدمين لقياس أداء الإدارة العامة، ، 2009م.
4)
خالد محسن الاكوع، دليل إعداد مشروع البرنامج الوطني
للحكم المحلي ، 2010.
8) لبيب
شائف، برنامج إصلاح الخدمة المدمية في الجمهورية اليمنية- دراسة تقييميه، مركز تطوير الإدارة العامة،2009م.
10)
مشروع استجابة- وكالة التنمية الأمريكية، تقرير
نتائج البرنامج التدريبي الذي استهدف 350 قائد إداري في مجال السياسات العامة
والذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالتعاون مع مشروع استجابة التابع
لوكالة التنمية الإدارية إبريل 2012.
11)
نبيل
شمسان، تجربة الجمهورية اليمنية في التنمية الإدارية، تجارب التنمية والإصلاح
الإداري في الوطن العربي، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، البحرين، 24-25- مايو
2004.
قائمة بأسماء المبحوثين الذين تم استطلاع
آرائهم حول ابرز ملامح واقع الإدارة العامة في اليمن
م
|
الاسم
|
الصفة
|
1
|
أ.د خالد محسن الاكوع
|
أستاذ السياسة العامة - مدير مركز
تطوير الإدارة العامة -جامعة صنعاء
|
2
|
د. يحي محمد المطهر
|
أستاذ الإدارة العامة - إدارة الموارد
البشرية - جامعة صنعاء
|
3
|
عدنان محمد عبد الجبار
|
رئيس الوحدة الفنية للقوى العاملة – وزارة
الخدمة المدنية
|
4
|
أمين محمد عبد الله المقطري
|
وكيل وزارة الإدارة المحلية
|
5
|
خالد صالح العبيدي
|
وكيل محافظة عمران للشئون الفنية - متخصص
في السياسة العامة
|
6
|
يحي محمد المحاقري
|
مدير عام السياسات بوزارة الخدمة المدنية
|
7
|
صادق طاهر الحميري
|
مدير عام خدمات المعلومات – المركز الوطني
للمعلومات – متخصص في الإدارة الالكترونية
|
8
|
توفيق محمد جابر
|
مدير عام مشروع نظام معلومات المشتريات
الحكومية- الهيئة العليا للرقابة على المناقصات
|
9
|
جميل
الغيثي
|
مدير عام مركز بناء القدرات – الأمانة
العامة لمجلس الوزراء.
|
10
|
عبد الوهاب الجنيد
|
المستشار الإداري ب وزارة التربية
والتعليم
|
([1]) دليل المستخدمين
لقياس
أداء الإدارة العامة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،
2009م، ص3 ، (بتصرف).
([2]) خالد محسن الاكوع، دليل إعداد مشروع البرنامج
الوطني للحكم المحلي ، 2010، ص21-22، (بتصرف).
() لبيب شائف، برنامج إصلاح الخدمة المدمية
في الجمهورية اليمنية- دراسة تقييميه، مركز
تطوير الإدارة العامة،2009م،ص 25-26 .
() تقرير نتائج البرنامج التدريبي الذي استهدف (350)
قائد إداري في مجال السياسات العامة والذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الوزراء
بالتعاون مع مشروع استجابة التابع لوكالة التنمية الإدارية إبريل 02012ص6.